تفاؤل قبرصي غير مسبوق بطعم القهوة والأمل

25 مايو 2015
اتفق الرئيسان على الاجتماع كل 15 يوماً (فرانس برس)
+ الخط -
تفيد المعطيات أن الأزمة القبرصية تعيش أياماً غير مسبوقة لناحية الأجواء "المتفائلة" بإمكانية حلّ القضية المستعصية للجزيرة المقسمة بين النفوذين اليوناني والتركي منذ العام 1974. وأشاع اللقاء "اللطيف"، يوم السبت، بين الرئيس القبرصي التركي مصطفى أكنجي والرئيس القبرصي اليوناني نيكوس أناستاسياديس، وتجوالهما معاً في مدينة نيقوسيا المقسمة، أجواء ارتياح، بعدما استقبل أكنجي أناستاسياديس عند بوابة لوقمانجي الحدودية بين الجانبين، ليتجولا في أحياء القسم التركي في المدينة، ومن ثم عادا إلى القسم اليوناني، حيث تحدثا إلى المواطنين الاتراك واليونانيين الذين استقبلوا الرئيسين بترحاب شديد، وتصفيق يؤكد مدى رغبة الطرفين في إنهاء الأزمة التي يتجاوز عمرها الأربعين عاماً. كما حضر هذا الاجتماع كل من رئيس المفاوضين الأتراك، أوزديل نامي، ونظيره اليوناني، أندرياس مافرويانيس، وأيضاً رئيس بلدية القسم التركي للمدينة، محمد حارمانجي، ونظيره اليوناني، قنسطنطينوس يورغاجيس.

اقرأ أيضاً: قبرص التركية تحت رئاسة أكنجي: دفعة لحظوظ التسوية

يأتي هذا اللقاء في إطار إجراءات تعزيز الثقة بين الطرفين، بعدما تم استئناف المفاوضات بين الجانبين في 15 من الشهر الحالي، برعاية مستشار الأمم المتحدة للشأن القبرصي، إسبان بارث إيده، في مكتب بعثة النوايا الحسنة التابع للأمم المتحدة الواقع بالمنطقة الفاصلة بين شطري جزيرة قبرص. واتفق الطرفان على إقامة اجتماع كل 15 يوماً، بعدما تعهد زعيم القسم الجنوبي، بالكشف عن خريطة 28 حقل ألغام في شمال الجزيرة، كما ألغى رئيس الشطر التركي طلب تعبئة استمارات دخول إلى الجانب التركي للقادمين من الجانب اليوناني للجزيرة.


اقرأ أيضاً: تقارب بين القبارصة الأتراك والقبارصة اليونانيين تحت رعاية أممية

وأعطى وصول مصطفى أكنجي اليساري، إلى رئاسة قبرص التركية، بما حمله من أفكار عن عملية السلام، دفعة كبيرة للعملية التي كانت متعثرة لأكثر من 8 أشهر إثر انسحاب القبارصة اليونانيين منها، بعد خلافات نشبت بين الطرفين حول قيام نيقوسيا بمنح حقوق التنقيب عن الغاز لمجموعة من الشركات في السواحل القبرصية، من دون التنسيق مع القبارصة الأتراك.
تمحور برنامج أكنجي الانتخابي الذي أوصله للرئاسة حول نقاط عدة أساسية بدت تمرداً واضحاً على علاقة الوصاية التركية واليونانية، التي فرضتها اتفاقية زيوريخ ولندن 1959، ومن ثم معاهدة الضمان عام 1960 على الجزيرة. ويرتكز برنامج أكنجي على "نظرية" لحل المشكلة القبرصية، تقوم على أن يتخلى القبارصة الأتراك عن "الوصاية" التركية عليهم، في مقابل تخلي أشقائهم اليونانيين عن "الوصاية" اليونانية، في إطار دولة قبرصية واحدة فدرالية أو كونفدرالية.

وتشمل رؤية أكنجي، طرح عدد من القضايا لبناء الثقة بين الجانبين، منها طرح قضية إعادة مباني مدينة فاروش السياحية أو مدينة الأشباح، كما يطلق عليها الآن إلى أصحابها مرة أخرى، إذ سيتم فتح فاروش، وهي الجزء الخاضع لسيطرة الجيش التركي في مدينة فامغوستا تحت وصاية الأمم المتحدة، مقابل تمتع القبارصة الأتراك باتفاقية التجارة الحرة الأوروبية مع دول الاتحاد الأوروبي عبر ميناء فامغوستا، وفتح مطار إرجان الدولي في قبرص التركية للرحلات الدولية المباشرة دون الاضطرار للمرور عبر تركيا، كما طرح فكرة إنشاء شبكة هواتف نقالة مشتركة في الجزيرة، وفتح معابر حدودية جديدة بين الطرفين.


رغم الأزمة التي أثارها برنامج أكنجي مع أنقرة التي تعتبر الداعم الوحيد والحصري للقبارصة الأتراك، إلا أنه تم تجاوز الخلافات إثر الزيارة التي قام بها الأخير إلى العاصمة التركية، واللقاءات التي عقدها مع الرئيس رجب طيب أردوغان؛ والذي أبدا دعما واضحا لعملية السلام بين الجانبين، بما تشكله عملية السلام هذه من إزالة واحدة من أكبر العقبات التي ما زالت تقف في وجه انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي.
وما كان ليحصل هذا الدفع للعملية، لولا التأييد الذي تلقاه طرح أكنجي من حزب سيريزا اليساري الحاكم في اليونان، إذ أكد وزير الخارجية اليوناني، نيكوس كوجاس، وجوب إزالة نظام الدول الضامنة الذي فرضته اتفاقية زيوريخ، قائلاً إن "اليونان تدعم وتعمل على حل المشكلة القبرصية، لقد كان نظام الدول الضامنة الذي فرضته اتفاقية زيوريخ جيداً حتى الآن، لكن لم يعد لنظام الوصاية المكون من اليونان وتركيا والمملكة المتحدة أي حاجة بعد الآن".
انتهى اللقاء بين قائدي القبارصة الأتراك واليونانيين بأن تناولا القهوة معا ثم عددا من المأكولات القبرصية ليعود المفاوضون للقاء مرة أخرى الخميس المقبل، ليبقى الأمل الذي تحدث عنه أكنجي أثناء اللقاء معهما، عندما قال: "أريد أن أوصل رسالة أمل للقبارصة، لأننا بحاجة إلى كثير من الأمل بعد كل هذه الانكسارات والإخفاقات، وأكرر هناك شيء واحد لا أريد أن نعيشه مجددا وهو الخيبة".