وتطرّقت وسائل الإعلام المغربية في الآونة الأخيرة إلى قصص عدد من المرضى بالصرع أو بأمراض عصبية لا تجد عائلاتهم بُدّاً من تكبيل أرجلهم بالسلاسل الحديدية، حتى لا يؤذوا أنفسهم وغيرهم أيضاً.
ومن قصص هؤلاء المرضى المكبلين بالسلاسل، والذين لم يجدوا الرعاية الطبية بسبب قلة ذات اليد، توجد الشابة سكنية زباطا، في أحد الأحياء الشعبية بمدينة القنيطرة، والتي اضطر والدها المتقاعد إلى ربطها بسلسلة مع جدار البيت، حتى لا تضر نفسها بحركاتها العنيفة أحياناً.
وتعيش الشابة العشرينية على هذه الحالة منذ سنوات، إذ يتم تكبيلها بسلسلة حتى لا تغادر البيت، أو تؤذي نفسها عندما تكون في حالة هيجان نفسي أو عصبي، لكن عندما تكون في حالتها الطبيعية فإنها تتحرك في البيت بشكل عادي.
ويشكو والد سكينة ضيق ذات اليد الذي جعله يلجأ إلى طريقة تكبيل فلذة كبده بسلسلة حتى لا تصاب بسوء، أو تعرض حياة الآخرين للخطر، إذ لم يجد الإمكانات اللازمة التي تتيح له أن يعالج ابنته في المصحات والمستشفيات، مع ما تتطلبه الأدوية من مصاريف كبيرة.
وهناك أيضا عبد اللطيف، 29 عاما، والذي تداولت صحف مغربية قصته المؤسفة، فهو يعيش في كوخ بضواحي العرائش رفقة والده الذي يعمد إلى تكبيله بالسلاسل، من أجل منعه من أكل التراب والأزبال التي يجدها أمامه.
وتعود حالة عبد اللطيف إلى مرض نفسي وعصبي يفقده السيطرة على أعصابه، مصحوباً بتأخر عقلي لم يجد الأب طريقة لعلاجه، خاصة بعد أن تعقدت حالة ابنه الذي لا يتردد في أكل القمامة أو ضرب من يجده أمامه عندما يكون في حالة سيئة.
هذه الحالات الإنسانية المؤسفة وغيرها مما أثير إعلامياً وحقوقياً داخل المجتمع المغربي، يعلق عليها الدكتور محمد قجدار الاختصاصي النفسي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، بأن الأمر يعكس مأساة إنسانية واجتماعية.
ويشرح قجدار أنه لا يوجد منطق أو أي سبب يدفع إلى تكبيل إنسان بسلسلة حديدية للحد من عصبيته أو عدوانيته، مبرزاً أن قصصاً وصوراً مثل هذه الحالات تسيء إلى المجتمع لأنه لم يتحمل مسؤوليته في العناية بهذه الفئة من المرضى.
ولا يلوم المتحدث الأسر الفقيرة التي تكبل أبناءها بالسلاسل الحديدية منعاً لأية حوادث أو أضرار، لأن ذلك فوق طاقتها. لكنه يحمل المسؤولية للمسؤولين عن قطاع الصحة في البلاد، الذين "لم يوفروا لهذه الشريحة العلاج والتطبيب اللازمين".