تقرير استخباري: السعودية تغاضت عن سفر متطرفين للعراق بهدف التخلص منهم

10 فبراير 2018
السعودية تحتل المرتبة الثانية بأعداد "داعش" (صافين حميد/فرانس برس)
+ الخط -

أعلن مسؤول عراقي رفيع المستوى في بغداد أن تقريراً استخبارياً، صدر أخيراً عن وزارة الدفاع العراقية، يكشف عن تغاضٍ سعودي في الفترة ما بين 2004 ونهاية 2016 عن سفر متطرفين لديها إلى العراق، وعدم تجاوبها مع بغداد بما يتعلق بالإرهابيين السعوديين الداخلين للعراق عبر سورية، أو من خلال الحدود مع السعودية بشكل مباشر عبر صحراء النخيب، جنوب غرب الأنبار. وطلب أعضاء في البرلمان العراقي من الرياض تقديم اعتذار للعراقيين عن آلاف المتطرفين الذين شاركوا في دوامة العنف والإرهاب بالعراق خلال السنوات الماضية.

وحتى الآن لم تصدر السلطات العراقية تقريراً بأعداد وتفاصيل المقاتلين الأجانب الذين قتلوا خلال المواجهات مع القوات العراقية، أو الذين تم اعتقالهم، إلا أن تقريراً صدر عن مؤسسة "صوفان غروب" الأميركية المتخصصة في الأمن الاستراتيجي، منتصف العام الماضي، أظهر احتلال الجنسية السعودية المرتبة الثانية في أعداد مقاتلي تنظيم "داعش" في العراق وسورية، بواقع 2500 مقاتل، سبقتها دول المغرب العربي، تونس والمغرب والجزائر، في المرتبة الأولى، بينما حل الأردن ثالثاً ثم لبنان رابعاً ومصر في المرتبة الخامسة، ودول عربية وغربية أخرى بمراتب لاحقة، أبرزها فرنسا. ووفقاً للمؤسسة، فإن المقاتلين السعوديين مثلوا نحو 20 في المائة من مقاتلي "داعش" في العراق وسورية في العام 2017.

وقال مسؤول عراقي رفيع المستوى في بغداد، لـ"العربي الجديد"، إن "التقرير الخاص الذي يرصد المقاتلين الأجانب في العراق، وهو الأول من نوعه منذ العام 2004، أظهر تراجعاً كبيراً في عددهم، إذ تراجعت نسبة تدفق المتطرفين إلى العراق بشكل كبير في الأشهر الثلاثة الماضية، وعلى العكس هناك هجرة عكسية لمقاتلين من داعش قرروا العودة إلى دولهم في أوروبا ودول عربية مختلفة بعد انكسار التنظيم على يد العراقيين". وأضاف "كان هناك من يدفع الأموال كي يصل إلى العراق ويقاتل، واليوم هناك من يدفع أموال، تصل إلى 10 آلاف (دولار)، كي يخرج منه ويعود إلى بلاده، وهذا تطور مهم، وفقاً لما رصده التقرير". وأكد أن "التقرير اتهم السلطات السعودية، صاحبة أعلى نسبة مقاتلين من مواطنيها في العراق، بالتغاضي عن تسرب المئات من الإرهابيين إلى العراق، وعدم التعاون مع بغداد في ما يتعلق بإخطارها عن أسماء وصور المتطرفين، رغم تلقيها بلاغات من ذوي وعائلات المتطرفين تفيد بأنهم أصبحوا في العراق".

