وتوقع "مركز يروشليم للاستراتيجية والأمن"، الذي يعد الجنرال يعكوف عامي درور، الرئيس الأسبق لمجلس الأمن القومي كبير الباحثين فيه، أن تواصل الإدارة الأميركية سياسة "الضغط الأقصى" عبر تكثيف العقوبات الاقتصادية الهادفة إلى المس باستقرار نظام الحكم الإيراني.
وفي تقدير موقف صادر عنه، اقتبسته صحيفة "هارتس"، حث المركز صناع القرار في تل أبيب على إعداد إسرائيل لتكون قادرة على المبادرة بشن حرب على "حزب الله" في لبنان، مشدداً على أن التقديرات بشأن مستقبل المواجهة على الجبهة الشمالية "ليست متفائلة".
وفي السياق، ذكرت صحيفة "هارتس" أن إسرائيل أدخلت تغييرات على استراتيجيتها الهادفة إلى منع إيران من التمركز عسكرياً في سورية.
ونوه المعلق العسكري للصحيفة، عاموس هارئيل، إلى أن محاولات إيران الرد على الغارات الإسرائيلية وكثافة النيران التي تطلقها المضادات الجوية السورية ألزمتا جيش الاحتلال بإدخال تعديلات على أنماط سلوكه العسكري في سورية.
وحسب هارئيل، فإنه على الرغم من أن عدد الغارات التي تشنها إسرائيل في سورية تراجع بشكل واضح، إلا أن محاولات إيران التمركز عسكرياً هناك ومواصلة تهريب السلاح لـ"حزب الله" وتصميم إسرائيل على إحباط ذلك يعني أن التصعيد سيتواصل خلال العام المقبل.
وأشار إلى أن القيادة الإسرائيلية تواصل إطلاق التهديدات الهادفة إلى المس بدافعية كل من "حزب الله" وإيران بالمواجهة، مشيراً إلى أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو شدد، أخيراً، على أن الدولة اللبنانية ستدفع "ثمناً باهظاً جداً" في حال سمحت لـ"حزب الله" بالعمل انطلاقاً من أراضيها ضد إسرائيل، في حين هدّد وزير حربه نفتالي بنت بتحويل سورية إلى "فيتنام إيرانية".
وحسب هارئيل، فإن بنت ينطلق من افتراض مفاده أن إيران تبدي حساسية إزاء مقتل قادتها وجنودها في سورية، مما يعني أن تكثيف الضغط العسكري عليها هناك يمكن أن يسهم في دفعها إلى وقف مشروع التمركز العسكري في المنطقة.
ونوه هارئيل إلى أن تجدد المحاولات لتدشين مصانع لإنتاج الصواريخ ذات دقة الإصابة العالية في لبنان تمثل مسوغاً لاندلاع حرب مع "حزب الله".
ولفت إلى أن القيادات السياسية الإسرائيلية تطلق تهديدات أكثر جدية خلال اللقاءات المغلقة التي تعقدها، أخيراً، مع المسؤولين الأجانب الذين يزورون تل أبيب.
وحسب هارئيل، فإن اندلاع مواجهة في الشمال يمكن أن يكون نتاج ثلاثة سيناريوهات: عمليات عسكرية إيرانية في الخليج تهدف إلى جر الولايات المتحدة إلى مفاوضات، الأوضاع الداخلية في كل من لبنان والعراق وإيران، قضايا الفساد التي يواجهها نتنياهو.
ولفت إلى أن نتنياهو الذي لم يبد في الماضي حماساً لشن عمليات عسكرية كبيرة، قد يكون أكثر استعداداً لشن عمليات حالياً بسبب الأزمة الشخصية التي يواجهها، خصوصاً في ظل فشله مرتين في تشكيل حكومة في أعقاب جولتي انتخابات.
وفي السياق، لم يستبعد مركز الأبحاث أن تقوم تل أبيب بتوجيه ضربة عسكرية وقائية ضد "الحوثيين" في اليمن، في ظل التهديدات التي يطلقها قادتها باستهداف المصالح الإسرائيلية.
ولفت "مركز يروشليم لدراسة المجتمع والدولة" إلى أن إسرائيل تخشى أن جماعة الحوثيين تخطط في هذه الأثناء لشن هجوم مفاجئ عليها باستخدام صواريخ ذات دقة إصابة عالية.
وأشار إلى أن الأسطول الأميركي ضبط، أخيراً، سفينة إيرانية تنقل قطعا لتصنيع صواريخ ذات دقة إصابة عالية كانت في طريقها إلى الحوثيين، مشدداً على أن الكشف عن السفينة الإيرانية جاء نتاج التعاون الاستخباري الوثيق بين الولايات المتحدة وإسرائيل.
وأوضح المركز أن امتلاك إسرائيل طائرات متقدمة من طراز "أف 35" يمكنها الوصول إلى أي مكان في الشرق الأوسط وتنفيذ عمليات قصف دون أن يتم اكتشافها، ويمكنها ضرب أهداف الحوثيين في اليمن.
ولفت المركز إلى أن التقديرات السائدة لدى الأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية والأميركية تفيد بأن إيران اتخذت قراراً مبدئياً بضرب أهداف إسرائيلية رداً على الهجمات التي تستهدف سورية والعراق، وأنها تعكف حالياً على التحضير لذلك.
وحسب المركز فإنه لم يكن من سبيل الصدفة أن يكشف رئيس الحكومة الإسرائيلي بنامين نتنياهو خلال لقائه، أخيراً، بوزير الخزانة الأميركي ستيفن منوشين أن الحوثيين حصلوا بالفعل على صواريخ ذات دقة إصابة عالية بهدف استخدامها في عمليات عسكرية ضد إسرائيل.
ونوه إلى أن نتنياهو أضاف أن إيران تعمل على تزويد الحوثيين بصواريخ ذات دقة إصابة عالية يمكن أن تمس الهدف بدقة تتراوح بين 5-10 أمتار فقط، مشيراً إلى أن رئيس الحكومة الإسرائيلية تعمد الكشف عن وجود الصواريخ الدقيقة لكي يدلل على أن إسرائيل لديها معلومات استخبارية دقيقة عما يجري هناك، وأن الأوضاع هناك تحت المراقبة الدائمة.
وأشار إلى أن قادة جماعة الحوثيين هددوا، أخيراً، صراحة باستهداف المصالح الإسرائيلي في البر والبحر.
ونوه المركز إلى أن إسرائيل تتعامل بجدية كبيرة مع التهديدات التي تطلقها قادة جماعة الحوثيين، خصوصاً التهديدات التي أطلقها محمد ناصر العاطفي، وزير الدفاع في حكومة الحوثيين من أن تنظيمه يملك "بنك أهداف إسرائيلية بحرية وبرية"؛ لافتا إلى أن العاطفي برر تهديداته هذه بالزعم أن إسرائيل تشارك في الحرب الدائرة في اليمن.
ولفت إلى أن زعيم الحوثيين في اليمن عبد الملك الحوثي هو من شرع في إطلاق التهديدات ضد إسرائيل، رداً على التهديدات التي أطلقها في وقت سابق نتنياهو.
وتوقع المركز أن تكون التهديدات الحوثية قد جاءت في إطار مخطط إيراني لإعداد الرأي العام العالمي لتحرك عسكري ضد المصالح الإسرائيلية انطلاقاً من اليمن رداً على الغارات التي تنفذها إسرائيل في العراق وسورية.