تعديل الموازنة يرهق معيشة السودانيين

11 اغسطس 2020
الغلاء يفاقم أعباء المواطنين الاقتصادية (أشرف شاذلي/فرانس برس)
+ الخط -

ثار استياء في الشارع السوداني من الإجراءات الحكومية الأخيرة من أجل مواجهة تداعيات فيروس كورونا على اقتصاد البلاد، والتي أدت إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات.
وأجاز اجتماع مشترك بين مجلسي السيادة والوزراء في السودان، أول من أمس، موازنة معدلة للعام، 2020. وجاء تعديل الموازنة بعد أن فقدت 40 في المائة من إيراداتها عقب تفشي جائحة كورونا في مارس/ آذار الماضي.
وحذّر خبراء اقتصاد سودانيون من تداعيات قرار رفع الدعم عن الوقود المرتقب وفقا للموازنة المعدلة، وقالوا إنها ستنعكس سلبا على كافة الأنشطة الاقتصادية التي تعتمد على الوقود بارتفاع الأسعار. ووصفوا تعديل موازنة 2020 بالكارثي لأنه تضمن أيضا رفع الدعم عن الكهرباء بنسبة 41% وتحريك سعر الصرف. 
وقال وزير الإعلام السوداني، فيصل محمد صالح، في تصريحات صحافية، أول من أمس، إن السبب وراء تعديل الموازنة هو الحاجة لتبني سياسات لتخفيف التأثير السلبي لجائحة كورونا على الوضع الاقتصادي العام، مشيراً إلى انخفاض الإيرادات العامة بنسبة 40 في المائة، وازدياد حجم الإنفاق العام لمواجهة ظروف الجائحة وما خلقته من تداعيات.
وأضاف الوزير أنه مع زيادة حجم المصروفات وانخفاض الإيرادات ازدادت نسبة العجز العام في الموازنة، "لذلك كان لا بد من مراجعة الميزانية واتخاذ إجراءات طوارئ من بينها الترشيد ودعم الوقود والتعديل التدريجي لأسعار صرف الدولار والدولار الجمركي لمدى زمني يستمر لعامين حتى الوصول إلى السعر الحقيقي".
وأشار صالح، إلى أن عملية ترشيد سعر الوقود ستستكمل عن طريق السماح للقطاع الخاص باستيراد البنزين والجازولين بأي كمية، وذلك للتحكم في موضوع الندرة، مؤكداً استمرار دعم الدقيق والأدوية وغاز الطبخ والكهرباء لكن تعديلاً سيتم في أسعار الكهرباء للفئات ذات الاستهلاك العالي وليس المحدود.

ويعتزم أصحاب مركبات زيادة تعرفة المواصلات بعد إنزال قرار رفع الدعم الى الواقع، فيما قال محمد آدم، صاحب محطة وقود، لـ"العربي الجديد" إن كل القطاعات سوف تتأثر بدءاً بمحطات الوقود التي لا تتناسب الربحية معها، وربما تلجأ إلى الإغلاق بسبب عدم مقدرتها على مجاراة الواقع والالتزام بأجور العاملين نتيجة لارتفاع تكلفة المعيشة. وأضاف: "أصحاب المركبات ومحطات الوقود أيضا متضررون".
وقال سائق سيارة أجرة، الزين محمود، لـ"العربي الجديد" إن زيادة التعرفة (الأجرة) في حالة ارتفاع أسعار الوقود ستكون كبيرة، متوقعا حدوث أزمة في المواصلات أكثر من الحالية.
وأكد اقتصاديون وجود صعوبة على السودان، الذي يعاني نقصا كبيرا في الخدمات الاجتماعية، لتنفيذ سياسة رفع الدعم. وقالوا إن هناك حاجة لدعم المواطن، خاصة محدودي الدخل الذين يتأثرون بزيادة تكاليف المعيشة المترتبة عن زيادة الرسوم الحكومية في شكل ضرائب وجمارك وقيمة مضافة وزكاة، موضحين أن التضخم وصل إلى مستويات قياسية فيما بلغت نسبة الفقر في السودان أكثر من 60%، بحسب بيانات غير رسمية.
ويقول الخبير الاقتصادي، حسين القوني، لـ"العربي الجديد" إن رفع الدعم عن المحروقات والكهرباء سيؤدي إلى زيادة كبيرة في أسعار السلع والخدمات، معبرا عن خشيته من الآثار السياسية والاجتماعية لهذه السياسات الجديدة، خاصة وأن هناك أعدادا كبيرة من المواطنين الذين باتوا بلا عمل. كما أن تعديل سعر الصرف المرتقب يعني ارتفاع السلع المستوردة بنسبة 200%، وبالتالي زيادة تكاليف كل الواردات بنسبة كبيرة والتي يذهب جزء كبير منها كمدخلات إنتاج.
وحسب القوني، فإن الهدف من رفع الدعم عن الكهرباء والمحروقات تغطية مصروفات الحكومة وزيادة دخل الدولة وتمويل الموازنة التي اتضح أنها تعاني عجزا كبيرا.
ومن جانبه، قال الخبير الاقتصادي، محمد الناير، لـ"العربي الجديد" إن توقيت القرار يقود إلى خلق آثار سالبة خاصة على الشرائح الضعيفة، كما أن رفع الدعم عن البنزين سيؤثر على ارتفاع أسعار السلع وأجرة وسائل النقل، موضحا أن رفع الدعم عن الجازولين يؤثر على الأنشطة الاقتصادية ومن ضمنها الصناعة والزراعة. وأضاف الناير أن الطريقة التي طُرِح بها تعديل الموازنة سوف تزيد الأعباء على المواطنين.

المساهمون