تفاصيل حراك أميركي مكثّف ليبيّاً لصدّ النفوذ الروسي

27 نوفمبر 2019
هدوء في جبهات القتال بعد لقاء نورلاند بحفتر(فرانس برس)
+ الخط -
كثّفت الولايات المتحدة الأميركية من اهتمامها بالشأن الليبي في الآونة الأخيرة، فبعد لقاء وفد أميركي باللواء المتقاعد خليفة حفتر، الأحد الماضي، أعلنت السفارة الأميركية في ليبيا عن لقاء رئيس حكومة الوفاق، فايز السراج، بالسفير ريتشارد نورلاند يوم الثلاثاء.

وبحسب بيان للسفارة، فإن نورلاند ناقش مع السراج "آفاق وقف الأعمال العدائية حول طرابلس"، بالإضافة لــ"مناقشة الجهود المبذولة لإيجاد حل سياسي للصراع في ظل تصاعد التدخل الروسي".
وكان السفير قد شارك في لقاء جمع مسؤولين أميركيين، من بينهم نائب مستشار الأمن القومي لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فيكتوريا كوتس، والنائب الأول لمساعد وزير الطاقة الأميركي للشؤون الدولية، ماثيو زايس، ونائب مدير الاستراتيجية والمشاركة والبرامج في القوات الأميركية في أفريقيا (أفريكوم)، ستيفن ديميليانو، مع حفتر لــ"بحث الخطوات التي يجب اتخاذها لإهاء النزاع في ليبيا".
وبحسب بيان لوزارة الخارجية الأميركية، أمس الثلاثاء، فإن الوفد الأميركي ناقش مع حفتر أزمة تزايد النفوذ الروسي في ليبيا واستغلال الروس للصراع الحالي بليبيا.
ورغم أن الجانب الأميركي لم يعلن عن مكان اللقائين، إلا أن مصادر حكومية ليبية متطابقة كشفت لـ"العربي الجديد" أن اللقاء مع حفتر جرى في العاصمة الأردنية عمان، فيما جرى اللقاء بالسراج في العاصمة التونسية.


ويؤكد أحد المصادر لـ "العربي الجديد" أن "حفتر تلقى أمرا مباشرا من السفير بوقف قتاله جنوب العاصمة طرابلس وتقديم توضيح بشأن علاقة سقوط الطائرة الأميركية الخميس الماضي بالسلاح الروسي"، مشيرًا الى أن واشنطن ناقشت مع حفتر سبل التعاون والتواصل بينهما من أجل انهاء الأزمة في ليبيا.

الهدؤ يسود في جبهات القتال

ومنذ الاثنين، تشهد أغلب محاور القتال، جنوب طرابلس، هدوءا تاما، ولا سيما في المحاور الساخنة في عين زاره واليرموك والخلاطات التي تعتبر الأقرب لقلب العاصمة.
وأكد مصدر برلماني مقرب من الحكومة في طرابلس أن "واشنطن بدت مرنة إلى حد كبير في السماح للحكومة باللجوء إلى حلفائها من أجل تقوية جبهتها المناوئة لحفتر لمنعه من العودة للتفكير في خوض أي محاولة جديدة للتقدم نحو طرابلس".
من جهته، يقول أستاذ العلوم السياسية في الجامعات الليبية، خليفة الحداد، لـ"العربي الجديد" إن واشنطن كانت مهتمة أكثر في لقائها بحفتر بسبب الوجود الروسي، مشيرا إلى أن جل اللقاء ركز على مسألة وقف القتال. 
وفيما يرى الحداد أن مسؤولي واشنطن "أبطلوا، فيما يبدو، أسباب حفتر المزعومة لحربه على العاصمة"، يرى المحلل السياسي الليبي، عبد الحميد المنصوري، بدوره، أن أسباب التحرك الأميركي المفاجئ والسريع من خلال لقائين بحفتر والسراج يأتي لمنع تزايد الوجود الروسي من جانب، ولاحتواء حفتر من جانب آخر".


ويوضح المنصوري رأيه لــ"العربي الجديد" بأن مسألة التدخل الروسي بالنسبة لأميركا لم تصل لمستوى الخطورة التي تستدعي وجودا عسكريا أميركيا، ويمكن الاستعاضة عنه بأوراق أخرى، من بينها الضغط على حلفاء حفتر المقربين من واشنطن كالإمارات لخفض دعمها له وتشجيع دول صديقة أخرى لحكومة الوفاق بزيادة دعمها للحكومة.

وكانت وسائل إعلام ليبية، أكدت وصول وفد حكومي من طرابلس على رأسه وكيل وزارة الدفاع، صلاح النمروش، ووزير الداخلية فتحي باشاغا، للعاصمة التركية إسطنبول.
وبشأن تغير توصيف واشنطن لحرب حفتر بـ"الأعمال العدائية"، خلال بيان السفارة الأميركية بشأن لقاء سفيرها بالسراج، يرى المنصوري أنه يعكس الغضب الأميركي من انغماس حفتر في تحقيق رغبات روسيا بالتوسع في ليبيا، لكنه في ذات الوقت يلفت إلى أن الوفد الأميركي الذي التقى حفتر شارك فيه مسؤول رفيع بوزارة الطاقة الأميركية وآخر من "أفريكوم" ما يعكس رغبة أميركية في تقوية علاقتها مع حفتر ومحاولة انتزاعه من أحضان موسكو لقطع الطريق أمامها لإرساء وجود لها في ليبيا.

ويتوقع المنصوري بأن تحمل الساعات القليلة المقبلة ردّا واضحا من حفتر بشأن الموقف الأميركي الجديد، قائلًا "في كل الأحوال، أحلى الطريقين مرّ بالنسبة لحفتر، فإما الانصياع للطلب الأميركي ما يعني خسارته للحرب التي راهن عليها شركاؤه وحلفاؤه، وإما مواجهة الغضب الأميركي"، مؤكدا أن أسباب حرب حفتر على العاصمة ستكون غير مقبولة في المستقبل مع بدء خطة الحكومة لمواجهة المجموعات المسلحة المتنفذة في مفاصل الدولة. 

وحول ما إذا كان الانخراط الأميركي الجديد في الأزمة الليبية سيكون ضاغطا باتجاه حل الأزمة الليبية سياسيا، لا يرى الباحث الليبي في الشأن السياسي، مروان ذويب، بأن التدخل الأميركي يهدف إلى ذلك، موضحاً في حديث لــ"العربي الجديد" أن "سبب وجود واشنطن بثقلها مؤخرا في ليبيا يهدف لمنع التدخل الروسي وتعاظمه، ولن يزيد عن حد ذلك لأن الملف الليبي لا يشكل أولوية بالنسبة للإدارة الأميركية".

ويؤكد ذويب بأن "التوصل إلى حل سياسي في ليبيا تتركه الإدارة الأميركية لبرلين وما يحدث في كواليس الإعداد لقمتها، فالملف الليبي أوروبي بامتياز كما يتضح". وتابع: "وجود ممثل لوزارة الطاقة وآخر عن قوة أفريكوم يعني أن الملفات المهمة بالنسبة للجانب الأميركي في ليبيا هي النفط والإرهاب، اللذين يعتبران من مسائل الأمن القومي الأميركي".