رفض علماء وخبراء في الاجتماع والأسرة مقترح توثيق عقد الخطوبة في مشروع قانون الأسرة الجديد الذي أعدته النائبة في البرلمان، عبلة الهواري، مشيرين إلى أنّه "مفسدة تقود إلى المحاكم" ومن شأنه زيادة نسب العنوسة في المجتمع
أعلنت النائبة في البرلمان المصري، عبلة الهواري، مؤخراً، عن قرب الانتهاء من إعداد مشروع قانون جديد للأسرة، يتضمّن إعادة تنظيم كل الشؤون الخاصة بها ومشكلاتها، بالإضافة إلى اشتماله على تعريف لعملية "الخطوبة" ووضعه قواعد قانونية لإتمامها وفسخها. بذلك تُنظّم بوثيقة وبعقد مكتوب وموقّع بين الأسرتَين المعنيّتَين، على أن يتضمّن العقد كل التفاصيل الخاصة بمرحلة الخطوبة. ويفرض مشروع القانون عقوبات وتعويضات على فاسخ العقد، سواء أكان الرجل أو المرأة، في حال ألحق الفسخ ضرراً بأيّ منهما. كذلك من شأن هذا المشروع أن ينظّم عملية استرجاع الشبكة والهدايا وكل التفاصيل التي تثير مشاكل كثيرة بين العائلات لعدم وجود تشريع يحكمها.
أرجعت الهواري سبب إعدادها مشروع "تقنين الخطوبة" إلى أنّ "بنات الناس مش لعبة ودخول البيوت أمانة". أضافت أنّ الجميع يرى ويسمع ما يحصل، "ولا يُرضي ربّنا أن يلعب شخص بآخر. فوجود عقد واتفاق موقّعَين من شأنه أن يحدّ من محاولات استغلال البنات في علاقات لا يدفع المخطئ فيها ثمناً لخطئه". وتابعت الهواري في تصريحات صحافية: "أنا عملت مستشارة لرئيس المجلس القومي للمرأة وعملت في المجلس القومي في سوهاج، وقابلت شكاوى لا حصر لها من البنات والأسر حول موضوع الخطوبة والشبكة. وهذا ما يجعلني مدركة أهمية احتياج المجتمع إلى ضوابط كي نحدّ من المشاكل والشجارات التي تصل إلى حدّ الضرب والأقسام بسبب الخطوبة". وقد شدّدت على أنّ مقترحها "لا يخالف الشرع في شيء، لأنّه عقد اتفاق والعقد شريعة المتعاقدين".
مشروع "وفدي"
من جهته، قال المتحدث باسم الهيئة البرلمانية لحزب الوفد، النائب محمد فؤاد، إنّ تقنين الخطوبة "مقترح وفدي" طرحه الحزب من ضمن مشروعه الكامل لقانون الأحوال الشخصية الذي أعلن عنه في منتصف أبريل/ نيسان الماضي وقدّمه للمناقشة في مجلس النواب. وأوضح في تصريحات صحافية أنّ "النائبة عبلة الهواري كانت ترفض مشروع قانون الوفد وتنتقده على الرغم من أنه صاحب المقترح في مواده 40 و41 و42". وعبّر فؤاد عن استغرابه من رفض الهواري دعوة الحزب إلى مناقشة القانون وإبداء وجهة نظرها في مواده وانتقاده وقولها، إنّ فيه ثغرات، لتظهر فجأة في وقت لاحق وتعلن أنّها تعدّ مشروع قانون وتتحدث فيه عن تقنين الخطبة بالأفكار نفسها والرؤية نفسها التي تضمنها مشروع قانون الوفد.
