تمثال الحرية وصراع الأنا
الولايات المتحدة التي تتّخذ من تمثال الحرية إلهاً تقدّسه بأفكارها، هي من انتخبت السيد أوباما. وقتها، أيقن العالم أنّها طلقت التمييز والعنصرية طلاقاً بشكلٍ لا رجعة فيه. ولكن، حين اعتلى السيد، دونالد ترامب، إدارتها، عادت العنصرية بوجهها القبيح، تطلُّ من نوافذ قراراته في انتكاسةٍ خطيرةٍ.
وبين طلاق العنصرية بإطلالة السيد أوباما، والانتكاسة بعودة السيد دونالد ترامب، يتبيّن لنا أن المجتمع والحضارة الأميركيين في خطر.
فلأول مرة في التاريخ الأميركي، يأتي رئيس جديدٌ والضمير الأميركي مُنقسِمٌ حول سياساته. بل هناك ولايات تُهدّد بالانفصال. وبدلاً من لملمة ثقة الشعب الأميركي على سياسته، نجده كل يوم يصر على زيادة الانقسام، بانتهاحه سياسة ملؤها العنصرية التي تفوح منها رائحة الكراهية، مُخالفاً الدستور الأميريكي، والقيم الإنسانية، بل لا نذهب بعيداً، إذا ما قلنا بأنّه يخالف الفكرة القيّمة التي قامت عليها الولايات المتحدة ذاتها، ومن ثمّ يهدم جوهر وعقل ما تبقى من ضمير الأمة الأميركة الذي بدأ يتآكل بفعل تسونامي التمحور حول القومية "فكرة الأنا" الذي بدأ يغزو العقل الغربي. وبدا ذلك جلياً حين ابتعدت بريطانيا عن شركائها الأوروبيين، وقد تلحق بها شعوبٌ أخرى.
السيد ترامب يستحق "أوسكار" أكثر الرؤساء الولايات المتحدة إثارة للجدل بين مؤيديه قبل معارضيه، نتيجة سياسته المشبعة بمنطق الغطرسة والربح من دون خسارة، كتاجر سلاح لا يصاحب ولا يصادق إلا من سيجني من ورائه مزيداً من الدولارات.