وأشار المسؤول العراقي إلى أن "التقرير يخلص إلى أن الرياض كانت تريد التخلص من المتطرفين والتكفيريين لديها من خلال التغاضي عن سفرهم إلى العراق، كونهم يشكلون أرقاً أمنياً لها". وتابع أن "الحكومة العراقية من غير المرجح أن تتبنى موقفاً مغايراً من السعودية بسبب التقرير، كون المعلومات الواردة فيه تتحدث عن فترة إعادة العلاقات وتبادل السفراء والانفتاح الحاصل بين البلدين خلال الأشهر الثمانية الماضية". وكان التقرير يتحدث، وفقاً للمصدر، عن الفترة ما بين 2004 ونهاية 2016 وتسلل الإرهابيين السعوديين إلى العراق عبر سورية، أو من خلال الحدود مع السعودية بشكل مباشر، عبر صحراء النخيب، جنوب غرب الأنبار.


وما زال العراق يحتفظ بعشرات السعوديين الذين تم اعتقالهم خلال المعارك مع الجماعات الإرهابية أو خلال تجاوزهم الحدود، قسم كبير منهم تم تسلمه من الجيش الأميركي قبيل مغادرته العراق في العام 2011. وقال النائب عن التحالف الوطني الحاكم في العراق، حسن سالم، إن "التقرير العراقي الجديد لا يخالف الواقع، ولم يأت بجديد، فالمعروف أن أغلب الانتحاريين الذين فجروا أنفسهم في العراق يحملون الجنسية السعودية". وأضاف "السعودية حتى الآن لم تعتذر عن ذلك، بل وتحاول أن تتنصل من مسؤوليتها كدولة، وهذا غير صحيح. كإخوة وجيران عليها أن تعتذر وتبدأ صفحة جديدة كي يكون أساس العلاقات صحيحاً". وتابع "للأسف، السعودية كانت تريد التخلص من أي متطرف لديها، فتترك له المجال للسفر إلى العراق أو سورية أو أفغانستان، وأي مكان آخر، ولم تبلغنا كعراقيين ولم تساعدنا كي نتابعه قبل أن يفجر نفسه بيننا"، معتبراً أنه "من المتعذر حالياً إحصاءهم بشكل دقيق، لكنهم بالآلاف".

وقال عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية العراقية، عباس الخزعلي، لـ"العربي الجديد"، إن الخشية السعودية من نجاح العراق ووقوفه مجدداً على قدميه كدولة قوية جرتها إلى اتباع سياسة لم تكن لصالح العراق، بل وساهمت في عزله. وأضاف "كان هناك الكثير من الإرهابيين السعوديين، وكان يمكن للسعودية أن تساعدنا وتكشف عنهم أو تبلغنا أنهم دخلوا أو أن تبذل جهداً لمنعهم من الوصول، لكن بدلاً من ذلك كله بقيت تتفرج طيلة السنوات الماضية"، معتبراً أن "الرياض لم تحسن الخيار في علاقتها مع العراق خلال الفترة الماضية، وحالياً الإدارة الأميركية غيرت سياستها تجاه العراق، وهذا معروف". ويشغل المتطرفون من الجنسية السعودية، في العادة، مناصب شرعية وتنفيذية مختلفة داخل التنظيمات الإرهابية، مثل "القاعدة" ومن بعده "داعش". وعرف منهم قادة بارزون في "داعش"، مثل ناصر القحطاني وعلي الشهري وفيصل المهاجر، الذين قتلوا في العراق أخيراً، وعرفوا بفتاوى التكفير الجماعي للعراقيين وجواز إهدار دمهم، وهو ما تسبب بتنفيذ عشرات العمليات الإرهابية في الأسواق والأماكن العامة أزهقت أرواح العراقيين المدنيين. ومن بين 44 قيادياً في "داعش"، يمثلون الهرم الأعلى في التنظيم، يوجد 23 قيادياً من جنسيات عربية، بينهم ستة يحملون الجنسية السعودية، أبرزهم سعيد الحربي وعبد الرحمن القحطاني ونايف العجمي، الذي يشغل حالياً منصباً "شرعياً" في قيادة التنظيم، وعادل الشمري (أبو أسامة)، مسؤول "ديوان المظالم" في ما يعرف بـ"ولاية الرقة".