أثارت تعيينات جديدة لرئيسي مجلس النواب والمستشارين، في "الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء"، التي تم إحداثها مؤخراً، جدلاً واسعاً في المغرب، بعد أن اقتصرت على قياديين في حزبي رئيسي المجلسين.
وبدا ملفتاً للانتباه تعيين رئيس مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان المغربي) الحبيب المالكي، لثلاثة قياديين في حزبه، حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في عضوية "الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء". وهم البرلماني السابق وعضو المكتب السياسي للحزب المهدي المزواري، وعضو المكتب السياسي مصطفى عجاب، وعضو المجلس الوطني الصغير باعلي.
ومن جانبه، اختار رئيس مجلس المستشارين (الغرفة الثانية للبرلمان) حكيم بنشماس، ثلاثة قياديين أيضاً من حزبه، الأصالة والمعاصرة، للعضوية في الهيئة وهم: البرلماني السابق وعضو المكتب السياسي سابقاً أحمد تهامي، وعضو المجلس الوطني محمد بادير، بالإضافة إلى أحد المقربين منه وهو خالد هنيوي.
وأثارت تعيينات المالكي وبنشماس غضباً داخل البرلمان المغربي وخارجه، على اعتبار أنها تمت من دون أي استشارة للأحزاب السياسية، ولمكتبي مجلسي البرلمان، ولرؤساء الفرق البرلمانية. كما اعتبرت "إساءةً صارخةً وخرقاً سافراً للأخلاق السياسية وللممارسات المؤسساتية السليمة وللمساطر المعمول بها"، بعد أن اعتمد تعيين أعضاء "الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء" على منطق الولاءات الحزبية.
تمت التعيينات من دون أي استشارة للأحزاب السياسية ولمكتبي مجلسي البرلمان ولرؤساء الفرق البرلمانية.
في السياق، اعتبر حزب التقدم والاشتراكية المعارض، أن إقدام رئيسي مجلس النواب ومجلس المستشارين على اقتراح تعيين ثلاثة أشخاص، من طرف كل واحد منهما من أجل عضوية هيئة عمومية هو "فضيحة حقيقية". وعبر الحزب، في بيان أصدره الخميس، عن شجبه واستنكاره المطلق لتلك التعيينات التي تم تدبيرها بمنطق "الوزيعة" (الغنيمة)، وبشكل ينمّ عن نظرة حزبية ضيقة أو ولاء شخصي، وعن سقوط مُدَوّ في المحسوبية والزبونية، وهو ما لا يمكن أن يكون مقبولاً من قِبَلِ الهيئات السياسية الوطنية. وذهب الحزب إلى حد التماس التحكيم في ما وقع من تعيينات، بما يُمَكِّنُ من التراجع عن هذه الخطوة التي وصفها بالمرفوضة.
وخلق الكشف عن تركيبة مجلس الهيئة الوطنية موجة من الانتقادات في مواقع التواصل الاجتماعي بالمغرب، وصلت إلى حد وصفه بالفضيحة والمحسوبية.
وينص القانون على أن الأعضاء الثلاثة، الذين يعينهم رئيس مجلس النواب، يجب أن يتم اختيارهم بالنظر إلى كفاءتهم في مجال القانون أو المجال الاقتصادي أو في مجال الطاقة. كما ينص القانون على أن ثلاثة أعضاء يعينهم رئيس مجلس المستشارين، بالنظر كذلك إلى كفاءاتهم.
وتعليقاً على تلك التعيينات، قال الباحث في القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، رشيد لزرق، إن التعيينات تمت بدون رهان وطني تستوجبه اللحظة التي تعيشها البلاد، بعد أن جعلت المصالح الحزبية الضيقة في مقدمة أولوياتها، لافتاً إلى أن هذا الوضع يزيد من إرباك المشهد السياسي، ومن إفقاد المؤسسات لمصداقيتها، بعد أن باتت ترتهن إلى منطق الاستفادة وليس إلى منطق الاستحقاق والكفاءة.
واعتبر لزرق، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن بعض الاقتراحات للعضوية في المجالس الاستشارية، تسيء لمن اقترحها، وتدل على غياب الحس الوطني، وتعمّق الإحباط في صفوف المواطنين لضمها أسماء فشلت في مهامها وأخرى تحوم حولها شبهات فساد، مشيراً إلى أن اختيار رئيسي مجلس النواب ومجلس المستشارين للأسماء المقترحة للتعيينات في العديد من المؤسسات لا يتم وفق الكفاءة والخبرة، وإنما بالاستناد إلى مقياس شخصي عبر ترتيب صفقات واتفاقيات سياسوية تحت الطاولة، بمنطق الغنيمة. وبعبارة مختصرة، يرى أستاذ العلوم السياسية أن "تلك التعيينات تؤسس لمنطق الريع والتمييز بين أبناء الوطن الواحد".