طرح رئيس "هيئة التفاوض السورية" أنس العبدة، قبل فترة، مقترحًا يهدف إلى حلّ إشكالية المستقلين التي تعصف بالهيئة، منذ نهاية العام الماضي. وبحسب ما علم "العربي الجديد"، فإن المبادرة لم تنل موافقة عامة حتى اللحظة، فيما يتوقع أن يدعو العبدة إلى اجتماع للهيئة في الأيام القليلة المقبلة، لبحث مقترحه، وعدة ملفات أخرى.
وقالت مصادر "العربي الجديد" إن "العبدة قدّم مقترحًا وسطًا، لا يبدو أنه منحاز إلى أي تكتل داخل الهيئة، وذلك في سبيل تجاوز الخلاف الحاصل في صفوف الهيئة، والذي كان سببه انتخاب 8 أعضاء مستقلين جدد، نهاية العام الماضي، ليحلّوا محل المستقلين القدامى، والذي تمّ دون توافق الكتل كافة في الهيئة".
وبحسب المصادر، التي رفضت كشف هويتها، فإن مقترح العبدة يتضمن نقطتين: إدخال أربعة أشخاص مستقلين، ورفع عتبة التصويت في الهيئة -المؤلفة من 36 عضوًا- من (50+1) إلى ستين بالمئة. ويعني رفع العتبة أن القرار الذي سيصدر من الهيئة لن يكون حكرًا على تكتل معيّن في الهيئة، والذي على ما يبدو أنه الخلاف الرئيسي، إذ إن تكتّل الائتلاف والعسكر والمستقلين كانت له الغلبة في اتخاذ أي قرار إجرائي داخل الهيئة مقابل أصوات الكتل الباقية (هيئة التنسيق، ومنصة القاهرة، ومنصة موسكو).
وأوضحت المصادر أن "العبدة بهذه النقطة سيجعل من قرارات الهيئة توافقية أكثر، ما يعني تحصين الهيئة من أي ثغرات يمكن استغلالها من قبل أي طرف من أجل التفرّد بالقرار"، لافتة إلى أن "عتبة التصويت هذه تخص القرارات الإجرائية داخل الهيئة ولا تخصّ القرارات السياسية الكبرى، لأن عتبة التصويت فيها في الأصل مرتفعة ولا تتم إلا بتوافق عام".
وتضمّن مقترح العبدة أيضًا أن يتم "إدخال أربعة أشخاص من المستقلين الذين تم انتخابهم أخيرًا، والإبقاء على أربعة أشخاص من المستقلين القدامى"، وبحسب المصادر، فإن هذه القسمة "يمكن اعتبارها عادلة في حل الخلاف وإعادة الاستقرار إلى هيئة التفاوض من جديد".
وكانت الكتل قدّ قدمت عدة مقترحات سابقة لحلّ إشكالية المستقلين، منها ذلك الذي اقترحته كتلة هيئة التنسيق ومنصتا موسكو والقاهرة، والذي يتضمن إدخال ستة من المنتخبين الجدد، والإبقاء على اثنين من القدامى، ليقابله اقتراح معاكس من قبل كتلة الائتلاف. كما تم اقتراح إدخال خمسة من الجدد والإبقاء على ثلاثة من القدامى. وكل تلك المقترحات لم تر النور، لأنها تأتي ضمن عتبة تصويت (50+1)، ما يعني أن كلّ تكتل يسعى إلى الهيمنة على القرار لصالحه.
مقترح العبدة بنقطتيه، لم يحظَ حتى اللحظة بموافقة الأطراف، وأكّدت مصادر "العربي الجديد"، أن رئيس هيئة التفاوض يبذل جهداً حثيثاً لإقناع الأطراف، وذلك في سبيل التأسيس لنظام تصويت يكفل مشاركة الجميع باتخاذ القرار، ويحلّ إشكالية المستقلين بطريقة عادلة لا تجعل من أحد الأطراف منتصرًا، ويكون المخرج توافقيًا.
علم "العربي الجديد" أنه من المتوقع أن تُعقد الجولة الرابعة من اجتماعات اللجنة الدستورية مطلع الشهر القادم
وعلى الرغم من أن العبدة هو عضو في الائتلاف، ما يعني أنه محسوب على كتلته، إلا أن المصادر أكدّت أن "المقترح الذي قدّمه العبدة يعكس مدى إدراك رئيس هيئة التفاوض لحجم المشكلة وخطورتها على هيئة التفاوض، وهي الجسم الذي يضمّ كافة الأطراف المعارضة، الذي يُعد مسؤولاً عن عملية التفاوض للوصول إلى حل سياسي في سورية، كما أن كتلة اللجنة الدستورية المعارضة منبثقة عن الهيئة وتعمل تحت مظلتها، وهي المسار السياسي الفعّال حاليًا".
وحاول موقع "العربي الجديد" التواصل مع الكتل في هيئة التفاوض للوقوف على أسباب رفضها أو عدم استجابتها لمقترح العبدة، إلا أن بعضها رفضت التعليق على الموضوع، فيما لم تتجاوب كتل أخرى.
في سياق متصل، علم "العربي الجديد" أنه من المتوقع أن تُعقد الجولة الرابعة من اجتماعات اللجنة الدستورية مطلع الشهر القادم، وأن يكون جدول الأعمال متوازيًا مع جدول أعمال الجولة الماضية والذي كان يتمحور حول المبادئ الأساسية للدستور السوري. ووفق مصادر "العربي الجديد"، فإنه من المتوقع الإعلان عن الموعد المؤكد للجولة القادمة خلال الأسبوع المقبل في حال توصّلت الأطراف إلى توافق حول الجدول والموعد.
وكانت الجولة الماضية من اجتماعات اللجنة الدستورية قد انتهت في 29 أغسطس/ آب الماضي، وقال المبعوث الأممي إلى سورية غير بيدرسون، حينها، إنه "لم نصل لمرحلة كتابة الدستور. نعمل على بناء الثقة بين الأطراف بسبب وجود اختلافات عميقة في وجهات النظر". وشدد على ضرورة وجود دعم دولي للمحادثات. كما قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، مطلع الشهر الجاري من دمشق، إنه "من المستحيل وضع حد زمني لعمل اللجنة الدستورية السورية".