تعيين مشار نائباً لميارديت: خطوة نحو سلام جنوب السودان

13 فبراير 2016
يرى مراقبون أن جوبا لا تريد الاتفاقية (فرانس برس)
+ الخط -
تقدّمت عملية السلام في جنوب السودان، خطوة بارزة، مساء الخميس، بعد إعلان الرئيس الجنوب السوداني سلفاكير ميارديت، عن "إعادة" تعيين رياك مشار نائباً أول له، وعيّن نائبه الحالي، جيمس واني إيغا نائباً ثانياً له. وذلك في محاولة لتخفيف الضغط الدولي والإقليمي عليه.

قرارات ميارديت، تجاوزت الموعد المفترض في 23 يناير/كانون الثاني الماضي، والقاضي بتشكيل الحكومة الجديدة، وفقاً لبنود اتفاقية السلام الشامل، التي وقّعها الجنوبيون في أغسطس/آب الماضي، بوساطة "الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا" (إيغاد)، ودول غربية.

يرى مراقبون أن قرارات الخميس، لن تُغيّر من مجرى التنفيذ البطيء للاتفاقية، كما لا تنقذها من خطر الانهيار الذي يهددها في أي لحظة، لا سيما مع استمرار انتهاكات وقف إطلاق النار، واستمرار المعارك، وتبادل الاتهامات بشأن بدء الهجوم والتنافس في السيطرة على مواقع بعينها.

كما لم تعالج عملية التعيين القضايا الأساسية التي شكّلت عقبة أمام تشكيل الحكومة، ووصول زعيم المعارضة إلى جوبا لمباشرة مهامه، المتمثلة في سحب الجيش الجنوبي من جوبا. كما تبرز عقبة تقسيم الولايات الجنوبية لـ28 ولاية، بدلاً عن عشر ولايات، وهي خطوة ترفضها المعارضة المسلحة والسلمية، وانتقدتها الدول الإقليمية والمجتمع الدولي، رغم تمسك جوبا بها. مع العلم أنه تمّ تجاوز أمر توزيع الحقائب الوزارية في الحكومة الجديدة، سابقاً وبسلاسة كاملة. بعد قرار سلفاكير، سارع مشار للترحيب به، مبدياً استعداده للعودة خلال ثلاثة أسابيع، في حال التزمت جوبا بتنفيذ الترتيبات الأمنية والمتصلة بإخراج الجيش عن العاصمة. وقد يكون العامل الاقتصادي والوضع الإنساني الخانق في ظل تراجع إنتاج النفط الجنوبي وتراجع أسعاره عالمياً، أساس إجراء يقود الرئيس الجنوبي خطوات تسمح بتحقيق الانفراج مع المجتمع الدولي.

وفقاً لمصادر متطابقة، فإن هناك قناعة لدى المجتمع الدولي بفشل الفرقاء الجنوبيين في تنفيذ اتفاقية السلام وتحقيق الاستقرار والتنمية بالدولة الوليدة. ما قد يضع جنوب السودان تحت الوصاية الدولية. تؤكد المصادر أن "مواقف دول كانت معارضة للاتفاقية، بدأت تتغيّر أخيراً، خصوصاً روسيا والصين، مع تفاقم الأوضاع الانسانية في المنطقة واستمرار القتال. ما سيقود لطرح مشروع قرار الوصاية على مجلس الأمن في الفترة المقبلة، وسيصبح أمراً واقعاً، لا سيما بعد استنفاد الأطراف الجنوبية لكل المهل التي طرحت".

اقرأ أيضاً تقارب جوبا والخرطوم: دوافع اقتصادية وعسكرية وسياسية

وسبق أن اتهمت الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي الحكومة والمعارضة المسلحة، الشهر الماضي، بـ"ارتكاب انتهاكات". وُجّهت الاتهامات لجوبا تحديداً بـ"التسبب في مقتل 50 مدنياً اختناقاً، بعد وضعهم في حاوية للبضائع". كما انتقد تقرير صادر عن الأمم المتحدة الأسبوع الماضي، سلفاكير ومشار بـ"قتل المئات، والإخفاء القسري، والاغتصاب الجماعي والاستعباد الجنسي، والإجهاض القسري، وتجنيد الأطفال".

في هذا السياق، يقول المحلل السياسي سايمون دينغ، لـ"العربي الجديد"، إن "الخطوة مجرد استنزاف للوقت، من أجل التنصل عن الاتفاقية، وسيبقى الوضع على ما هو عليه طالما أن الطرفين يماطلان في التنفيذ، مع بقاء العراقيل المتمثلة في تقسيم الولايات والترتيبات الأمنية". وكانت "إيغاد" قد اقترحت الشهر الماضي، على الأطراف الجنوبية، المضيّ قدماً في تشكيل حكومة الوحدة الوطنية ومراجعة قرار تقسيم الولايات، من خلال لجنة وطنية شاملة تضمّ الموقعين على الاتفاقية.

من جهته، يرى رئيس جمعية "الأخوة السودانية الشمالية ـ الجنوبية" محجوب محمد صالح، أن "المشكلة في تنفيذ الاتفاقية، لا تتوقف عند تعيين مشار من عدمه، باعتبار أن الأمر تم الاتفاق عليه سابقاً". يوضح في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "المشكلة الأساسية التي تعطل التنفيذ ما زالت قائمة، وتتمثل في إخراج الجيش من جوبا، وتحديد مواقع لاستيعاب جيش مشار، فضلاً عن حسم قضية تقسيم الولايات، وإن تمّ إرجاء تلك النقطة لما بعد التشكيل الحكومي، ولكنها ستظلّ قائمة وتهدد الاتفاقية".

يضيف أنه "حتى الآن لا نرى استعداداً للتنفيذ، وجوبا تتراخى في التنفيذ لكونها غير مقتنعة أساساً بالاتفاقية، وكل ما تقوم به مجرد مجاملة". يردف صالح "حين يُقدم سلفاكير على خطوة تثير ارتياحاً لدى المجتمع الدولي والإقليمي، يُقدم في مقابلها على خطوتين لتأخير التنفيذ".

يُذكر أن جنوب السودان التي استقلت عن السودان في عام 2011، شهدت حرباً أهلية لحوالي العامين قُتل خلالها عشرات الألاف، بينما شُرّد نحو 2.5 مليون نسمة، ويواجه نحو 40 ألف نسمة خطر الموت جوعاً، في فترة الجفاف المقبل، بين شهري أبريل/نيسان، ويوليو /تموز المقبلين". مع العلم أن منظمات أممية، بينها منظمة الغذاء العالمي، قد حذّرت يوم الثلاثاء، من ارتفاع غير مسبوق لمستويات انعدام الأمن الغذائي تطاول 25 في المائة من سكان البلاد، أي نحو 2.8 مليون نسمة.

اقرأ أيضاً سلام جنوب السودان: إعلان حكومة الوحدة رهن تجاوز الخلافات
المساهمون