ويدرس تلاميذ مدرسة الشهيد سحنين بيلدة مديونة بولاية غليزان غربي الجزائر، في ظروف قاسية، إذ تفتقر المؤسسة إلى وسائل التدفئة برغم النداءات التي وجهها الأولياء إلى السلطات، لإمداد المدرسة بمدافئ، خاصة في هذه الفترة التي تشهد فيها المنطقة موجة برد وتساقطات ثلجية، عمقت من مأساة العشرات من التلاميذ الذين يقطعون مسافات تزيد أحيانا عن ثلاثة كيلومترات يومياً مشياً على الأقدام.
ولا يختلف الحال عما هو عليه في مدرسة عبادلي ببلدة عين الكرمة ولاية الطارف قرب الحدود مع تونس، والتي أنشئت منذ عام 1972 ولم تستفد حتى الآن من وسائل التدفئة، ويشتكي التلاميذ من التهميش، خاصة أن المنطقة باردة جداً في فصل الشتاء.
واللافت أن مشكلة التدفئة في المدارس والمؤسسات التعليمية تشمل أيضا العشرات من المؤسسات التربوية التي بنيت حديثا في التجمعات السكانية الجديدة، وهو ما دفع جمعيات أولياء التلاميذ، ومن بينها تنسيقية أولياء التلاميذ في الجزائر، إلى مطالبة الحكومة بإنهاء هذا الوضع، خاصة أن "التلاميذ الصغار أجسامهم لا تتحمل برودة الشتاء ومتابعة الدروس في آن واحد".
وتدعم نقابات التربية هذا الموقف، كون الظروف التي تتسم عليها بعض المدارس بسبب غياب التدفئة، لا تساعد الأساتذة أيضا على تقديم دروسهم في ظروف جيدة، وأفادت نقابة أساتذة التعليم في بيان لها أنّ "الحكومة الجزائرية تتحدث كل موسم دراسي جديد عن أرقام المؤسسات التربوية التي تم تشييدها دون تفكير في وسائل التدريس المهيأة للتلاميذ في مختلف الفصول".
وتعذر على مديري المؤسسات التربوية في العديد من البلديات الجزائرية توفير مدافئ، ما جعلهم يلجؤون إلى استعمال المدافئ القديمة التي تستخدم مادة المازوت في الأقسام الدراسية، خصوصا في الأسابيع الأخيرة التي تشهد موجة صقيع وثلوج منعت العشرات من التلاميذ من الذهاب إلى المدارس، فيما أغلقت عشرات أخرى أبوابها في وجه التلاميذ حتى تجد وزارة التربية الحل بالتنسيق مع مسؤولي البلديات.
ووصف تقرير نشرته الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان المدارس التي يدرس فيها التلاميذ في المناطق الريفية خاصة بأنها "غرف تبريد"، وكشفت أن أكثر من 2300 مؤسسة تعليمية في الجزائر دون تدفئة، وخصوصا في المناطق الداخلية، وهو ما يجعل التلاميذ عرضة للأمراض أو عدم الذهاب للمدارس في فصل الشتاء.
ووجهت الرابطة الحقوقية نداء عاجلا إلى السلطات المركزية والمحلية، بضرورة توفير كل الشروط التي تمكن من دراسة ناجحة للتلاميذ في فصل الشتاء، وحل مشكلة التدفئة في المدارس، وتوفير النقل لتلاميذ المناطق الريفية في المدارس الابتدائية والطور المتوسط الذين يتحملون مشاق السير لمسافات طويلة في أيام البرد.
وحملت وزارة التربية رؤساء البلديات على المستوى الوطني المعنيين بتسيير المؤسسات التربوية، مسؤولية توفير وسائل التدفِئة ووسائل الدراسة والإطعام وصيانة زجاج النوافذ، وتوفير معايير السلامة والأمن في بعض أجهزة التدفئة عند ربطها بالغاز الطبيعي في المؤسسات التربوية على المستوى الوطني، وخاصة المدارس الابتدائية التي تسيرها وزارة التربية لكنها تتبع البلديات من الناحية الإشراف الإداري.
وتعهد وزير الداخلية الجزائري، نور الدين بدوي، بتسوية كل المشاكل المتعلقة بالتدفئة والإطعام المدرسي، وأعلن تخصيص برنامج بتمويل من صندوق التضامن والضمان للجماعات المحلية خاص بالتدفئة بغلاف مالي قدره 120 ألف يورو لاقتناء وتركيب مختلف أنواع أجهزة التدفئة، بالإضافة إلى تخصيص 30 في المائة من المخصص الممنوح لصيانة المدارس الابتدائية من أجل صيانة أجهزة التدفئة.
وأكد وزير الداخلية في ردود سريعة نشرها في اليومين الماضيين على صفحته على "تويتر"، بشأن شكاوى مواطنين وناشطين حول غياب التدفئة في المدارس، خاصة في المناطق النائية والريفية، أنه تم "توجيه تعليمة لمحافظي الولايات بهدف بذل كل الجهد للتوفير المنتظم والدائم للتدفئة المدرسية في جميع المدارس الابتدائية، خاصة تلك الواقعة بالمناطق الريفية والجبلية والمعزولة، ولحسين ظروف تمدرس أبنائنا بما يسمح بالرفع من تحصيلهم البيداغوجي
والتربوي، إلى جانب الاهتمام بمجالي النقل والإطعام المدرسيين".
وأعلنت الحكومة تشكيل 1348 خلية على مستوى البلديات مكلفة بصيانة أجهزة التدفئة، حيث تم استبدال أكثر من 11 ألف جهاز تدفئة بالمازوت إلى التدفئة بغاز البروبان، والتدفئة المركزية.