عصفت رياح التغيير بموازين القوى البرلمانية في مجلس الشعب التونسي، عبر انهيار كتلة "آفاق تونس" وميلاد كتلة "الولاء للوطن"، إلى جانب تشتت كتلة "الوطني الحر"، بما أفرز توازنات سياسية جديدة.
وانهارت، أمس الثلاثاء، كتلة حزب "آفاق تونس"، الذي يتزعمه الوزير السابق ياسين إبراهيم، بعد استقالة النائب علي بنور من صفوفه، لينخفض عدد أعضائها إلى 6 نواب، وبالتالي سيتم الإعلان عن حلها بشكل رسمي، وستفقد المناصب والمسؤوليات التي حصلت عليها في لجان ومكتب المجلس.
وأعلن علي بنور، تقديم استقالته من كتلة "آفاق تونس" البرلمانية ومن كافة هياكل الحزب، بعد أسبوع من استقالة النائبة هاجر بالشيخ أحمد لأسباب مشابهة.
وقال بنور وبالشيخ، في تصريح صحافي، إنهما "استقالا بسبب مواصلة رئيس الحزب ياسين إبراهيم التفرد بالرأي وإقصاء كل من ليس موالياً له، بالرغم من محاولات ضخ دماء جديدة في الحزب والعودة إلى العمل المشترك بعيداً عن الانقسامات والتجاذبات السياسية، وفق تعبيرهما.
وأضافا أن "رئيس آفاق تونس يتصرف في الحزب على أنه ملكية خاصة، بل وخلق بممارساته الكثير من الحساسيات وانشقاقات في غالبية هياكل الحزب الجهوية، التي تمت خلال الإعداد للانتخابات البلدية أخيراً".
ويُعدّ حل كتلة "آفاق تونس" من البرلمان بمثابة السقوط المدوي لحزب إبراهيم الذي أعلن، أخيراً، انسلاخه من الحكومة وانسحابه من وثيقة "قرطاج" والتحاقه بصفوف المعارضين فاتحاً بذلك النار بشكل عشوائي على رئيس الحكومة، يوسف الشاهد، وعلى وزراء حزبه الذين فضلوا الخروج من الحزب والبقاء بالحكومة، وعلى ائتلاف الحكم من داعمي وثيقة "قرطاج".
وانبنت على أنقاض كتلة "آفاق تونس" كتلة جديدة يترأسها أحد أعضائها السابقين، إذ نجح النائب رياض جعيدان في تكوين كتلة "الولاء للوطن"، التي تتكون من 10 أعضاء.
وأكّد جعيدان خلال ندوة صحافية، مساء أمس، أنّ "الهدف من هذه الكتلة هو إضفاء النجاعة على العمل البرلماني على أن تكون المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار حزبي أو سياسي".
وأضاف أنّ "هذه الكتلة ستكون كتلة منتجة تتقدم بمقترحات قوانين وتقوم بمراقبة العمل الحكومي"، مشيرا إلى أنها "ضمت حتى الآن 10 نواب من غير المنتمين لكتل، مثل الوزير السابق نذير بن عمو المستقيل من كتلة النهضة، والنائب أحمد الخصخوصي، وأنور العذار المستقيل من آفاق تونس، وخميس قسيلة، والناصر شويخ عن حزب تونس أولاً، ونور الدين بن عاشور وتوفيق الجملي المستقيلين من حزب الوطني الحر، ومحمد الهادي قديش المستقيل من حزب نداء تونس، وعبد الوهاب الورفلي النائب عن الحزب الجمهوري".
ويسجل البرلمان تغيراً طفيفاً في موازين القوى بتكتل نواب غير متجانسين حزبياً تجمعهم معارضة الحكومة، بما يعزز تواجدهم في هياكل البرلمان على غرار مكتب البرلمان صاحب القرارات وهو ما يمثل، بحسب مراقبين واجهة برلمانية معارضة جديدة ضد الشاهد وضد الائتلاف الحاكم.
من جانب آخر، يتواصل تقهقر كتلة "الاتحاد الوطني" ببقاء الحزب من دون رئيس بعد انسحاب مؤسسه سليم الرياحي.
وتعرف كتلة "الوطني" تململاً سياسياً غير مسبوق، فجزء منها معارض للحكومة وآخر مساند لها، وهناك جزء ثالث يكاد ينصهر في كتلة حزب "نداء تونس" بشكل عسّر على المتابعين تصنيفها في كتلة المساندين أو المعارضين.
إلى ذلك، تحافظ كتلة "النهضة" على الأسبقية العددية والتنظيمية، فبالرغم من الاستقالة الوحيدة التي عرفتها منذ بداية المدة البرلمانية بعد خروج الوزير السابق نذير بن عمو، إلا أنّها تواصل تصدّر المشهد البرلماني بـ68 عضواً، كما عرفت كتلة حزب "نداء تونس" استقراراً مشهوداً بـ55 نائباً (كانت 86 نائباً في 2014) بالرغم من انسحاب النائب الهادي قديش منها الأسبوع الماضي.
وحافظت كتلة "الجبهة الشعبية" الوحيدة على أعضائها الـ15، منذ انطلاق أعمال المجلس دون زيادة أو نقصان، بما يعكس انسجاماً بين قوى اليسار الائتلافي رغم الهزات والصعوبات.