باتت تسوية الوضعية القانونية لبعض القنوات التلفزيونية والمحطات الإذاعية التونسية ضرورية، خوفاً من مصير الإغلاق بالقوة العامة. أولى القنوات "نسمة تي في" المملوكة في جزء كبير منها لنبيل القروي، المرشح الرئاسي السابق ورئيس حزب "قلب تونس"، وشقيقه غازي القروي، النائب في مجلس نواب الشعب عن نفس الحزب. بالإضافة إلى قناة "الزيتونة" التي أسسها عضو مجلس شورى حزب "حركة النهضة" أسامة بن سالم وباعها لصديقه سامي الصيد، لأن القانون التونسي يمنع الجمع بين مسؤولية سياسية وإدارة وسيلة إعلامية. أما المحطة الإذاعية المهددة بالغلق فهي إذاعة "القرآن الكريم" المملوكة لرئيس "حزب الرحمة" وعضو مجلس البرلمان عن نفس الحزب، سعيد الجزيري.
في اتصال مع "العربي الجديد"، أكد عضو مجلس الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري (الهايكا)، هشام السنوسي، أن "هاتين القناتين والمحطة الإذاعية لم تسوِّ وضعيتها القانونية، وهو ما يجعل "الهايكا" مدفوعةً إلى إعلام السلطات التونسية بالوضعية القانونية لها، والتي بدورها تقوم بتنفيذ قرار الغلق في حالة عزمها على تطبيق القانون على كل المخالفين".
لكن هل هذه هي وسائل الإعلام فقط المعنية بعدم تسويتها لوضعيتها القانونية؟ السنوسي أوضح أن "قناة "حنبعل تي في" الخاصة معنية هي الأخرى بتسوية ملفها القانوني، وأنّ الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري أمهلتها مدة خمسة عشرة يوماً لتسوية ملفها، وإلا فإنها ستلحقها بقائمة القنوات التلفزيونية غير القانونية، وبالتالي تحيل ملفها إلى السلطات المعنية حتى تطبق عليها القانون مثل بقية القنوات المخالفة".
وطرْح ملف قناة "حنبعل تي في" يعتبر أمراً غير مسبوق، خصوصاً أنّ هذه القناة تُثار حولها الكثير من التساؤلات. فقد أكد مصدر كان يعمل في القناة، رفض ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، أنه تم شراء 49 بالمائة من أسهم قناة "حنبعل" من قبل شركة تركية غير مقيمة في تونس، بمبلغ يقدر بحوالي 50 مليون دينار تونسي (حوالي 17 مليون دولار أميركي)، وهو مبلغ يفوق بكثير قيمتها السوقية، خصوصاً أن الفترة التي تمّ فيها بيع الأسهم من قبل مؤسس القناة، العربي نصرة، كانت فيه تعاني من تراجع كبير في نسب المشاهدة ومن تراجع في عائداتها من الإعلانات التجارية.
وعن الإجراءات القانونية المتبعة عند بيع أسهم قناة تلفزيونية أو محطة إذاعية، بيّن السنوسي أن "هناك نوعين من الإجازات القانونية التي تمنحها "الهايكا"، فبعضها يمنح لأشخاص طبيعيين وبعضها الآخر يمنح لذوات معنوية، أي مؤسسات. لكن "الهايكا" تشترط عند منح الإجازة القانونية أن لا يتمّ بيع أسهم فيها إلا بعد ثلاث سنوات من تاريخ منح الذات الطبيعية أو المعنوية الإجازة القانونية. وحتى عملية التفويت في الأسهم بعد ذلك لا تتمّ إلا بموافقة الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري التي تملك حق رفض العملية". وأشار إلى أنّه لم تتم استشارة "الهايكا" في عملية بيع أسهم قناة "حنبعل تي في"، وبالتالي تصبح غير قانونية.
من ناحية أخرى، أكد المصدر أن هيئة مكافحة الفساد في تونس تلقت منذ سنة ونصف ملف فساد حول عملية بيع قناة "حنبعل"، لكن الهيئة لم تحسم فيه، وقد فسر ذلك بعدم رغبة رئيس هيئة مكافحة الفساد شوقي الطبيب، فتح ملف الفساد في الإعلام التونسي، رغم أن الهيئة لديها الكثير من الملفات. كما أن قناة "حنبعل تي في" لم يتمّ الحسم في ملفها حول ترويع وترهيب التونسيين إبان الثورة التونسية، مما تسبب في سقوط عديد الضحايا.
يذكر أن عدد القنوات التلفزيونية الحائزة على الإجازة القانونية في تونس وفقاً للهايكا يبلغ 11، منها قناتان رسميتان. ويبلغ عدد المحطات الإذاعية 35، منها 11 محطة إذاعية رسمية و7 محطات جمعياتية.