حذر المركز المصري للحقوق الاقتصادية، اليوم السبت، من عودة الامتيازات الأجنبية مرة أخرى إلى البلاد، بعد سيطرة عدد من الشركات متعددة الجنسيات على مفاصل الاقتصاد المصري، مما يعكس وقوع الاقتصاد تحت قبضة رجال الأعمال الأجانب، خصوصاً بعدما استولت تلك الشركات على60% من قطاع البترول و80% بالنسبة لصناعات الأغذية والدواء والاتصالات والإسمنت والألبان والزيوت و40% من حجم تداولات البورصة المصرية، علاوة على تحريكهم البورصة صعوداً وهبوطاً وفقاً لتحركاتهم البيعية والشرائية.
وبحسب تقرير صادر عن المركز، فإن الشركات متعددة الجنسية تملكت ما نسبته 60% من صناعة الدواجن والسيارات وأغلب السلاسل التجارية وجزء كبير من المصارف والقرى السياحية والفنادق وقطاع الاستثمار العقاري في مصر.
ووفقاً للتقرير، فإن من أهم الشركات الأجنبية المستثمرة في مصر تأتي: مايكروسوفت وجنرال إلكتريك، وبي بي النفطية، وكوكاكولا، وكرايسلر، وفورد، وبريتش بتروليوم. مشيراً إلى أن عدد العلامات التجارية الأجنبية المسجلة داخل السوق المصرية بلغ نحو 28 ألف علامة مقابل 400 علامة مسجلة لشركات محلية، وهو ما يعكس سيطرة أجنبية كبيرة على مفاصل الاقتصاد المصري.
واتهم التقرير "قانون الاستثمار الجديد"، الذي صدر قبل مؤتمر دعم الاقتصاد المصري في مارس/آذار الماضي، بالسماح بهروب آمن للمستثمر الأجنبي والشركات متعددة الجنسيات. مشيراً إلى أن القانون وضع المستثمر الأجنبي بمنأى عن الملاحقة القضائية والجنائية.
وأضاف: "أصبح الفرد داخل الشركة هو من يتحمل الخطأ بمفرده، وتكون العقوبة في صورة غرامة أو إيقاف أو إلغاء ترخيص مزاولة النشاط للفرد فقط، وليس للشركة، كما كان سابقاً، وبذلك يكون القانون قد أتاح فرصة كبيرة للمستثمر الأجنبي للهروب من المسؤولية".
وذكر بأن القانون الجديد منح المستثمر الأجنبي الحق في تغيير أو إلغاء النشاط الاقتصادي دون قيود، كما قام بتقليل الضريبة على الشركات، وألزم الدولة بتحمل نفقات توصيل المرافق والخدمات للمناطق الصناعية.
وأضاف: "التزمت الدولة بتسهيلات جمركية للمستثمرين تصل إلى حد الإعفاء الكلي لفترات معينة، ولم يتضمن أي حقوق للعمال، ولا مجالات الاستثمار أو نوعية المشروعات سواء كانت كثيفة العمالة أو قليلة العمالة، ولا سقف للعمالة الخارجية وعدم اشتراط الشركات متعددة الجنسيات القيام بنقل مهاراتها إلى العمالة المصرية، خلافاً لما يحدث في الصين على سبيل المثال، حيث تشترط الحكومة على الشركات متعددة الجنسيات نقل مهاراتها للعمال الصينيين".
اقرأ أيضاً: تقرير: الشركات متعددة الجنسيات في مصر.. فوق الدولة
ونوه التقرير إلى أن مصر تعيش حالة من التردي اقتصادياً وأمنياً وسياسياً، جعلتها مطمعاً ثميناً للشركات متعددة الجنسيات لإشباع رغباتها التي تتخطى في معظم الأحيان حاجز تحقيق الأرباح والسيطرة على مفاصل الاقتصاد إلى رغبات وأهداف سياسية.
وتابع، إن هناك دولاً أفريقية عانت كثيراً من تلك الشركات بعدما أيقنت أطماعها في اقتصاد بلادها، وقامت بطردها قبل استفحالها، وبأن تلك الشركات تنشط في الدول التي توجد فيها مصالح قابلة للنهب والسرقة، محذراً من تنامي تلك الشركات في مصر خصوصاً في منطقة قناة السويس خلال السنوات المقبلة.
وعن ذلك قال الخبير الاقتصادي الدكتور، صلاح جوده، إن "سيطرة الكيانات الأجنبية المتمثلة في عدد من الشركات تحت مسمى الاستثمار بدون ضوابط تعد كارثة"، مؤكداً أهمية أن يكون للدولة دور في أي عملية استثمارية داخل البلاد.
وأشار إلى أن عدم وجود برلمان لمحاسبة الدولة أعطى صورة سلبية للغاية عن مناخ الاستثمار، وأعطى للحكومة الحق في أن تقوم بعمل أي شيء لعدم وجود من يحاسبها.
وأضاف: "شركة بريتش بيتروليوم البريطانية خير دليل على ما تقوم به الشركات متعددة الجنسية في مصر، التي تقوم بالتنقيب على البترول واستطاعت أن تحصل على حوالي 75% من الغاز المستخرج من دلتا مصر، في حين أن الشركة ذاتها لا تحصل من آبار الغاز التي تتولى إدارتها في دول أخرى إلا على 10% فقط من الغاز المستخرج، متحدية بذلك سيادة القانون وسيادة الدولة".
اقرأ أيضاً: 650 مليون دولار رأسمال صندوق مصر السيادي