عثر الغواصون
على أشلائنا
نائمةً دون فتنة ودون ليل
في مأمن من المبشّرين بالخبز أو بالقيامة
ملح السماء غطّى صلواتنا فتركناها فوق الماء لتجفّ، كلحمٍ مقدّد، تحت شمس الألم الأفريقيّ الحارّ
كنّا عندما امتدّت يد الغرق إلينا لتنتشلنا من براثن الهواء الأخير
نتشبث بالموتى لنحيا قليلاً
نمسك بأنفاسهم الأخيرة، ونلوّح بها كقماشة حمراء في وجه الحياة لنهيّجها ونتوسّل حبّها وقسوتها
نلبس جلودهم بمساماتها العاكفة بصبر الخطاّطين والنسّاك على امتصاص حبر الأعماق وأوساخ العالم
نلفظ عيونهم العائمة في دمنا ونقذفها إلى الأعلى لكي نرى كيف يولد موتنا غضّاً وحكيماً من رحم مياه عمياء
نتحسّس حنان أعضائهم المتينة التي لم يتلفها الدمع أو الرطوبة المفرطة للعطش
كناّ أسماكاً لقيطة تدسّ خياشيمها في مركب نوح المثقل ببحار طاهرة ومقفلة
وتثقب الأشرعة والشرائع برشاقة وثنيّة لا يثنيها عن إثمها خوف من موت أو طوفان
كانت أسماؤنا تشهق وهي تتراكض كالفئران في مصيدة الوجود الهرمة
وتقفز إلى الماء قبلنا لتنجو،
فهمنا أخيراً لغز الماء
عندما سمعنا أرخميدس أرواحنا يصرخ دون أن يصدقّه أحد:
أعطوني نقطة ثابتة من الألم وسأغرق الكرة الأرضيّة.
* شاعر فلسطيني مقيم في لندن