تلاميذ الكويت متعدّدو اللهجات

20 مارس 2015
يعتبر معظم الأهالي مثل هذا الاختلاط إيجابياً (فليكر)
+ الخط -

تضحك نوف، ابنة السنوات الست، وهي تخبر والدتها بأنّ صديقها المصري يقول عن الدجاجة "فرخة"، وعن الفم "بؤ"، وعن الفتاة "عروسة". هو صديقها المفضل، لكنّ لهجته تُضحكها، ولو من دون قصد. تتعلم المصرية منه، ويتعلم لهجتها الكويتية التي لا يفهمها في كثير من الأحيان، فتضطر إلى تفسير الكلمة له بالإنجليزية هذه المرة.
من جهتها، تعتبر والدة نوف أنّ اختلاط ابنتها بعدد من الجنسيات، أمر إيجابي، ولا خوف منه، خصوصاً أنّها تعيش في الكويت بلدها الأم.

لكنّ الأمر مختلف لدى والدة هادي، ابن السنوات الخمس. فهي تنزعج عندما يمزج ابنها لهجته اللبنانية مع الأردنية والسورية. تعترف بتعصبها للهجة بلدها، وتعتبر هذا الاختلاط "ضريبة يدفعها اللبناني في بلاد الاغتراب". وبذلك، تفضل أن يتكلم ابنها اللغة الإنجليزية مع أصدقائه في المدرسة، بدلاً من أن يكسب منهم لهجاتهم المختلفة.

بدورها، تتغنى الطفلة بتي (6 سنوات) أمام والدتها باللهجة الكويتية، قائلة "شلونش شخبارش (كيف حالك ما أخبارك)". وتفتخر الوالدة بكون طفلتها تجيد 3 لغات. فهي فيليبينية وزوجها كويتي، فيما تتعلم الطفلة الإنجليزية في المدرسة. وتمزج بتي في كلامها بين تلك اللغات، عدا عن مزجها اللهجات العربية.
من جهته، يعلق أحد أساتذة اللغة العربية، في مدرسة أجنبية خاصة، على هذا الوضع بالقول: "مسألة اندماج الأطفال في المدرسة مع جنسيات وثقافات مختلفة، مسألة حتمية في الكويت". يضيف: "هي تجربة لها فوائد كثيرة، أهمها التربية على التعايش ونبذ العنصرية. أما سلبياتها فتتمثل في أنّ بعض الكويتيين والمغتربين بالغوا في دمج أبنائهم مع غير أبناء ثقافتهم، حتى بات الابن لا يفهم لغة أهله وعاداتهم".

وفي هذا الإطار، ترى والدة الطفل الروماني، كيفين، أنّ "الاختلاط في المدارس مطلوب، ليتعرف الأطفال على ثقافات وعادات الشعوب، فالأجيال الجديدة هي التي ستتلافى أخطاء الانعزال، وستنمّي التآلف الإنساني بين مختلف الجنسيات". وبينما تضحك الوالدة عندما يسألها ابنها عن معنى بعض المصطلحات العربية، فهو ينزعج عندما لا يفهم كلام أصدقائه. ويفضل تعلم الإنجليزية فقط. وبذلك، تستعين والدته بمعلمة خاصة لمساعدته في إتمام واجباته العربية.
في الكويت تتعدد أنظمة المدارس ومناهجها. وتنقسم المدارس بين الحكومية والخاصة العربية أو الأجنبية. وبذلك، يرتبط اختلاط الأطفال بغيرهم من مختلف الجنسيات بالوضع المادي للعائلة. فبعض الأسر الكويتية وعدد كبير من الوافدين ذوي الدخل المحدود يلجأون إلى تسجيل أبنائهم في المدارس الهندية- الإنجليزية، أو الباكستانية- الأميركية. وهي مدارس تستقطب تلاميذ من الجنسيات الكويتية (بنسبة ضئيلة)، والهندية، والباكستانية، واللبنانية، والسورية، وغيرها.

من جهة أخرى، يواجه عدد كبير من الأسر الكويتية مشكلة ارتفاع الأقساط المدرسية في المدارس الأجنبية الخاصة. وقد اعتصم عدد من الأهالي أخيراً أمام مدرسة أبنائهم، احتجاجاً على زيادة مفاجئة في الرسوم المدرسية، اعتباراً من العام المقبل، تبلغ 160 ديناراً (537 دولاراً) عن كلّ تلميذ. وعبّر عدد من أولياء الأمور عن استيائهم الواضح من تلك "المحاولات المستميتة" من جانب المدارس الخاصة العربية والأجنبية، للزيادة. ويشير الأهالي إلى أنّ تلك الخطوة قد تساهم سلباً في زيادة نسبة تسرب التلاميذ من المدارس.
ويقول ولي أمر الطفلة، مريم منصور: "فوجئت بابنتي التلميذة في الصف الرابع الابتدائي تحمل ورقة من إدارة المدرسة تفيد برفع الرسوم الدراسية، ابتداء من العام المقبل". ويعلق على ذلك بالقول: "رسوم المدارس الخاصة زادت عن حدها فعلاً".
من جهتها، ترفض أم محمد أي زيادة، لأنّها "ترهق الأسر ذات الدخل المحدود من الوافدين". وتشير إلى أنّ لديها أربعة أبناء في الابتدائي، وزيادة الرسوم الدراسية سترفع من معاناتها، لأنّ راتب زوجها لا يزيد على 600 دينار (2012 دولاراً) شهرياً. كما تنوّه إلى أنّ معظم الأسر الوافدة ستغادر الكويت نهائياً، إذا تم رفع الرسوم الدراسية أكثر من ذلك.

في المقابل، يلفت أحد أصحاب المدارس العربية إلى أنّ "أيّ زيادة ستكون في حدود إمكانات الأسر المتوسطة الوافدة أو الكويتية". كما يشير إلى أنّ الوضع في المدارس الأجنبية يختلف تماماً عن العربية "فأبناء الطبقة الميسورة هم من يدخلون المدارس الأجنبية، بخلاف المدارس العربية المخصصة لمحدودي الدخل".
دلالات
المساهمون