تعداد تونس ينذر بتقلص نمو السكان

09 أكتوبر 2014
فاق عدد الإناث في تونس عدد الرجال (الأناضول)
+ الخط -
لم يكن مفاجئا ما أفرزه التعداد التونسي للسكان، فقد جاءت نتائج التعداد مطابقة للمؤشرات المتوقعة، لتبرز أن عدد السكان بلغ عشرة ملايين و982 ألفا، وفق ما أفاد الخبير الإحصائي التونسي والمسؤول السابق في المعهد الوطني للإحصاء مصطفى كانون.
وأضاف كانون لـ "العربي الجديد" أنه "إذا كان عدد سكان تونس قد زاد في العقد الأخير، بين 2004 و2014، بما يفوق مليون نسمة، فالمنتظر أن مجموع السكان لن يزيد إلا بحدود مليون و400 ألف نسمة فقط في الـ20 سنة القادمة".
ويتفق عدد من الديموغرافيين أن تونس باتت على منحدر خطير من التصحر السكاني، وأنها اليوم في حالة غير صحية من الاستقرار الديموغرافي، ما يستتبعه انحدار سريع إلى التناقص التدريجي لعدد السكان، كما هو الحال في عدد من الدول الأوروبية.
فحسب التعداد الأخير للسكان والمساكن الذي تم إجراؤه بين شهري أبريل/نيسان ومايو/أيار 2014، يخلص كانون إلى أن النسبة المتوسطة السنوية للزيادة السكانية لا تتجاوز 1.03 في المائة، وهي نسبة لا تسمح بالتجدد السكاني وتؤدي بطبيعتها إلى خلل في الهرم الديموغرافي، حيث تضيق قاعدته من صغار السن وتتضخم قمته بتزايد نسبة كبار السن، بما يؤدي إليه ذلك من اختلال اقتصادي واجتماعي بعيد الأثر على كل المستويات.
ويضيف أن متوسط نسبة النمو السكاني السنوية خلال الفترة بين 1994 و2004 كانت في حدود 1.21 في المائة، وانحدرت بشكل سريع في السنوات العشر التالية إلى 1.03 في المائة، وهي نسبة قريبة مما يلاحظ في بلدان مثل إيطاليا أو ألمانيا، حيث العزوف عن الإنجاب، وحيث يستقر عدد السكان ويتجه إلى "التهرم"، وهو ما يفرض البحث عن حلول قصوى، أهمها توريد عمالة كفيلة باستمرار ماكينة الإنتاج.
وفي دراسة أصدرها "معهد الإحصاء التونسي"، اتضح أن عدد سكان البلاد يتطور بالسلب، أي أن العدد عام 2024 سيكون قرابة 864 ألفا ما يعني انخفاضا أكبر في متوسط نسبة النمو.
ويعود الانخفاض الحاصل في نسبة النمو السكاني وفقا لما جاء على لسان الاختصاصيين الذين سألهم "العربي الجديد" إلى عاملين، أولهما: العزوف عن الإنجاب سواء بسبب خروج المرأة إلى سوق العمل أو بسبب الصعوبات المستجدة للحياة، وثانيهما تأخر سن الزواج، خاصة لدى الإناث بسبب طول مدة الدراسة أو صعوبة مستجدة في مواجهة تكاليف الحياة الزوجية، ما يقلل بصورة كبيرة من فترة الخصوبة المحتملة ويختصرها لما بين 10 إلى 20 سنة، فترتفع السن المتوسطة للزواج إلى ما بين 28 و35 سنة للإناث. ونتيجة لذلك فإن متوسط سن التونسي أصبح الأعلى في كل الأقطار العربية والأفريقية.
وتفيد مصلحة الإحصاء أن عدد السكان في تونس يشمل التونسيين والأجانب الذين استمرت إقامتهم مدة الستة أشهر السابقة، حيث أن أعدادا كبيرة من الليبيين يقيمون بتونس بسبب الأحداث الجارية، ولا توجد أرقام رسمية عنهم، وإن كان وزير الداخلية التونسية أعلن أنهم يناهزون المليونين، وهو رقم يسود الاعتقاد أنه مبالغ فيه.
كما أن التعداد كشف أنه ولأول مرة فاق عدد الإناث في تونس عدد الرجال، حيث كانت نسبة الإناث 50.2 في المائة، فيما عرفت تونس عادة بتفوق عدد الرجال في كل التعدادات السابقة.
ومن المنتظر أن يتم نشر نتائج تعداد 2014 مفصلة تباعا خلال الأشهر المقبلة، كما سيتم أيضا نشر إحصاءات المساكن والتوزيع السكاني على المناطق خلال نفس الفترة ، فيما يبدأ الإعداد للدراسات الاستشرافية للسكان حتى العام 2044 خلال الأشهر القادمة، لتكون جاهزة في 2017، علما أن العاصمة تونس باتت تُؤوي 10 في المائة من سكان البلاد، وإذا تمت إضافة سكان ضواحيها فإنها تصبح في حدود 25 في المائة من التونسيين.
دلالات