وكان مجلس النواب قد أقر، يومي الأحد والإثنين الماضيين، ثلاثة تشريعات بشأن اختصاصات "المجلس الأعلى لتنظيم الصحافة والإعلام" و"الهيئة الوطنية للصحافة" و"الهيئة الوطنية للإعلام"، وهو ما تسبب في "غضبة صحافية" وتوقيع أكثر من 400 صحافي نقابي على بيان لرفض هذه القوانين "المشبوهة" التي تفرض مزيدا من القيود على عمل الصحافيين والإعلاميين، وتوقع عقوبات سالبة للحرية في جرائم النشر بالمخالفة للدستور.
وأفاد التكتل، في بيان صادر عنه، اليوم الأربعاء، بأن التشريعات الجديدة توسعت في صلاحيات "المجلس الأعلى للإعلام"، المنصوص عليها في مشروع قانون تنظيم الصحافة والإعلام، إلى خارج إطار المواد المنظمة للقانون، وذلك من خلال إعطائه صلاحية التحكم في الصفحات والمواقع والمدونات الشخصية، متى زاد عدد متابعيها عن 5 آلاف شخص، بالرغم من عدم خضوعها لأحكام القانون.
وأضاف التكتل الذي يضم 16 نائباً من مجموع 595 برلمانياً، أن مواد القوانين الثلاثة غير دستورية، وتتضمن العديد من التعبيرات "المطاطة"، فضلاً عن أنها تتوسع في تجريم حرية الرأي والتعبير، وتنال من حرية الصحافة من خلال عودة الحبس الاحتياطي في جرائم النشر، وهي الضمانة التي وضعها المشرع لتحرير العمل الصحافي من سطوة وتأثير الأجهزة التنفيذية.
وحذّر نواب التكتل من أن نصوص القوانين تفتح الباب أمام "خصخصة" أو بيع المؤسسات الصحافية القومية، أو إغلاقها، وهو ما يهدد بتشريد المئات من الصحافيين، مستشهدين بنص المادة الخامسة من قانون "الهيئة الوطنية للصحافة" التي أعطت الحق للهيئة في إلغاء ودمج المؤسسات والإصدارات الصحافية داخل المؤسسة الواحدة، وهو ما يفتح الباب أمام سيطرة الإعلام الخاص على المجال الصحافي والإعلامي، ويخل من التوازن الذي ممكن أن يحققه استمرار الصحافة القومية، وتعبيرها عن فئات لا تجد من يعبّر عنها.
وشدد التكتل كذلك على أن المواد (5 و10 و19 و29) من قانون "المجلس الأعلى للإعلام" تشكل ردة على الحريات الصحافية، علاوة على مخالفتها نصوص الدستور، باعتبار أنها ترسخ لفلسفة الهيمنة والمصادرة، عبر التوسع في استخدام العبارات المطاطة مثل "مقتضيات الأمن القومي" و"الدفاع عن البلاد" و"معاداة مبادئ الديمقراطية" و"التعصب الجهوي" و"التحريض على مخالفة القانون"، ووضعها كشروط لاستمرار الكيان الصحافي أو الإعلامي، من دون وضع تعريفات واضحة لمقتضيات الأمن القومي، أو الدفاع عن الوطن، بشكل يمهد لاستخدامها بغرض النيل من حرية الصحافة والعمل الصحافي.
وأشار التكتل إلى أن مواد القانون تفتح الباب لتقنين سياسات الحجب بقرارات إدارية، ولأسباب واهية، وإفساح المجال لهيمنة الرأي الواحد، وإقصاء المخالفين في الرأي، من خلال فرض سطوة المجلس الأعلى للإعلام على كل ما ينشر على شبكة الإنترنت بشكل عام، بما فيها الصفحات الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، ومنحه حق اتخاذ إجراءات بشأن حجبها.
وختم التكتل النيابي بالتأكيد أن ما حوته مواد مشاريع القوانين الثلاثة من مواد تنال من حرية الرأي والتعبير "لن يدفع ثمنها الصحافيون وحدهم، بل المجتمع بأسره، لأن الصحافة الحرة هي ضمانة للمجتمع، وناقوس الخطر الذي يكشف مواطن الخلل، ويفتح المجال لعلاجها قبل أن تتفاقم، وهو الأمر الذي ينال من سلامة وأمن المجتمع وتماسك الدولة".