تقرير حقوقي: تراجع سيادة القانون وانهيار السلطة القضائية الفلسطينية

04 ابريل 2017
تراجع مخيف في سيادة القانون (موقع أمان)
+ الخط -
قال مستشار مجلس إدارة الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة (أمان) لشؤون مكافحة الفساد، عزمي الشعيبي، إن "عام 2016 شهد تراجعاً مخيفاً في سيادة القانون وانهياراً لواقع السلطة القضائية والتأثير على استقلاليتها من داخل السلطة القضائية الفلسطينية نفسها، ما أعاق إصلاحها من الداخل".

واعتبر الشعيبي في تصريحات له حول إطلاق تقرير ائتلاف أمان السنوي التاسع بعنوان "واقع النزاهة ومكافحة الفساد لعام 2016" أن إنشاء المحكمة الدستورية وما رافقه من انتقادات وتأثيرات على عملها كان بمثابة إنهاء للمنفذ الوحيد للمواطن للحصول على العدالة، كونه وصل لقناعة أن السلطة القضائية اليوم مسيطر عليها.

وتطرق مستشار أمان إلى أن استمرار الاحتلال الإسرائيلي وغياب المجلس التشريعي وعدم ممارسة مهمته الرئيسية بالرقابة على الحكومة أبقى جهد أمان متواضعاً في مكافحة الفساد، على الرغم من وجود مجتمع مدني ومجموعة من المخلصين المهتمين بمكافحة الفساد.

وأوضح الشعيبي أنه "بعد أكثر من عشر سنوات على إصدار قانون الكسب غير المشروع وتعديله في عام 2010 ليصبح قانون مكافحة الفساد وإنشاء هيئة مكافحة الفساد لتتولى جهود مكافحة الفساد، فإن الحكومة الفلسطينية تستمر في إلقاء عبء مكافحة الفساد على الهيئة بمفردها كصلاحية ومهمة لها". مشددا على أن المدخل الوحيد لمكافحة الفساد هو خطة وطنية تشاركية بقيادة الحكومة لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد.

وفي ما يتعلق بتخفيض المساعدات والمخصصات الاجتماعية للأسر الفقيرة في الوقت الذي يتقاضى فيه مسؤولون في بعض المؤسسات رواتب خيالية، فإن جهود الحكومة لوقف أو تخفيض الرواتب التي تصل إلى 15 ألف دولار أميركي شهرياً قوبلت بالفشل والإحباط فلم تتوقف الظاهرة خلال عام 2016.



وتطرق الشعيبي إلى رغبة الحكومة الفلسطينية وفشلها في الوقت ذاته في إدارة المال العام في ظل وجود فجوة بين النفقات والإيرادات، والحاجة لردمها عن طريق خفض النفقات وتعزيز الإيرادات.

ودعا بعض المؤسسات العامة التي تدير أموالا عامة إلى ترشيد النفقات وعدم المبالغة في النفقات كسلطة النقد الفلسطينية التي بالغت في بناء مقرها الجديد، كذلك التأمين الصحي الحالي الذي انهار بسبب القرارات الإدارية المتخذة التي حملت وزارة الصحة عبئا كبيرا للإنفاق على التأمين الصحي أكثر من إنفاقها على تحسين الخدمات الصحية، لا حل دون إصدار نظام تأمين صحي شامل جديد مع إلغاء كل القرارات الاستثنائية المتخذة سابقا، كذلك ضرورة ترشيد نفقات الأجهزة الأمنية بإعادة تدوير إعداد بين الأجهزة لصالح الشرطة والضابطة الجمركية.

وأظهر تقرير "أمان" حدوث تطورات إيجابية على نظام النزاهة الوطني وجهود مكافحة الفساد، في مجالات: حوسبة نظام الشكاوى الحكومي، تكثيف الدور الرقابي لديوان الرقابة المالية والإدارية على المؤسسات الخاضعة للرقابة وفقًا للقانون وإعداده سلسة تقارير مهمة تتعلق بأعمال الحكومة والهيئات المحلية والمؤسسات الأهلية.

