في تصريحات صادرة أخيراً عن الرئيس الإيراني حسن روحاني، اعتبر أن الاحتياطي من النقد الأجنبي والذهب لدى إيران جيد للغاية، مؤكداً أن ترتيب بلاده في التصنيف الدولي الخاص بالاحتياطي المماثل أعلى من 155 دولة أخرى.
وأكدت هذا الكلام وكالة أنباء تسنيم التي نقلت تقريراً حديثاً نشرته وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) والذي أفاد بأن حجم الاحتياطي من النقد الأجنبي لدى إيران يزيد على 132 مليار و600 مليون دولار، وهو ما يجعلها في المرتبة التاسعة عشرة من بين 175 دولة.
وفي عام 2016، نشرت ذات الجهة أي الاستخبارات الأميركية، تقريراً مماثلاً يقول إن حجم الاحتياطي من النقد الأجنبي يبلغ لدى إيران 135 مليار دولار، وهو مبلغ زاد عن العام الذي سبقه بـ 25.5 مليار دولار، ووضعها في المرتبة السادسة عشر في التصنيف الدولي من بين 170 بلداً، وكانت كل من الصين واليابان وسويسرا تمتلك مخزونا أعلى منها في ذاك العام.
وكان وكيل البنك المركزي الإيراني أكبر كميجاني قد وصف في تصريحات صادرة أخيراً حجم الاحتياطي من النقد الأجنبي في إيران بالجيد والمحكم، وقال إنه لا يوجد أي مشكلة في نقل عائدات إيران الخارجية إلى الداخل.
وعن هذا الأمر، قال الدكتور المتخصص في علوم الاقتصاد بهمن آرمان، إن البنك المركزي الإيراني لطالما أكد على ضرورة أن يكون حجم الاحتياطي من النقد الأجنبي لديه أكثر من 120 مليار دولار، مضيفاً إن الإيرادات التي تغذي حجم الاحتياطي تستند بشكل رئيس للعائدات الناتجة عن الصادرات النفطية والمشتقات البتروكيماوية، إضافة لمبيعات الفولاذ، الألمنيوم والمعادن.
وفي حديثه مع "العربي الجديد"، أكد آرمان أن الاحتياطي لدى بلاده قد تغير في سنوات فائتة، مشيراً إلى أنه ارتفع في عدة أعوام بسبب العقوبات التي فرضت على طهران في وقت سابق، فلم تكن طهران قادرة على الاستفادة من مصادرها من النقد الأجنبي ولم يكن مسموحا لها الاتصال بالنظام المالي العالمي، وهو ما حافظ عليها ومنعها من الحركة في السوق العالمية فزاد المخزون، حسب قوله.
وفي سؤال عن مقدار ما يغطيه هذا الاحتياطي من الواردات الخارجية والديون، رأى آرمان أن الاحتياطي من النقد الأجنبي الإيراني مازال أعلى بكثير من ديونها، فالعلاقات المالية والمصرفية مع إيران ما زالت غير مفتوحة وهو أمر متاح لدول ثانية، لكنه ينعكس على حجم ما تخزنه من النقد الأجنبي. وما زالت الأمور صعبة بالنسبة لإيران بسبب تبعات العقوبات وعدم حلحلتها بالكامل رغم الاتفاق النووي مع السداسية الدولية الذي يقارب عمره ثلاثة أعوام.
من ناحيته، أكد الأستاذ الجامعي في علم الاقتصاد عبد المجيد شيخي أن هذا الاحتياطي تتم تغذيته من إيرادات النفط والغاز، إضافة لغيرها من الصادرات، لكنه نوه لنقطة ثانية قد تؤدي لانخفاضه لاحقاً، ألا وهي اعتماد طهران على الواردات حتى غير الضرورية منها، وهو ما قد يرفع من التزاماتها المالية حسب رأيه.
وقال شيخي لـ" العربي الجديد"، إن هذه السياسة الاقتصادية يجب تغييرها، فصحيح أن المخزون ظل مرتفعاً بل وزاد بمرور الأعوام الماضية، لكن هذا يرجع للعقوبات بشكل رئيس، مشيراً إلى أنه زاد في المصارف الأجنبية، بسبب تجميد حسابات إيران في الخارج.
وفي سؤال عن كيفية رفع هذا الاحتياطي، رأى شيخي أن الأمر يعتمد على مدى تطبيق نظرية تعرف في الداخل بالاقتصاد المقاوم، ويتبناها المحافظون في البلاد، ومبادئ هذه النظرية تقوم على زيادة معدل الصادرات وخفض نسبة الواردات، وعدم الاعتماد كثيراً على الصادرات النفطية، ويجب أن يترافق هذا وتعزيز مستوى الإنتاج المحلي، وكل هذا من شأنه أن يزيد من معدلات النقد الأجنبي في صندوق الاحتياطي بحسب رأيه.
ودعا شيخي كذلك للترويج للسلع والبضائع المصنعة محلياً، وعدم الاعتماد كثيراً على الخارج، فطهران إضافة لتصديرها النفط الخام والغاز، تستطيع أن تزيد صادراتها من البضائع والخدمات الفنية والتقنية على حد سواء، وهذا كله ما زال يحتاج لتخطيط واف ودعم حقيقي.
ولكن هناك تهديدات تحدق باقتصاد إيران، فلا يمكن وصفه بالآمن أو وصف مؤشراته بالمستقرة، ورغم أن العقوبات قد تكون رفعت مخزون الاحتياطي من النقد الأجنبي سابقا، لكن هذه المعادلة قد لا تتكرر كثيراً، فاقتصاد البلاد في الوقت الراهن بات يعتمد على العملة الأجنبية والتبادلات بها، بحسب شيخي الذي أوضح أن تغييرات سعر الصرف وانهيار قيمة العملة المحلية أمام الدولار قد يتسببان بارتفاع نسبة التضخم مجدداً، وهذه أمور يجب التنبه لها، كما ذكر.
وفي فبراير/شباط الماضي سمح البرلمان الإيراني للحكومة الإيرانية برئاسة حسن روحاني باستخدام الاحتياطي من النقد الأجنبي بحال انخفضت عائدات صادرات النفط لأقل من خمسين بالمائة من المستوى المطلوب، وهذا يشمل كذلك صادرات الغاز، بما يتيح لها التعويض عن أي عجز محتمل في موازنتها.
وكان المتحدث باسم الحكومة الإيرانية محمد باقر نوبخت، قد قال إن 32% من عائدات النفط ستوضع في صندوق التنمية الوطنية، وإذا ما تجاوزت الحد المتوقع وتحسنت كثيراً بحال ارتفاع معدلات الصادرات أو الأسعار، فسيوضع الفائض في صندوق الاحتياطي من النقد الأجنبي.