تمييز الغائب

24 ابريل 2016
أرمين فاهراميان/ أرمينيا
+ الخط -

في هذه الساعة من ساعات النهار
حين تُذكّركَ أحاسيسكَ بأنك ابن القمر
ويتخذ حبّكَ شكلا بلا مادة (دفقٌ يضعف ويتسرب) أو لا يتشكل،
تذكّركَ المدينة
أن أزمانَ المحال تبدأ من أجل الحب
أوقاتُ المخدرات التي تحلّ محلّ كل شيء،
وستنفثُ دخان متاعب النهار
سوية مع النهار
لا منفذ للأحاسيس وراءها،
وآمنة جداً،
ومرغوبة مثل جنين لم يولد بعد.

في الفجر تجنّب الأغراب
يمكنكَ أن تحبّ اثنين منهم فجأة أو واحداً، وأولئك الذين يموتون في الأخبار
لن يخففوا صمت ساعة تناول القهوة فجراً.
وعندئذ يبدأ الواقع الكوني
اندفاع التفاهة المضطربة يمزّقُ الشعائر اليومية لتوقعاتك
فتشتهي مواقع جديدة تحكمها أزمانُ الآخرين
وتاريخهم
ولكن، في الوقت نفسه، شيء ما يموتُ فيك، ولا ينعكس
على مرآة أخبار الصباح
ولا تجد عزاءً في احتضاركَ واحتضار الآخرين
بالإضافة إلى الزمن، هناك تدفقاتٌ في أوردتكَ يمكنها أن تتلبث أيضاً
وتتوقف
في الكهف المتجدّد تراقبك مرايا لا وظيفة لها
ولا تريد رؤية نفسها أبداً
رؤى وناظرين بلا وظيفة لهم، قبل القنابل وبعدها
رؤى ورؤى، ورؤى مرة ثانية
من دون أولئك الذين ينظرون ويبصرون
عروش بلا ملوك
وفياتٌ بلا صبّاغي أقمشة
بعثٌ صامت بلا ضجيج
وغير مرئي حتى

تماثيل غسلها المطر
أرواحٌ غسلتها التماثيل
أرواحٌ بلا سادة ولا صمت
ثباتٌ أكثر ثباتاً من الحضور، وديدانٌ جائعة لا أجنحة لها لتهاجر
ولا خيالٌ ليمدّد قافلةً
عندئذ، تولد الجنّياتُ هناك وتزهر متناغمة مع نعاس أشجارٍ في غابات
وتكتمل طبيعة النبتة الصامتة والصافية
ويولد شيء رؤيوي مرة ثانية
ويصبح حقيقياً أكثر، ملحّاً، متحركاً
ويميز الغائب من حدقة عينه.


* Vahe Arsen شاعر أرمني يعمل أستاذ أدب في جامعة يريفان. من مجموعاته الشعرية "دراجة هوائية طائرة" (2003)، و"عودة الآلهة الخضراء" (2007)

** ترجمة: محمد الأسعد


المساهمون