أعلنت دائرة بيئة محافظة ميسان، التي تبعد 390 كيلومترا جنوب بغداد، عن اكتشاف تلوث إشعاعي خطير في قرية جنوب المحافظة تعود إلى أسلحة محرمة، تحتوي على اليورانيوم المنضب، واستُخدمت خلال حرب 2003 من قبل الولايات المتحدة.
وقال مدير دائرة البيئة العامة في محافظة ميسان، سمير كاظم، لـ "العربي الجديد"، إن الكوادر الفنية رصدت مواد مشعة في قرية صغيرة تعرف باسم "كريمة"، عبارة عن بقايا معدات عسكرية وهياكل سيارات.
وأوضح كاظم أن السلطات البيئية باشرت بحظر الدخول الى منطقة الإشعاع اعتباراً من هذا اليوم، واتخذت اجراءات مشدّدة حيالها استعداداً لرفع المواد المشعة المنتشرة في ثلاثة مواقع من تلك القرية، التي شهدت واحدة من أعنف المعارك بين الجيش العراقي السابق والقوات المحتلة بقيادة الولايات المتحدة عام 2003.
وأضاف: "مع الأسف اكتشفناها متأخرين، بعد أن أُصيب عدد من سكان القرية بأمراض مختلفة".
وقال أحد سكان القرية، ويدعى عبود موسى (45 عاماً)، خلال اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إن "السرطان استشرى بيننا، إضافة الى تشوهات خلقية لمواليد جدد وأخرى غير مفهومة حتى للأطباء. لكن اليوم فقط عرفنا السبب. إنها الولايات المتحدة".
وأوضح أن عددا كبيرا من أبناء القرية، بينهم أطفال، ماتوا بسبب تلك المواد وأضاف:"من بينهم والدتي، التي قال الأطباء حينها إنها مصابة بمرض لا قدرة لنا على علاجه، ويجب نقلها الى خارج البلاد، لكن الوقت لم يمهلها كثيراً، وتوفيت. وكان تشخيص سبب الوفاة سرطان في الجلد وتآكل في العظام".
وقال مختار القرية، ويدعى محمود عبطان، لـ"العربي الجديد"، إن زيارة روتينية لموظفي البيئة دعتنا الى مطالبتهم بكشف عدة مناطق تخرج منها رائحة كريهة، وتسببت بنفوق حيوانات ترعى بالقرب منها، ونفور الناس من الاقتراب منها، حتى بات أهل القرية يقولون إنها مسكونة بالجن، لكن بعد الفحص تبين أن الجن بريء، وقاتلنا أميركا".
وبحسب بيئة المحافظة، فإن قرية "كريمة" تعتبر الموقع الثالث الذي يثبت تلوثه اشعاعياً في ميسان، وسط معالجة بدائية، ورفض أميركي بالمساعدة، على اعتبار أن مساعدتها ستكون بمثابة اعتراف بجرائمها، واستخدامها أسلحة محرمة دولياً في العراق.
ورأى الخبير في شؤون الطاقة، عبدالخالق محمود، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "التلوث الإشعاعي في العراق ينقسم الى قسمين؛ الأول عالي المستوى يمكن اكتشافه بواسطة الأجهزة الالكترونية وهو قليل جداً، والثاني أقل مستوى يصعب اكتشافه وناجم عن مخلفات اليورانيوم المخصب، التي استخدمتها الولايات المتحدة في حربها ضد العراق عام 2003، وهو الأخطر والأكثر فتكاً في البلاد".
وأضاف: "كثيراً ما تحدثنا عن أن فقدان أثر آلاف الجنود العراقيين في الحرب سببه تفحم جثثهم بفعل تلك القنابل المشبعة باليورانيوم، لكن قادة البلاد الجدد، الذين جاؤوا مع الدبابة الأميركية، لم يكونوا مستعدين لإزعاج الولايات المتحدة بقدر ما كانوا حريصين على إرضائها".