عاد ملف نزاع الصحراء ليمثّل السؤال الأبرز بالنسبة لمراكز مغربية بحثية مختصة في الدراسات السياسية، مع المستجدات الطارئة على هذه القضية، وخصوصًا في انتظار قرار مجلس الأمن الدولي خلال نهاية شهر أكتوبر/ تشرين الأول الجاري بشأن مدة التمديد لبعثة الأمم المتحدة "المينورسو"، وأيضًا في أفق اللقاء الذي دعا إليه أنطونيو غوتيريس الأمين العام للأمم المتحدة، في 4 و5 ديسمبر/ كانون الثاني المقبل، ليجمع أطراف النزاع في جنيف السويسرية.
ورأى المركز الأطلسي للدراسات السياسية والتحليل الأمني، في تقرير جديد له، أن دعوة المبعوث الأممي هورست كوهلر، أطراف نزاع الصحراء إلى مائدة مستديرة للنقاش في جنيف، تعد "فرصة أمام المغرب لتغيير معادلة أطراف النزاع بأن تحل الجزائر مباشرة محل البوليساريو".
ويردف المركز بأنه، "رغم أن الأمر يتعلق بمجرد محادثات على مائدة مستديرة، فإن عدم تحويل الجزائر لطرف مباشر في أي مفاوضات مستقبلية من شأنه أن يخلق مخاطر كبرى قد تعصف بكل التوازنات التي أرساها المغرب خلال الثلاث سنوات الأخيرة في ملف الصحراء".
وتابع التقرير بأن "مدخل المتغير الأمني الذي وقع في الشهور الأخيرة، والمتمثل في الخطر الإيراني بشمال أفريقيا والتحالف الميداني لحزب الله ومليشيات البوليساريو، يجب أن يقطع الطريق لأي مفاوضات مباشرة مع البوليساريو في المرحلة المقبلة، وبقدر ما تظهر في النزاع زوايا جيو-استراتيجية إقليمية جديدة، فإن أول الأخطار التي يجب مواجهتها هو عدم العودة إلى أي محادثات دون أن تكون الجزائر الطرف المباشر في كل مفاوضات محتملة بعد مائدة جنيف".
ولفت التقرير إلى أنه "لم يعد نزاع الصحراء ذا أبعاد سياسية بين البوليساريو والمغرب، وإنما ارتفع سقف المخاطر وبات ذا طبيعة أمنية ترتبط بشريط مشتعل في ليبيا ومنطقة الساحل، وقابل للتمدد والانتشار نحو الجنوب الجزائري والمنطقة العازلة شمال موريتانيا، وصولًا إلى المحيط الأطلسي، إذًا زاوية النظر لنزاع الصحراء تغيرت، وأضحت إقليمية لا ثنائية بين المغرب والبوليساريو".
ونبه التقرير إلى أن "الدخول إلى مفاوضات مباشرة مع البوليساريو يعني تهديم كل التوازنات التي بناها المغرب خلال السنوات الثلاث الماضية"، متابعًا بأنه "توجد أدلة عديدة يمكن اليوم توظيفها لدفع الجزائر لتكون الطرف المفاوض المباشر، من قبيل قرارات مجلس الأمن في الثلاث سنوات الأخيرة، وانفجار طائرة بوفاريك الحاملة لأسلحة إلى البوليساريو، وتصويت صحراويين من مخيمات تندوف في الانتخابات الموريتانية الأخيرة".
ودعا المركز وزارة الخارجية المغربية إلى أن "تصدر بلاغًا في نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني القادم وقبل أيام معدودة من المائدة المستديرة في جنيف، توضح فيه أن المغرب يحضر مائدة جنيف لكون الجزائر ستكون هي الطرف الأول المباشر في أي مفاوضات مستقبلية".
ومن جهته، أفاد المركز المغربي للدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات، ضمن تقرير جديد بشأن عمل "المينورسو" في الصحراء، بأن "وجود هذه البعثة رغم نقاط الضعف والقصور التي تعتري أداءها، ضروري من أجل ضمان تمام العملية السياسية وإشهاد العالم بنهائية الحل".
ونبه التقرير ذاته إلى المخاطر التي تكمن وراء فرض القوى الدولية، خاصة الولايات المتحدة الأميركية، لحل النزاع عبر تحويل "المينورسو" إلى أداة ضغط بتوسيع صلاحياتها لتشمل مراقبة حقوق الإنسان بالصحراء، اعتقادًا من واشنطن تحديدًا بأن ذلك "سوف يسرع من وتيرة العملية السياسية والتفاوضية بشأن الصحراء".
وقلل المركز من أهمية إجراء الاستفتاء الذي تطالب به جبهة "البوليساريو" لحل نزاع الصحراء، منبهًا إلى أن "الأمم المتحدة عجزت عن تحديد شروط هذه العملية وتنفيذها على أرض الواقع، ففطنت إلى أن الحل الواقعي بعيد عن أن يكون عن طريق إجراء الاستفتاء".