للوهلة الأولى، يبدو من الصعب فهم قرار رئيسة بلدية باريس آن هيدالغو الإحتفاء بتل أبيب على ضفاف السين وإصرارها على يوم "شاطئ تل أبيب" حتى بعد أن تحول إلى صدام بين مناصري القضية الفلسطينية والمتعصبين لإسرائيل لا علاقة له بحدث ترفيهي، كما بدا صعباً منذ سنة فهم موقف الحكومة الإشتراكية المحابي لإسرائيل في غضون مجزرة غزة.
فعلى الصعيد السياسي، تل أبيب (بالمعايير الغربية نفسها) هي"عاصمة" دولة أبرتهايد تقودها حكومة يمين متطرّف (حتى بالمعايير الإسرائيلية) وهي أبعد ما يكون عن المبادئ الإشتراكية القيمية والإقتصادية. وعلى صعيد القاعدة الإنتخابية، يصوّت الفرنسيون من ذوي الأصول العربية والمسلمة في غالبيتهم العظمى لليسار، في حين يصوت الفرنسيون من حاملي الجنسية الإسرائيلية في غالبيتهم العظمى لليمين.
لكن لو تمعنّا في الأمر عن قرب، فسلوك هيدالغو سيبدو أقل إثارة للدهشة. السياسة في فرنسا تحكمها المعايير المتوسطية التي تعلي من شأن العلاقات الشخصية والزبائنية، وذلك ينطبق بشكل خاص على الحزب الإشتراكي الفرنسي، ذي البعد الأممي والمعتاد على موقع المعارضة، الذي تربطه بحزب العمل الإسرائيلي علاقة عائلية قديمة وعلاقات شخصية راسخة تتعالى على الموقع السياسي.
من جهة أخرى، أمام تبني اليمين الفرنسي الجمهوري لطروحات اليمين المتطرف المعادية لأبناء المهاجرين، وللمسلمين منهم خصوصاً، صار ولاء هؤلاء لليسار مضموناً، في حين صارت أصوات الفرنسيين المتعصبين لإسرائيل تستحق المجازفة.