تقديرات إسرائيلية: ترامب يراهن على السيسي لبناء تحالف إقليمي

03 ابريل 2017
مناورات أميركية-مصرية عام 2001، سمة التحالف بعهد مبارك(نوربرت شيلر/Getty)
+ الخط -
تنظر إسرائيل بأهمية كبيرة إلى الزيارة التي يقوم بها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي حالياً إلى واشنطن، ولا سيما نتائج لقائه يوم الإثنين مع الرئيس دونالد ترامب. وعلى الرغم من أن مستويات صنع القرار السياسي في إسرائيل تلتزم الصمت إزاء هذه الزيارة ونتائجها المرتقبة، إلا أن أوساط التقدير الاستراتيجي الأكثر ارتباطاً بحكومة بنيامين نتنياهو حثّت إدارة ترامب على صياغة السياسة الخارجية الأميركية بشكل يفضي إلى استنفاد الطاقة الكامنة في وجود نظام الحكم الذي يقوده السيسي والتخلص من إرث السياسة الخارجية التي اتبعها الرئيس السابق باراك أوباما.

وترى هذه الأوساط أنه يتوجب استثمار الصفحة الجديدة في العلاقات بين القاهرة وواشنطن من أجل بناء تحالف إقليمي جديد مساند للولايات المتحدة. ويرى "مركز أبحاث يروشليم لدراسة المجتمع والدولة" أن ترامب مطالب بأن يستخلص العبر المطلوبة من "الخطأ" الذي ارتكبه أوباما الذي "تخلى" عن الرئيس حسني مبارك، الذي كان من أوثق حلفاء الغرب في المنطقة، ما سهّل الطريق أمام تولي الإخوان المسلمين مقاليد الأمور في مصر، على حد وصفه.

ونشر المركز، الذي يرأس مجلس إدارته وكيل وزارة الخارجية الإسرائيلي السابق دوري غولد، ورقة تقدير موقف شددت على أن الهدف الرئيس للسياسة الخارجية الأميركية في منطقة الشرق الأوسط يجب أن يتمثل في تدشين "تحالف عربي محلي مؤيد للولايات المتحدة"، يستند بشكل خاص على مصر. وحسب الورقة، التي أعدها السفير الإسرائيلي الأسبق في القاهرة، تسفي مزال، فإن ترامب مطالب أولاً بحل الخلافات بين مصر والسعودية من أجل جعل التحالف الجديد أكثر فاعلية. واعتبرت الورقة أن إرساء دعائم هذا التحالف تكتسب أهمية كبيرة من أجل التأثير على طابع جدول الأعمال الذي سيحكم المنطقة بعد انتهاء الصراعات المتواصلة فيها حالياً.


وحذرت الورقة ترامب من الانكفاء والانشغال بالشؤون الداخلية، منبهة من أن الفراغ الذي تتركه الولايات المتحدة تملؤه أطراف تمسّ بالمصالح الأميركية أو لا تضعها على الأقل في الاعتبار. وحسب الورقة، فإن الانعزالية التي تبناها أوباما سمحت للروس بالسيطرة على سورية، وقطعوا شوطاً في تحسين علاقاتهم مع مصر. كما انتقدت الورقة سماح أوباما للأوروبيين بالعمل على إسقاط حكم معمر القذافي في ليبيا. وحسب الورقة، فإن أية سياسة أميركية تقوم على الانعزالية ستضرّ بمصالح الولايات المتحدة والغرب بشكل عام، إذ أشارت إلى أن التدخل الأميركي في المنطقة واستعداد واشنطن لخوض حروب من أجل الحفاظ على مصالحها أثبت ذاته في الماضي كوسيلة لردع الأطراف التي تحاول المس بهذه المصالح. وكانت ورقة تقدير موقف أخرى نشرها "مركز يروشليم" قبل أيام، قد قالت إن الخطوة غير المسبوقة، المتمثلة في إرسال ترامب مبعوثه للمنطقة، جيسون غرينبلات، لحضور مؤتمر القمة العربية في البحر الميت جاءت بهدف التمهيد لتدشين التحالف الإقليمي الجديد.

وحسب المستشرق يوني بن مناحيم، المدير السابق لسلطة الإذاعة والتلفزيون الإسرائيلية، الذي أعد الورقة، فقد بذل ترامب مسبقاً جهوداً لرأب الصدع بين مصر والسعودية لتحسين فرص بناء التحالف.

من ناحيته، يرى "مركز بيغن السادات للدراسات الاستراتيجية"، التابع لجامعة "بارإيلان"، ثاني أكبر جامعة في إسرائيل، والتي تعد الصرح الأكاديمي الأهم الذي يحتكر اليمين الديني السيطرة عليه، أن ترامب بات يتبنى خطاباً سياسياً وإعلامياً يرمي إلى تحسين فرص تدشين التحالف الإقليمي. وفي ورقة نشرها المركز على موقعه الأسبوع الماضي، أشار مدير المركز، البرفسور إفرايم عنبار، إلى أن إبداء ترامب حرصه على التوصل لتسوية للصراع بين إسرائيل والشعب الفلسطيني يهدف فقط إلى توفير الظروف التي تسمح لأنظمة الحكم المعتدلة، ولا سيما في القاهرة وعمان، للتعاون مع واشنطن "في أقل قدر من الضجيج". وحسب عنبار، فإن ترامب لا يبدو جاداً في مسعاه لحل الصراع، مشيراً إلى أنه معني فقط بإحياء "العملية" ‪ من دون أن تتمخض نتائج ما عنها. واعتبر عنبار أن أهمية هذه المقاربة تكمن في أنها تخفض أيضاً مستوى التوترات في المنطقة وتزيح القضية الفلسطينية من دائرة التداول الدبلوماسي. واستدرك عنبار أن إدارة ترامب ارتكبت خطأ في طريقها لتحقيق هذا الهدف من خلال التزامها بمواصلة دعم السلطة مادياً. واعتبر أن مثل هذا الدعم يفضي إلى مواصلة تشبث السلطة بالمواقف المتطرفة. وطالب عنبار إدارة ترامب بربط المساعدات المالية للسلطة بتخليها عن المطالبة بالقدس وعودة اللاجئين بوصفهما "مطلبين غير منطقيين".