أدانت "التنسيقية المصرية للحقوق والحريات" ضعف المعالجة الشاملة لتنامي ظاهرة الهجرة غير الشرعية في مصر، واكتفاء السلطات بالحلول الأمنية فقط.
ونقلت المؤسسة الحقوقية في تقرير لها، الأحد، عن أحد القيادات الأمنية، قوله "نحبط ما لا يقل عن 20 واقعة في الشهر، أي بمعدل 240 حادثة في العام؛ بخلاف ما لا يتم الإعلان عنه أو ما صعب ضبطه، ونجم عن هذه الوقائع حالات إلقاء قبض بخلاف الضحايا والقتلى والمصابين". وأضاف المسؤول الأمني "هذا لا يمثل أكثر من 50 % على الحد الأقصى للرحلات التي يتم تنظيمها من محيط بوغاز رشيد، الذي يعد النقطة الأسهل في السفر".
وأكدت القيادة الأمنية بمباحث شرطة رشيد، بالبحيرة، أن "مصر باتت البوابة الأكثر رواجا لخروج السفن المهاجرة".
ودانت "التنسيقية" بحسب تقريرها الذي نشرته على صفحتها الرسمية على "فيسبوك"، "الضعف الشديد من التعامل الحكومي مع تلك الوقائع، خاصة من حيث سرعة الإنقاذ أو تعويض الضحايا، أو حتى العمل على إقامة حوار مجتمعي لحل مشكلات الشباب الذين يقبلون على هذا النوع من الهجرة".
وأرجعت أسباب تنامي الهجرة غير الشرعية إلى "الحالة الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد، خاصة مع تصاعد موجة الغلاء وانعدام التوظيف واتساع رقعة البطالة مع ضعف في الاستثمارات، والتي تعني سد باب العمل في القطاع الخاص بشكل كبير".
وفي 17 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أقرّت مصر قانونا يهدف للحد من الهجرة غير الشرعية لأوروبا، وذلك بعد نحو شهر من مقتل 202 مهاجر انقلب قاربهم في البحر المتوسط بعد انطلاقه من السواحل المصرية.
ويتضمن القانون الذي أُقرّ بموافقة 402 من النواب، عقوبات تصل إلى السجن المؤبد، بالإضافة إلى غرامات مالية قد تصل إلى 500 ألف جنيه (نحو 56 ألف دولار) للمهربين والمنتفعين من الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر. وأعفى القانون المهاجر المُهرَّب من "أي مسؤولية جناية أو مدنية".
كما نص القانون على تشكيل (اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنْع الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر) والتي ستختص بالتنسيق بين سياسات وخطط مكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية، بالإضافة إلى تقديم الرعاية للمهاجرين المهربين وحماية الشهود.
وألزم القانون الحكومة أيضا بتشكيل (صندوق مكافحة الهجرة غير الشرعية وحماية المهاجرين والشهود) والذي سيتولى "تقديم المساعدات المالية للمجني عليهم ممن لحقت بهم أضرار ناجمة عن أي من الجرائم المنصوص عليها" في القانون.
وفي ظل تدهور الأوضاع الأمنية في ليبيا، التي تعد نقطة انطلاق رئيسية للمهاجرين غير الشرعيين إلى أوروبا، وتحديدا سواحل إيطاليا، تزايد استخدام عصابات تهريب البشر للشواطئ المصرية لتكون نقطة انطلاق رحلات إلى إيطاليا أو اليونان.
وبحسب خبراء، فإن القانون الجديد يعالج قشور الأزمة ويترك جذورها، حيث إن جزءا من الأسباب التي تؤدي لهجرة الشباب هو سوء الأحوال الاقتصادية، والأزمة الاقتصادية في تصاعد ومعدلات النمو في انخفاض، وبالتالي فمعدلات النزوح القسري ترتفع.
وكانت عدة دول منحت مصر مساعدات مالية، لتطوير قدراتها على منع الهجرة غير الشرعية، عبر سواحلها إلى أوروبا.
وكان نقيب صيادي كفر الشيخ، شمال مصر، أحمد نصار، قد اقترح إنشاء مصر مركزا احترافيا للتدريب المهني وتعليم اللغات في المحافظات التي تكثر فيها الهجرة غير النظامية لتزويد البلاد الأوروبية بأصحاب المهن والحرف، عبر طرق واتفاقات رسمية، حتى تستفيد منهم أوروبا وأيضا مصر من خلال إدخال العملة الصعبة للبلاد.
وتعتبر مصر، محطة رئيسية لعصابات تهريب المهاجرين غير الشرعيين، إذ تغادر مراكب صيد متهالكة موانئ دمياط أو الإسكندرية وعلى متنها مهاجرون باتجاه إيطاليا أو اليونان، في حين يفضل العديد منهم تقصير مسافة العبور انطلاقا من ليبيا، وتفاقمت الظاهرة، بعد تفجّر الأزمات السياسية في سورية، بجانب تزايد أعداد اللاجئين الأفارقة لمصر كمحطة عبور لأوروبا.
وفي السياق ذاته، نقلت "رويترز" أن 20 مهاجرا على الأقل كانوا يحاولون الوصول إلى أوروبا، غرقوا أمس الأحد في البحر المتوسط قبالة ساحل ليبيا.
كما بلغ عدد القتلى أو المفقودين في البحر المتوسط المنطلقين من ليبيا 666 شخصاً منذ بداية 2017، مقابل أكثر من خمسة آلاف في 2016، بحسب آخر حصيلة للمنظمة الدولية للهجرة. وتمّ إنقاذ أكثر من 27 ألف شخص ونقلهم إلى إيطاليا منذ بداية العام الجاري، وهو ما يُعتبر زيادة كبيرة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وفقاً للمنظمة الدولية للهجرة.