بعد تعليق الدراسة في مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في قطاع غزّة لنحو أسبوع وحرمان 200 ألف طفل فلسطيني من التعليم، انطلقت الدراسة فيها مجدداً أمس الإثنين وإن غابت البهجة عن هؤلاء الصغار.
وشهد شارع عز الدين القسام ازدحاماً كما جرت العادة في بداية كل عام دراسي، وخصوصاً أنه يضمّ سبع مدارس تابعة للوكالة الأممية. لكن هذه السنة، لن يشعر التلاميذ بالراحة كما في السنوات الماضية، إذ قد يضطر تلميذان أو أكثر إلى تقاسم طاولة واحدة بينما كان لكلّ تلميذ كرسيّه وطاولته.
أحمد الكردي (12 عاماً) في الصف الأول إعدادي، أنهى يومه الدراسي الأول وقد بدا عليه الانزعاج واضحاً، بسبب الازدحام. يخبر أن "المدرّسين كانوا ينظرون إلى التلاميذ بغضب، كأنهم لا يرغبون في إكمال يومهم الأول ولا حتى تعليمنا". يضيف لـ "العربي الجديد": "سمعنا عبر الراديو أنه لن يكون ازدحام في غرف الصفوف، وأنهم سينظمون الجدول".
يحتاج التلاميذ عادة إلى تلقّي تعليمهم بعيداً عن أي أزمة قد تعيق المسيرة التعليمية، بحسب ما يتّفق المعنيون التربويون. في هذا السياق، يقول المرشد النفسي في مدرسة الشاطئ، محمد نايف، لـ "العربي الجديد"، إن "هذا العام يكاد يكون الأصعب على المسيرة التعليمية. ومن الطبيعي ألا يتصرف المدرّس بشكل لائق مع التلاميذ في اليوم الأول بسبب الضغوط التي يتعرض لها من إدارة الأونروا. والوكالة هي التي تتحمل مسؤولية ما يمكن أن يحدث خلال هذا العام الدراسي".
ويشير نايف الذي راح منذ الصباح يتنقّل بين غرف الصفوف، إلى أنه لاحظ "علامات استفهام كثيرة على وجوه التلاميذ، الذين بدوا غير راغبين في الدراسة. هؤلاء اعتادوا الحصول على الطعام والعصائر خلال يومهم الدراسي، إلا أنهم فقدوها بسبب الأزمة المالية الحالية".
اقرأ أيضاً: الأونروا تستأنف الدراسة في موعدها
من جهتهم، توجّه المدرّسون إلى صفوفهم من دون التوقّف عن التفكير في مصيرهم. هم اضطروا إلى العودة إلى المدارس والعمل، بعدما أعلن مجلس أولياء الأمور واتحاد المعلمين العرب التابع للوكالة انطلاق المسيرة التعليمية، على أمل تنفيذ مطالبهم مثلما وعد المفوض العام للأونروا. يقول هنا المدرّس، محمد العربيد، لـ "العربي الجديد": "غلّبنا مصلحة التلاميذ الذين يجب أن يعودوا إلى المدارس على مصالحنا. في الوقت نفسه، ننتظر حلّ مشاكلنا". ويشير إلى أن "عدداً من المدرّسين رفضوا العمل في اليوم الدراسي الأول، إلا أن تدخّل مدراء المدارس جعلهم يعودون عن قرارهم". ويوضح أن "اليوم الأول خلا من الحماسة، ومن غير المستبعد إغلاق المدراس أبوابها من جديد لعدم ثقتها في الوكالة، بعدما اعتادت الحصول على وعود وهمية".
أما رئيس مجلس أولياء الأمور في مدراس الوكالة، عبد الناصر أبو العمرين، فيقول لـ "العربي الجديد" إن "جميع التلاميذ التزموا بالدوام، بعد الاتفاق الذي توصلنا إليه مع إدارة الأونروا مساء أول من أمس، والقاضي بانتظام الدراسة لمدة عشرة أيام فقط. وقد جاء الاتفاق بعد وعود من المفوّض العام بالعمل على حل الأزمة الناجمة عن قراراته الأخيرة المجحفة بحق التلاميذ والموظفين. لكن الترقّب يبقى سيّد الموقف بالنسبة إلى آلاف المعلمين".
ويشير أبو العمرين إلى أنه "خلال الأيام العشرة المقبلة، سوف نعتمد ترتيبات عدّة تتعلق بالدوام المدرسي والتلاميذ وتوزيع القرطاسية، بالإضافة إلى بدء التدريس بحسب الأمكنة المتاحة. وهو ما يسمح للمدرّسين بإتمام العملية الدراسية في كل صف". ويؤكد على أنه "في حال لم يستجب المفوض العام للوكالة لمطالب المجلس والنقابة، سوف نعود إلى الإضراب والاحتجاج".
وكان رئيس الاتحاد سهيل الهندي قد أعلن في مؤتمر صحافي في غزّة عقب اجتماع مع إدارة الأونروا بمشاركة مجلس أولياء أمور التلاميذ، إمهال الوكالة عشرة أيام لإجراء مفاوضات بهدف نزع فتيل الأزمة. وأشار إلى أن المفوض العام للوكالة بيير كرينبول سوف يزور القطاع في التاسع من سبتمبر/أيلول، مؤكداً أنهم سيواصلون المفاوضات حتى سحب قرار تجميد الإجازات للموظفين من دون راتب.
وكانت بداية العام الدراسي في مدارس الأونروا في قطاع غزّة قد عُلّقت بعد يوم واحد من إعلان انطلاقها في 24 أغسطس/ آب المنصرم، إذ علّق مجلس اتحاد أولياء الأمور في تلك المدارس الدوام احتجاجاً على قرار الوكالة بزيادة عدد التلاميذ في الفصل الدراسي الواحد من 38 إلى 50 تلميذاً، بحسب الاتحاد. لكن الوكالة نفت ذلك، قائلة إن الزيادة لن تتعدى ثلاثة تلاميذ في كل فصل دراسي.
اقرأ أيضاً: تلاميذ غزّة لم يعودوا إلى مدارس الأونروا