لم تكن قد مرّت سوى عشرة أيام على استهداف الجيش المصري، في حاجز كرم القواديس الأمني في محافظة شمال سيناء، حتى انطلقت تنبؤات بشنّ مجموعات مسلّحة عمليات ضدّ قوات الجيش. ولم يقف الأمر عند هذه التنبؤات، لكنّه امتدّ ليشمل تفاصيل دقيقة حول أماكن عمليات المجموعات المسلّحة، وسط تحذيرات شديدة لقوات الجيش والأمن في سيناء.
ويرى خبراء وسياسيون أنّ تنبؤات شخصيّات وخبراء موالين للنظام المصري تثير علامات استفهام حول حقيقة دور هؤلاء الخبراء، متسائلين عن مصادر المعلومات حول نيّة مجموعات مسلّحة شنّ هجوم على قوات الجيش في سيناء.
ويعتبر بعضهم أن هناك توجهاً لدى النظام المصري بالترويج لهذه السيناريوهات، لتقليل الضغط على الجيش وتبرير الانتهاكات ضدّ أهالي سيناء من قتل واعتقالات وتعذيب وتهجيرهم من منازلهم. ويرى الخبير العسكري اللواء عادل سليمان، أنّ مثل تلك التنبؤات تثير علامات استفهام كثيرة حول المعلومات التي حصل عليها هؤلاء الذين يُطلق عليهم "خبراء"، مؤكداً أن مثل هذه المعلومات لا تتوافر إلا لدى أجهزة الأمن والاستخبارات.
ويشير سليمان في حديث لـ"العربي الجديد"، الى أنّ "هؤلاء الخبراء لا يفهمون بشكل كبير الدور المنوط بهم، وهو التحليل والتعليق على حدث جرى وليس إعطاء معلومات مستقبلية حول أحداث مُتوقع حدوثها". ويلفت إلى وجود اتجاه لدى هؤلاء الخبراء والإعلاميين إلى الترويج والدفع بهذه المعلومات لاستنفار الشعب والرأي العام خلف القوات المسلّحة والنظام الحاكم.
ويعتبر سليمان أنّ "غياب الشفافية مسوّغ لمثل هؤلاء الخبراء للتحدث كيفما يشاؤون، مع عدم توافر معلومات من مصادرها الأصلية وهي أجهزة الاستخبارات"، لافتاً الى أنّ "هذه الأجهزة لا تعطي معلومات دقيقة عن تنفيذ عمليات، أو تسرّب معلومات حصلت عليها". ويطالب المتحدث الرسمي باسم القوات المسلّحة بإصدار بيان يومي بحقيقة الأوضاع في سيناء، وإلى أي درجة وصلت العمليات في القضاء على المجموعات المسلحة هناك.
ولا يختلف موقف الخبير العسكري العميد صفوت الزيات، عن سليمان، إذ يعتبر أنّ الحديث عن عمليات مقبلة ضد الجيش أمر متوقع، ولكن ما يثير التعجب هو زيادة الحديث عن هذا الأمر في مواقيت متقاربة، فلم يظهر الأمر عقب حادث سيناء الأخير في كرم القواديس، ولكنه بدأ بعده بعدة أيام.
ويقول الزيات، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ "الذين يظهرون في مختلف وسائل الإعلام على أنّهم خبراء استراتيجيون ليس لهم علاقة بهذا المجال، لأن الأمر والتحليل يحتاج لدراسات ورؤية، وهو ليس متوفراً لدى هؤلاء، وهم يتحدثون بغير علم".
ويؤكّد أنّ "حدوث تفجيرات أو استهداف لقوات الجيش أو الشرطة، يُعدّ مناخاً جيداً لهؤلاء ينشطون به، ويكفي لهم لإظهار ولائهم للنظام الحالي"، معتبراً أن هذا الأمر "يثير الريبة، خصوصاً أننا لا نعلم من أين حصل هؤلاء الخبراء على معلومات تفيد بشن هجمات على قوات الجيش في سيناء".
أما القيادي في تحالف "دعم الشرعيّة"، هشام كمال، فيعتبر أنّ الخبراء كافة، الذين يظهرون في مختلف وسائل الإعلام، ينفّذون أوامر تأتي إليهم من الأجهزة الأمنيّة.
ويعتبر كمال في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ "حديث هؤلاء الخبراء عن تنفيذ عمليّات ضدّ الجيش في سيناء، يكون تمهيداً لحملة شعواء يقودها الجيش ضدّ المدنيين خلال الفترة المقبلة، وهو ما نلحظه بشدة خلال الفترة الحالية، من خلال تهجير أهالي سيناء".
ويشير الى أنّ "حديث هؤلاء الخبراء يهدف للتقليل من حدّة الغضب الشعبي والهجوم على الجيش والنظام الحالي، على خلفيّة الانتهاكات في سيناء خلال الفترة الماضية"، مضيفاً أنّ "الهدف أيضاً إعطاء مبررات لقوات الجيش والأمن بأيّ انتهاكات بحقّ أهالي سيناء خلال الفترة المقبلة، فهي خطوة استباقيّة لإطلاق اليد في القيام بعمليات للجيش في سيناء خلال الفترة المقبلة".
ويرى كمال أنّ "الجيش ينفّذ عمليات وانتهاكات بحقّ المدنيين والإعلام، فيما الخبراء يبررّون ويباركون، والمؤسّسات الدينيّة الرسميّة تعطي مسوّغاً شرعياً وفتاوى لتأكيد صحّة ما يحدث في سيناء"، مشيراً الى "فتوى مفتي الديار المصري شوقي علام، الخاصة بجواز إخلاء وتهجير أهالي سيناء من منازلهم لدواعي الأمن القومي، استناداً إلى القاعدة الشرعيّة درء المفاسد".