تلعفر... مدينة الحدود الفاصلة بين العرب والأتراك

06 نوفمبر 2016
تلعفر تنتظر الخلاص (حيدر حمداني- فرانس برس)
+ الخط -


تلعفر أو مدينة الخير، كذلك وسادة الشمال العراقي، كلها أسماء، للمدينة التي حافظت على تنوعها القومي منذ قرون طويلة لتتربع على رأس المثلث العربي التركي، حيث العراق وسورية مع تركيا. يبلغ تعداد سكانها نحو 300 ألف نسمة من عرب وتركمان وأكراد، وأضفى هذا التنوع، كما كبيراً من الثقافات والعادات الاجتماعية التي امتزجت وشكلت علامة مميزة بالمدينة العراقية.

تبلغ مساحة تلعفر 4453 كيلومتراً مربعاً، يتكلم غالبيتهم التركمانية وبلهجة خاصة إلى جانب العربية اللغة الرسمية، وتبعد المدينة مسافة 38 كيلومتراً عن الحدود التركية و60 كيلومتراً عن الحدود السورية إلى الغرب من مدينة الموصل عاصمة محافظة نينوى شمالي العراق.

وتتبع مدينة تلعفر ثلاث نواحٍ إدارية هي: زُمار وربيعة والعياضية، تتكون من 78 قرية، 49 منها عربية و29 كردية، ويحدها شرقا قضاء الموصل، وشمالاً قضاء دهوك، وغرباً سنجار، وجنوباً قضاء الحضر وتبعد عن بغداد حوالي 450 كيلومتراً شمالاً، وتتمركز في المثلث الحدودي بين العراق وتركيا وسورية.


مدينة الأسماء 

وصفها ياقوت الحموي في كتابه معجم البلدان بقوله إنها "تل أعفر، ويقال تل يعفر، وقيل إنما أصلها تل الأعفر وهو اسم قلعة وربض، بين سنجار والموصل، وفي وسطه وادٍ فيه نهر جارٍ على تل منفرد حصين، وفي مائها عذوبة وبها نخيل كثيرة يجلب رطبه إلى الموصل"، ويرى أغلب المؤرخين أن تلعفر كلمة مركبة من (تل) و(عفر) وهي تعني (تل التراب) ويرى البعض ان (تلعفر) كلمة مركبة من (تلاد عبرا) الآرامية التي تعني (تل التراب) نسبة إلى لونه. وقال البعض إن أصل الكلمة (تل عفراء) وتعني (تل الغزلان) لكثرة الغزلان التي كانت تتردد على ماء عينها في أسفل الوادي. ومن أسمائها أيضاً تل عثا وتل عشا وتل عبرة ونمت عشتار وقلعة مروان.


تاريخ من الصراع

يرجع تاريخ المدينة إلى العصر الحجري (6000 ق. م)، وفي حوالي منتصف الألف الثاني ق. م أصبحت تلعفر مع سنجار جزء من الدولة الميتانية، وفي العهد الآشوري نمت وتوسعت وبنت قلعتها الأثرية، وكانت تعرف باسم (نمت عشتار) وبعد سقوط نينوى كانت منطقة تلعفر والجزيرة كلها مسرحاً للحروب الطويلة التي جرت زمن الحثيين والأخمينيين والإسكندر وتالياً الرومان الذين جددوا قلعتها. ومع هجرة القبائل من الجزيرة العربية قبل الإسلام إلى العراق والشام، سكن قسم منهم في منطقة الجزيرة وجوار الموصل مثل بني ربيعة، الذين سكنوا جوار تلعفر وسنجار وسميت المنطقة بـ (الربيعة)، وفي صدر الإسلام فتحت منطقة تلعفر كسائر ديار ربيعة ومنطقة الجزيرة في سنة 18 هـ في عهد الخليفة عمر بن الخطاب على يد القائد عياض بن غنم، ثم أصبحت تلعفر في العهد الأموي موطناً للخوارج ومسرحاً للحروب التي جرت بينهم وبين الأمويين، وكان مروان الثاني بن محمد والياً على منطقة الجزيرة، وعندما آلت الخلافة إليه قاد جيشاً للقضاء على فتن الخوارج، وقيل إنه بنى قلعتها فسميت بقلعة مروان.



