من الأخوين الفرنسيين كريستيان ودومينيك سارون الى الأخوين الإسبانيين بول وأليكس إسبارغارو، لطالما كانت بطولة العالم للدراجات النارية شأناً عائلياً. مع ذلك، وقبل الإسبانيين مارك وأليكس ماركيز في هوندا هذا الموسم، لم يسبق أن تزامل شقيقان في الفريق نفسه ضمن فئة منافسات "موتو جي بي".
ومن أجل إيجاد بديل للإسباني خورخي لورينزو الذي قرر الاعتزال في نهاية موسم 2019، كان أمام فريق "هوندا" خيارات أكثر وضوحاً مثل الياباني تاكاكي ناكاغامي والفرنسي يوهان زاركو. لكن مارك، المتوج بطلاً للعالم ست مرات في الفئة الكبرى مع الفريق الياباني، استخدم نفوذه لتحقيق الحلم بأن يكون بصحبة شقيقه الأصغر في الفريق. وعلى غرار ابن الـ27 سنة الذي بدأ مشواره في بطولة العالم للدراجات النارية بقوة من خلال الفوز بلقب فئة 125 سنتم مكعبا (أصبحت الآن موتو 3) حين كان في الـ17 من عمره، ثم بلقب "موتو 2" عام 2012 قبل أن يشق طريقه الى الفئة الكبرى التي توج بلقبها في موسمه الأول عام 2013، قبل أن يضيف 5 ألقاب آخرها العام الماضي، توج أليكس بلقب موتو 3 عام 2014 ثم "موتو 2" عام 2019، وها هو يبدأ مشواره في الفئة الكبرى في سن الـ24 سنة.
اكتشف الطفلان من سيرفيرا في كتالونيا، عشقهما للدراجات النارية منذ نعومة أظافرهما، بتشجيع من والدتهما جوليا، وتعلما أصول اللعبة تحت إشراف إيميليو الزامورا، بطل العالم 1999 في فئة 125 سنتم مكعبا.
أهداف مختلفة
كشف أليكس في عام 2014 أن "مارك وأنا نقود معاً منذ كنا صغاراً جداً، كل أسبوع تقريباً. أمضي معظم وقتي معه. إلى جانب كوننا أخوة، إنه أفضل صديق لي". أما مارك، الصغير الحجم مقارنة مع شقيقه الأصغر (1,69 م مقابل 1,79 م)، فأشار إلى "أننا نتدرب وننفذ كل شيء معا تقريباً. أعتقد أنه أمر جيد لكلينا. نساعد واحدنا الآخر طوال الوقت".
ولا يمكن الفصل بين الأخوين، فبعدما فاز أليكس بلقب "موتو 2" العام الماضي إثر أزمة ثقة لاسيما في 2016 حين عجز عن إكمال العديد من السباقات بسبب الحوادث، كشف مارك أنه شعر برضا أكثر مما لو توج هو شخصيا بلقب. وتابع مارك "من الصعب أن تكون الأخ وهو واجه الكثير من الضغط، لقد خاض اليوم مسار الأبطال. لم يعد شقيق مارك ماركيز، بل أصبح أليكس ماركيز"، أي أنه بنى اسماً لنفسه عوضاً عن التعريف عنه بأنه أخو مارك.
وسيتعين على الأخوين التعامل مع تحد غير مسبوق لأول مرة في الفئة نفسها ضمن بطولة العالم للدراجات النارية: الحفاظ على علاقتهما الشخصية والعائلية وتجنب الأفخاخ التي دائما ما تشوب العلاقة المعقدة بين زملاء الفريق الواحد، من شراكة في الحظيرة الى أعداء على الحلبة.
فبالنسبة لمارك في الوقت الحالي "لدي أهدافي، وأهداف زميلي مختلفة. لكن من المؤكد أنه في يوم من الأيام قد يحدث أن ينتهي بنا المطاف في الصراع على الفوز بالسباقات، حتى على اللقب، آمل ذلك". وحذر مارك خلال حديثه "لكنني أخبركم: على الحلبة، كل منا يفكر بمصلحته وسيحاول تقديم 100% من إمكانياته".
ومن جهة أليكس فإن "وجود مارك كزميل في الفريق هو أفضل طريقة لكي أكتشف بأسرع وقت ممكن ما يمكن أن تقدمه هذه الفئة، وأسرار هوندا وتعلم كل ما باستطاعتي. آمل أن أتمكن قريباً من القول إنه أحد خصومي. هذا العام، الأمر لن يكون من هذا القبيل: أنا هنا لأتعلم كل شيء ممكن مع زميلي في الفريق".
وستمتد الزمالة موسماً واحداً، بعدما أعلن فريق "هوندا" أن الإسباني بول إسبارغارو سينضم إلى صفوفه اعتباراً من عام 2021 ليقود إلى جانب مارك، على أن ينتقل ألكيس إلى الفريق الرديف. وبوجوده على متن إحدى أقوى الدراجات النارية، إن لم تكن أقواها على الإطلاق، يعتزم الأخ الأصغر أن يكون أفضل مبتدئ في الفئة الكبرى لموسم 2020 الذي كان من المفترض أن يخوضه في الفئة الوسطى استنادا إلى العقد الذي كان يربطه بفريقه السابق "مارك في دي أس"، لكن شروط العقد تسمح له بفسخه في حال حصل على عرض للانتقال إلى عالم الـ"موتو جي بي".
وإذا كان تتويجه بلقب موتو 2 منتظراً منذ انضمامه إلى هذه الفئة عام 2015، فهذا لا يعني أن النجاح في الفئتين الصغرى والوسطى سيكون معياراً للتألق في عالم منافسات الـ "موتو جي بي". فالفرنسي فابيو كارتارارو لم يحقق أفضل من المركز العاشر خلال أربعة مواسم في هاتين الفئتين، ورغم ذلك أصبح، بحسب مارك، مرشحاً بقوة لخلافته على العرش العالمي بعدما أنهى موسمه الأول بين الكبار مع فريق ياماها في المركز الخامس العام الماضي بصعوده الى منصة التتويج سبع مرات (حل ثانياً خمس مرات وثالثاً مرتين).
فهل تنجح هذه الشراكة بين الشقيقين في فريق واحد وترك بصمة ذهبية في عالم سباقات الدراجات النارية، وهل ينجح الشقيقان في تجنب الحساسية التي تنتجُ عن المنافسة في ميدان واحد ومع فريق واحد، ويكسران القاعدة السابقة التي نصت على مشاركة شقيقين في منافسات واحدة لكن مع فريقين مختلفين؟
(العربي الجديد، فرانس برس)
تابع آخر أخبار العربي الجديد عبر Google News