اقــرأ أيضاً
أعلنت النائبة في البرلمان المصري، عبلة الهواري، مؤخراً، عن قرب الانتهاء من إعداد مشروع قانون جديد للأسرة، يتضمّن إعادة تنظيم كل الشؤون الخاصة بها ومشكلاتها، بالإضافة إلى اشتماله على تعريف لعملية "الخطوبة" ووضعه قواعد قانونية لإتمامها وفسخها. بذلك تُنظّم بوثيقة وبعقد مكتوب وموقّع بين الأسرتَين المعنيّتَين، على أن يتضمّن العقد كل التفاصيل الخاصة بمرحلة الخطوبة. ويفرض مشروع القانون عقوبات وتعويضات على فاسخ العقد، سواء أكان الرجل أو المرأة، في حال ألحق الفسخ ضرراً بأيّ منهما. كذلك من شأن هذا المشروع أن ينظّم عملية استرجاع الشبكة والهدايا وكل التفاصيل التي تثير مشاكل كثيرة بين العائلات لعدم وجود تشريع يحكمها.
أرجعت الهواري سبب إعدادها مشروع "تقنين الخطوبة" إلى أنّ "بنات الناس مش لعبة ودخول البيوت أمانة". أضافت أنّ الجميع يرى ويسمع ما يحصل، "ولا يُرضي ربّنا أن يلعب شخص بآخر. فوجود عقد واتفاق موقّعَين من شأنه أن يحدّ من محاولات استغلال البنات في علاقات لا يدفع المخطئ فيها ثمناً لخطئه". وتابعت الهواري في تصريحات صحافية: "أنا عملت مستشارة لرئيس المجلس القومي للمرأة وعملت في المجلس القومي في سوهاج، وقابلت شكاوى لا حصر لها من البنات والأسر حول موضوع الخطوبة والشبكة. وهذا ما يجعلني مدركة أهمية احتياج المجتمع إلى ضوابط كي نحدّ من المشاكل والشجارات التي تصل إلى حدّ الضرب والأقسام بسبب الخطوبة". وقد شدّدت على أنّ مقترحها "لا يخالف الشرع في شيء، لأنّه عقد اتفاق والعقد شريعة المتعاقدين".
مشروع "وفدي"
من جهته، قال المتحدث باسم الهيئة البرلمانية لحزب الوفد، النائب محمد فؤاد، إنّ تقنين الخطوبة "مقترح وفدي" طرحه الحزب من ضمن مشروعه الكامل لقانون الأحوال الشخصية الذي أعلن عنه في منتصف أبريل/ نيسان الماضي وقدّمه للمناقشة في مجلس النواب. وأوضح في تصريحات صحافية أنّ "النائبة عبلة الهواري كانت ترفض مشروع قانون الوفد وتنتقده على الرغم من أنه صاحب المقترح في مواده 40 و41 و42". وعبّر فؤاد عن استغرابه من رفض الهواري دعوة الحزب إلى مناقشة القانون وإبداء وجهة نظرها في مواده وانتقاده وقولها، إنّ فيه ثغرات، لتظهر فجأة في وقت لاحق وتعلن أنّها تعدّ مشروع قانون وتتحدث فيه عن تقنين الخطبة بالأفكار نفسها والرؤية نفسها التي تضمنها مشروع قانون الوفد.
رفض ديني
في السياق، يرفض علماء دين مقترح تقنين الخطوبة الذي قدّمته الهواري، قائلين إنّ "الخطبة ليست عقداً" بل هي "مقدّمة من مقدّمات النكاح" وهي تُعدّ "وعداً بالزواج". ويوضح أستاذ الفقه في جامعة الأزهر، الدكتور سعيد محمود لـ "العربي الجديد" أنّ "الغرض من الخطبة هو التعرّف على خصال وعادات كلّ واحد من الطرفَين وكذلك على عائلة كلّ منهما. فإذا لم يحدث أيّ اتفاق، يحقّ لأيّ واحد منهما فسخ الخطبة من دون أيّ ضرر". يضيف أنّ "اقتراح توثيق الخطوبة لا يتفق ومنطق الشرع، إذ إنّ وضع غرامة مالية يُعَدّ إجحافاً في حق كلّ واحد من الطرفَين، بالتالي سوف يعزف كثيرون من الشباب والشابات عن الإقدام على هذا الأمر".