وقال إن "استمرار الاحتلال الإسرائيلي وتكريس الانقسام بين شطري الوطن في الضفة الغربية وقطاع غزة وغياب المجلس التشريعي وتراجع ثقة المواطنين في أداء السلطة القضائية، وتراجع الوضع الاقتصادي والخدمات العامة لا سيما في قطاع غزة؛ بسبب الحصار وإغلاق معبر رفح لفترات طويلة، أثر على الجهود الضرورية لتعزيز النزاهة والحدّ من الفساد فلسطينياً".

ومن التحديات التي واجهت نظام النزاهة الوطني خلال عام 2016، والتي كان لها الأثر الأكبر في إضعاف منظومة المساءلة والمحاسبة ومكافحة الفساد؛ عدم تطوير الحكومة خطة وطنية شاملة وتشاركية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد، ما أبقى الجهود مبعثرة ومستندة لبعض المبادرات من بعض المؤسسات الرسمية والأهلية.


كذلك واجهت هيئة مكافحة الفساد تحديات تتعلق بالاستقلالية والفاعلية والتدخلات والضغوطات الخارجية، وتراجع دور القضاء وهيبته في المساءلة على الجهات الرسمية، بتأثير من السلطة التنفيذية، ما أدى إلى ضعف سيادة القانون الأمر الذي أفقد المواطنين ثقتهم به.

وأضاف التقرير: في قطاع غزة استمرت مؤسسات التعليم العالي بأزمة تسييس واستقطاب ما بين السلطة الوطنية الفلسطينية في الضفة والسلطة القائمة في غزة بعد قرار حكومة الوفاق الوطني حجب الاعتراف بشهادة جامعة الأقصى في غزة، فضلاً عما شهده عام 2016 من محاولات تقييد دور الإعلام والمجتمع المدني في المساءلة والمحاسبة، واستمرار تعطيل انتخابات الهيئات المحلية.

ولفت إلى أنه من بين تلك التحديات، إضفاء طابع "السرية" على اتفاقيات وقعتها السلطة الوطنية الفلسطينية مع الجانب الإسرائيلي ومع أطراف فلسطينية خلال العام الماضي كاتفاقيات الطاقة والمياه والاتصالات على الرغم من محاولة تسويقها كإنجازات وطنية، ولم تصدر الحكومة الفلسطينية قانون حق الحصول على المعلومات قبل نهاية العام المنصرم دون وجود مسوغ لذلك.

وحثت مؤسسة "أمان"، الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بالإسراع في إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية وتسهيل إجراء الانتخابات المحلية في كافة المناطق الفلسطينية، والمبادرة إلى تشكيل لجنة إصلاح وطنية، خاصة بالقضاء.

وطالبت الحكومة الفلسطينية بإعداد خطة وطنية شاملة وتشاركية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد بأولويات ومسؤوليات واضحة لكل طرف مع إعداد آلية للتنفيذ، فضلاً عن ضرورة نشر جميع الاتفاقات التي توقعها الحكومة نيابة عن الفلسطينيين.

ومن أبرز أشكال الفساد خلال عام 2016 وفق التقرير: إساءة استخدام السلطة، والمساس بالأموال العامة، وإساءة الائتمان، والرشوة، واختلاس المال العام، والواسطة والمحسوبية، وغسيل الأموال، والامتناع عن تنفيذ قرارات قضائية.

وتبعاً لبيانات هيئة مكافحة الفساد الفلسطينية لعام 2016، فإن 290 شكوى وبلاغاً وردت إلى هيئة مكافحة الفساد ضمن الاختصاص القانوني لها، أحالت الهيئة منها ما مجموعه 31 ملفّاً إلى نيابة مكافحة الفساد، في حين بلغ مجموع الأحكام الصادرة عن القضاء الفلسطيني 22 حكمًا قضائيًّا خلال عام 2016، من بينها حكمان لهاربين في قضايا فساد خارج البلاد.