كشف تقرير أصدرته منظمة حقوقية عراقية، أمس السبت، عن قيام قاضي تحقيق وضباط في الشرطة العراقية بارتكاب انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان بحق المعتقلين الموجودين في سجن الكوت المركزي، في محافظة واسط جنوب العراق.
وأكد التقرير الذي أصدره مركز بغداد لحقوق الإنسان "أن المعتقلين من النساء والرجال بسجن مديرية الاستخبارات والتحقيقات في مدينة الكوت مركز محافظة واسط، تعرضوا لصور متعددة من الانتهاكات الخطيرة على يد قاضي التحقيق صابر الفهداوي، ومدير مديرية التحقيقات والاستخبارات العقيد حيدر الوحيلي، ومسؤول سجن المديرية النقيب خالد إبراهيم".
وأشار إلى أن الدلائل التي حصل عليها المركز "أكدتها شهادات معتقلين سابقين وحاليين في سجن مديرية الاستخبارات والتحقيقات في مدينة الكوت، إضافة إلى شهادات عدد من عوائل وذوي المعتقلين، وشهادات محامين عراقيين يقبع موكلوهم في سجن مديرية الكوت".
ونقل التقرير صورا من الانتهاكات التي تجري في سجن الكوت، مشيراً إلى "تعرض المعتقلين في السجن للتعذيب المستمر، وسوء المعاملة، وطائفية الضباط والمنتسبين. كما أن من بين المعتقلين مَن لم يحسم قضاة التحقيق قضاياهم، رغم مرور أكثر من خمس سنوات على اعتقالهم، وبينهم شبان مراهقون زُج بهم مع الكبار".
ولفت التقرير إلى أن "كبار السن والمرضى لم يتلقوا الرعاية والعناية الصحية اللازمتين، ويعاني أغلب المعتقلين من اكتظاظ قاعات السجن، وعدم توفر الأفرشة والأغطية الكافية، وعطل مفرغات الهواء مع وجود المرافق الصحية داخل القاعات، ما أدى إلى انتشار أمراض السل والجرب بين المعتقلين".
وأشار أحد المحامين الموكلين بالدفاع عن أحد المعتقلين في سجن الكوت "إن قاضي التحقيق صابر الفهداوي ارتكب انتهاكات ومخالفات ضد المعتقلين، من خلال رفضه تدوين أقوال أي معتقل ما لم يُدل بارتكابه جرائم إرهابية وجنائية"، مضيفا "أن الفهداوي يقرر إعادة التحقيق مع المعتقل، بكتابته هامشا على ملف المعتقل عبارته الشهيرة التعمق بالتحقيق، لزيادة ضغط ضباط التحقيق على المعتقل، لإرغامه على الإدلاء بأقوال عن ضلوعه بارتكاب جرائم إرهابية تؤدي إلى إعدامه لاحقا".
وأكد محامون لمركز بغداد لحقوق الإنسان أنهم تعرضوا للتهديد المباشر وغير المباشر بالقتل أو الاعتقال من ضباط التحقيق في المديرية، إذا استمروا في تبني قضايا موكليهم المعتقلين، أو سعوا إلى إثبات تعرضهم للتعذيب في سجن المديرية، مشيرين إلى أن مسؤول سجن المديرية، النقيب خالد إبراهيم، اعتقل أحد المحامين الشهر الماضي بعد تعذيب موكله، وإرغامه على الإدلاء بشهادة تفيد بضلوع المحامي بارتكاب جرائم إرهابية، ولا يزال المحامي معتقلا.
كما شدد معتقلون من داخل سجن الكوت على "أنهم تعرضوا للتعذيب الجسدي والنفسي وسوء المعاملة خلال فترة احتجازهم بسجن الكوت على يد ضباط التحقيق ومنتسبي المديرية، إضافة إلى اعتقال نسائهم خلال زيارتهن للسجن لعدة ساعات". ونقل عنهم أيضاً "أن النقيب خالد إبراهيم يعذَب عشرات المعتقلين يوميا خلال ساعات الليل، بالجلد وصعقهم بالكهرباء، وإجبارهم على الوقوف لساعات طويلة بغرض انتزاع اعترافاتهم بالقوة".
وشدد مركز بغداد لحقوق الإنسان على "أن التعذيب في السجون العراقية سياسة متبعة وليست تصرفات فردية"، مطالبا "مجلسَ النواب العراقي، خاصة لجنة حقوق الإنسان فيه، والمفوضية العليا لحقوق الإنسان، ومجلس القضاء الأعلى في العراق، ووزارتي العدل والداخلية، بالإسراع في اتخاذ الإجراءات الجدية لإيقاف الانتهاكات البشعة التي يتعرض لها المعتقلون وذووهم ومحاموهم في سجن الكوت".
كما طالب المركز "بعزل القضاة والضباط المتهمين بارتكاب هذه الانتهاكات، وضرورة تقديمهم إلى قضاء عادل ونزيه والتحقيق معهم، لينال من تثبت إدانته منهم جزاءه القانوني".