أمّا الدكتور جاد المولى محمد الحاصل على شهادة دكتوراه في الفقه الإسلامي من جامعة الأزهر، فيقول إنّ "الخطوبة ملزمة للطرفَين ولا يجوز توثيقها، لأنّ لكلّ طرف الحق في فسخها في حال عدم التكيّف مع الطرف الثاني، أو في حال اكتشف أحدهما أيّ عيوب لدى الآخر. فالاستمرار معاً على كراهية من شأنه أن يعصف بالحياة الزوجية مستقبلاً". يضيف محمد أنّ "الأَوْلى بنواب البرلمان الاهتمام برفع المعاناة عن المواطنين ومعالجة أزمات السكن وغلاء المعيشة وتيسير الزواج لا تعسيره بمقترحات لا عائد منها مجتمعياً سوى مزيد من الأزمات".
من جهته، كان المتحدث باسم صندوق المأذونين الشرعيين، إبراهيم علي سليم، قد أكّد أنّ "الخطبة ليست عقداً وإنّما هي وعد بالزواج لا تترتب عليه أيّ أحكام شرعية". وقال في تصريحات صحافية إنّه "لا داعي لتشريع يفتح باب المفاسد بين الأسر في المحاكم". ولفت سليم إلى أنّ المادة 280 من لائحة المحاكم الشرعية التي تتحدث عن استرداد هدايا الخطبة، تأخذ برأي الإمام أبو حنيفة، وهي تنصّ على رد هدايا الخطوبة التي لا تتلف كالذهب إلى الخاطب في حالة فسخ الخطوبة، لأنّها هدية مشروطة بالزواج. وسأل: "عقد الزواج يشترط فيه الإيجاب والقبول والإلزام والشهود والولي. ما هي شروط عقد الخطوبة؟ ومن الذي يحرّر هذا العقد، المأذون أم شخص آخر؟".
قوانين معقّدة
بهدف التعرّف على آراء الناس، استطلعت "العربي الجديد" عدداً من أولياء الأمور الذين رأوا في التقنين "تعقيداً يعرقل الزواج". واتفق كثيرون على أنّ "وليّ أمر الشابة لا يسمح بدخول بيته إلا لمن يثق به من الشباب"، مقللين من مخاوف النائبة الهواري. بالنسبة إلى هؤلاء، فإنّ الخطوبة مجرّد فترة اختبار وجسّ نبض بين المخطوبين وأسرهم، لا يرغبون في تعقيدها بقوانين قد يفرض عليها النظام السياسي رسوماً مالية متزايدة كعادته في الفترة الأخيرة. يُذكر أنّ رسوماً متصاعدة فُرضت على الزواج والطلاق والمواليد والوفيات.
إلى ذلك، يرى أ. س. وهو ناشط معارض للنظام الحاكم في مصر أنّ "المقترح وما سبقه وما يتبعه من مشروعات تطلقها دوائر مقرّبة من (الرئيس المصري عبد الفتاح) السيسي، تستهدف علمنة المجتمع المصري. وقد بدأها السيسي بمقترحه الذي رفضه الأزهر بشدّة، وهو عدم الاعتداد بالطلاق الشفهي". يضيف أنّه "بذلك يهدف إلى بلوغ نظام مدني في إدارة شؤون الأسرة من زواج وطلاق وإثبات نسب وغيرها من الأمور".
في سياق متصل، كان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء قد كشف أنّ معدّل الزواج في مصر بلغ 10.9 حالات زواج لكل ألف من السكان في عام 2016، مع انخفاض في الحضر إلى 10.8 في الألف في مقابل 11 في الألف في الريف. أمّا معدّل الطلاق فبلغ 2.2 حالة طلاق لكل ألف من السكان، مع ثلاثة في الألف في الحضر في مقابل 1.7 في الألف في الريف.
اقــرأ أيضاً
في السياق، يرفض علماء دين مقترح تقنين الخطوبة الذي قدّمته الهواري، قائلين إنّ "الخطبة ليست عقداً" بل هي "مقدّمة من مقدّمات النكاح" وهي تُعدّ "وعداً بالزواج". ويوضح أستاذ الفقه في جامعة الأزهر، الدكتور سعيد محمود لـ "العربي الجديد" أنّ "الغرض من الخطبة هو التعرّف على خصال وعادات كلّ واحد من الطرفَين وكذلك على عائلة كلّ منهما. فإذا لم يحدث أيّ اتفاق، يحقّ لأيّ واحد منهما فسخ الخطبة من دون أيّ ضرر". يضيف أنّ "اقتراح توثيق الخطوبة لا يتفق ومنطق الشرع، إذ إنّ وضع غرامة مالية يُعَدّ إجحافاً في حق كلّ واحد من الطرفَين، بالتالي سوف يعزف كثيرون من الشباب والشابات عن الإقدام على هذا الأمر".
