وضع براءة ليس التحدي الوحيد الذي يواجه والدها محمد الحمد، الذي تحدث لـ"العربي الجديد" عن قصة معاناته التي بدأت بسقوط صاروخ في حي بابا عمرو الحمصي، حيث كانوا يسكنون، ما أدى إلى تدمير منزله، وإصابة الرجل بعدة شظايا في رأسه ورقبته وساقه.
وقال "أصبحت إحدى ساقَيّ أقصر من الأخرى بخمس سنتيمترات، بسبب تفتت العظم فيها، كنت أواجه احتمال بتر ساقي، لكني نجوت وتم تركيب قضبان معدنية فيها، كنت أعمل طياناً ووضعي الصحي الآن لا يسمح لي بمزاولة تلك المهنة".
يعيش محمد الحمد في قرية اليارود بالكرك الأردنية، ويقول إنه باع آخر قطعة من ذهب زوجته لتسديد إيجار البيت، لكنه عاجز عن علاج طفلته براءة التي تحتاج تدخلاً جراحياً مكلفاً، وأضاف "العملية الجراحية ليست المشكلة الوحيدة، فالصغيرة تعاني باستمرار من مضاعفات جانبية والتهابات بسبب هذه الأنابيب التي تدخل صدرها، كنا سابقاً نأخذها إلى المستشفى لعلاج هذه المشاكل عندما كنا نحظى بدعم صحي من الأمم المتحدة كلاجئين".
الآن ومع توقف أي دعم لعلاج اللاجئين السوريين في الأردن، لم يعد محمد قادراً على تقديم أي نوع من العلاج لطفلته التي يسوء وضعها يومياً.
براءة ليست الحالة الوحيدة للاجئين سوريين يعانون ظروفاً صحية خطيرة، وبعضهم يشارف على الموت في الوقت الذي توقفت عنهم جميع أشكال الدعم الطبي.
سعيد لاجئ سوري آخر في الأردن، يعتبر نفسه محظوظاً لأنه لا يعاني من مرض عضال يحتاج تكاليف عالية، إلا أنه كرب أسرة صغيرة يعاني الأمرين في تأمين لقمة العيش التي غالباً ما يحصلها بالدين، قال: "مشكلتي الصحية الحالية تكمن في أسناني، وصلت لمرحلة لا أستطيع فيها مضغ الطعام واضطر لابتلاعه لأن أسناني وأضراسي منخورة بشكل سيئ جداً، ولا أملك المال الكافي للعلاج".
وأشار إلى أنه يعتمد على المسكنات لتهدئة آلام ضروسه، "سواء توقف الألم أم لا، لا يمكنني دخول عيادة طبيب أسنان ودفع قيمة العلاج، فأنا بالكاد أستطيع تأمين الحليب لطفلي الرضيع".
تفاقم الأوضاع
محمد إبراهيم أحد أعضاء فريق "بأيدينا" التطوعي، قال لـ"العربي الجديد" إنه خلال عمله الإنساني في مساعدة اللاجئين يواجه العديد من الحالات المرضية، والتي يعجز أصحابها عن الحصول على العلاج، بعضها حالات مكلفة مادياً وأخرى لا تحتاج مبالغ كبيرة، ورغم ذلك لا يستطيعون دفعها، كحالات الولادة وحتى الأمراض العادية.
وأردف قائلاً "بعد رفع الدعم الطبي الأممي عن اللاجئين السوريين، لم تقم أية جهة أخرى باستلام تلك المهمة، ونجد أنفسنا عاجزين أمام الحالات التي نواجهها، بعض المرضى يدخلون مراحل خطيرة، وكل ما نستطيع فعله لأجلهم هو نشر تقارير عن أوضاعهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي لجلب الدعم لهم، وكذلك نراسل المنظمات الدولية، لكن للأسف فإن إجراءات تلك المنظمات تأخذ الكثير من الوقت".
ينشر المتطوعون السوريون يومياً في وسائل التواصل الاجتماعي العديد من الحالات لمرضى يحتاجون عمليات جراحية عاجلة، أو حالات ولادة مستعجلة، أو مرضى لا يملكون ثمن الدواء، خاصة أنه بالإضافة للأمراض الاعتيادية، فإن هناك آلاف اللاجئين من مصابي الحرب الذين يحتاجون علاجاً طويل الأمد.
بعض هؤلاء يحظون بمتبرعين يدفعون كلفة العلاج، فيما الغالبية يواصلون الانتظار، في الوقت الذي يعاني فيه آخرون من مشاكلهم الصحية دون أن يعرف أحد عنهم، ودون أن يلوح في الأفق حل لمشكلة توقف الدعم الطبي من الأمم المتحدة لهم في الأردن، حيث كانت سابقاً تدفع فاتورة علاجهم في المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية، لكن ذلك الدعم توقف منذ شهور بسبب نقص في التمويل.