توسعت تلعفر، وازدهرت في العصر العباسي زمن الخليفة المعتصم بالله ومن بعدهم في عام 447 هـ ـ 1055 م في عهد السلاجقة في زمن أميرها طغرل بك، أحد أمراء السلاجقة، ومن ثم استولى عليها السلطان بدر الدين لؤلؤ، وسكنتها بعض العشائر التركمانية، وفي عام 656 هـ ـ 1258 م دخل هولاكو إلى بغداد وتوجه قائده سميداغو إلى منطقة الموصل وتلعفر وأصبحت بعد ذلك جزءاً من الدولة الإيلخانية، ثم في عام 738 هـ ـ 1328 م جاءت الدولة الجلائرية وحكمت العراق بقيادة الشيخ حسن الجلائري وأصبحت منطقة تلعفر جزءاً منها، حتى جاء القائد تيمورلنك ودخل الموصل عام 796 هـ ـ 1386 م ومرّ من مدينة تلعفر وهناك طريق ما زال موجوداً جنوب تلعفر ويسمى (تيمور يولي) أي طريق تيمور.

في عام 814 هـ ـ 1411 م أصبحت مدينة تلعفر جزءاً مـن دولة قرة قوينلو التركمانية أي (دولة الخروف الأسود) في عهد أميرها محمد قرة يوسف، ولا تزال عشيرة في تلعفر تنتسب إليها، وفي عام 874 هـ /1469 م أصبحت مدينة تلعفر جزءاً من دولة آق قوينلو التركمانية أي (دولة الخروف الأبيض) بقيادة الأمير حسن بك الطويل، وفي عام 914 هـ/1508 م أصبحت تلعفر جزءاً من الدولة الصفوية. وفي عام 941 هـ/1534 م أصبحت المدينة جزءاً من الدولة العثمانية منذ عهد السلطان سليمان باشا هو أول وال عثماني في العراق حتى انسحاب الجيش العثماني من الموصل وتلعفر من دون قتال في عهد الوالي خليل باشا.

واحتلت بريطانيا العراق في عام 1336 هـ/ 1917 م، وسيطروا على الموصل وتلعفر بعد قتال طويل دام ثلاث سنوات أي في عام 1920، زمن تشكيل الحكومة المؤقتة برئاسة السيد عبد الرحمن النقيب، وكانت مدينة تلعفر في عهد الدولة العثمانية مركزاً لناحية تابعة إلى قضاء سنجار، ثم أصبحت قضاءً في نهاية عام 1917، وفي الخامس عشر من يونيو/ حزيران 2014 وقعت معركة بين تنظيم "داعش"، وقوات حكومة العراق أسفرت عن سيطرة "داعش" على المدينة وتهجير سكانها.


معالم المدينة


تشتهر تلعفر بقلعتها الأثرية (قلعة تلعفر)، التي بنيت في العهد الآشوري، تقع القلعة في منتصف المدينة على عين ماء تلعفر التي تتصل بالقلعة عن طريق نفق سري يصل بينهما، وأهمل أمر هذا النفق وبعد الاحتلال البريطاني للمدينة عام 1920 هدم النفق وبنيت غرفة على منبع العين، ووضعت فيها مضخة تدفع الماء إلى القلعة، التي تبلغ مساحتها 28 ألف متر محاطة بأسوار رئيسية وثانوية، ولقد تعرضت القلعة للهدم مرتين: الأولى: سنة 1257هـ / 1841م على يد والي بغداد، إثر ثورة قام بها أهالي المدينة ضده، وكان محمد باشا إينجه بيرقدار، قد احتل القلعة في تلك السنة وأمر بهدمها وهدم جميع الأسوار والقِلاع التي تحيط بالقلعة، والثانية: سنة 1339هـ / 1920م حيث هدمت أسوارها ونقض بابها الرئيسي على يد المحتلين الإنكليز.


عشائر التركمان

من أهم العشائر التركمانية في تلعفر: إيلخانلي، علي ديوه لي، بابالار، بكلر، بقاللي، أق قوينلو، محمد أغالي، قصابلر، خانليلر، حمولي، عجملي، حربو، قوروتلي، موللالي، نفطجي، فرشتشتهر تلعفر بقلعتها الأثرية، التي بنيت في العهد الآشوري، وتقع في وسط المدينة على عين ماء تتصل بالقلعة عن طريق نفق سري.

للمدينة أسماء عدة، وتردد أن أصل التسمية من تل عفراء أي تل الغزلان، ومن أسمائها أيضا تل عبرة وتل عشتار.

غالبية سكان تلعفر من التركمان، وتتبعها ثلاث نواحٍ إدارية تتكون من 78 قرية، 49 منها عربية و29 كردية.هادليلر، علي خان بك، داودلي، همتليلر، وهناك كثير من العشائر التركمانية في منطقة تلعفر وضواحيها ترجع أصولهم إلى أصول السلاجقة والدولة الإيلخانية وقرة قوينلو واق قوينلو والأصول العثمانية.