أمّا الدكتور جاد المولى محمد الحاصل على شهادة دكتوراه في الفقه الإسلامي من جامعة الأزهر، فيقول إنّ "الخطوبة ملزمة للطرفَين ولا يجوز توثيقها، لأنّ لكلّ طرف الحق في فسخها في حال عدم التكيّف مع الطرف الثاني، أو في حال اكتشف أحدهما أيّ عيوب لدى الآخر. فالاستمرار معاً على كراهية من شأنه أن يعصف بالحياة الزوجية مستقبلاً". يضيف محمد أنّ "الأَوْلى بنواب البرلمان الاهتمام برفع المعاناة عن المواطنين ومعالجة أزمات السكن وغلاء المعيشة وتيسير الزواج لا تعسيره بمقترحات لا عائد منها مجتمعياً سوى مزيد من الأزمات".
من جهته، كان المتحدث باسم صندوق المأذونين الشرعيين، إبراهيم علي سليم، قد أكّد أنّ "الخطبة ليست عقداً وإنّما هي وعد بالزواج لا تترتب عليه أيّ أحكام شرعية". وقال في تصريحات صحافية إنّه "لا داعي لتشريع يفتح باب المفاسد بين الأسر في المحاكم". ولفت سليم إلى أنّ المادة 280 من لائحة المحاكم الشرعية التي تتحدث عن استرداد هدايا الخطبة، تأخذ برأي الإمام أبو حنيفة، وهي تنصّ على رد هدايا الخطوبة التي لا تتلف كالذهب إلى الخاطب في حالة فسخ الخطوبة، لأنّها هدية مشروطة بالزواج. وسأل: "عقد الزواج يشترط فيه الإيجاب والقبول والإلزام والشهود والولي. ما هي شروط عقد الخطوبة؟ ومن الذي يحرّر هذا العقد، المأذون أم شخص آخر؟".
قوانين معقّدة
بهدف التعرّف على آراء الناس، استطلعت "العربي الجديد" عدداً من أولياء الأمور الذين رأوا في التقنين "تعقيداً يعرقل الزواج". واتفق كثيرون على أنّ "وليّ أمر الشابة لا يسمح بدخول بيته إلا لمن يثق به من الشباب"، مقللين من مخاوف النائبة الهواري. بالنسبة إلى هؤلاء، فإنّ الخطوبة مجرّد فترة اختبار وجسّ نبض بين المخطوبين وأسرهم، لا يرغبون في تعقيدها بقوانين قد يفرض عليها النظام السياسي رسوماً مالية متزايدة كعادته في الفترة الأخيرة. يُذكر أنّ رسوماً متصاعدة فُرضت على الزواج والطلاق والمواليد والوفيات.
إلى ذلك، يرى أ. س. وهو ناشط معارض للنظام الحاكم في مصر أنّ "المقترح وما سبقه وما يتبعه من مشروعات تطلقها دوائر مقرّبة من (الرئيس المصري عبد الفتاح) السيسي، تستهدف علمنة المجتمع المصري. وقد بدأها السيسي بمقترحه الذي رفضه الأزهر بشدّة، وهو عدم الاعتداد بالطلاق الشفهي". يضيف أنّه "بذلك يهدف إلى بلوغ نظام مدني في إدارة شؤون الأسرة من زواج وطلاق وإثبات نسب وغيرها من الأمور".
في سياق متصل، كان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء قد كشف أنّ معدّل الزواج في مصر بلغ 10.9 حالات زواج لكل ألف من السكان في عام 2016، مع انخفاض في الحضر إلى 10.8 في الألف في مقابل 11 في الألف في الريف. أمّا معدّل الطلاق فبلغ 2.2 حالة طلاق لكل ألف من السكان، مع ثلاثة في الألف في الحضر في مقابل 1.7 في الألف في الريف.