ترتفع حدة الصدام السياسي والعسكري بين بغداد وأربيل، مع رفض السلطات العراقية اقتراح الإقليم بتجميد نتائج استفتاء الانفصال، واشتراطها إلغاءه بشكل كامل قبل الحديث عن أي مفاوضات مباشرة مع أربيل، بالتزامن مع إصرار بغداد على استعادة معبر فيشخابور مع تركيا، واندلاع معارك عسكرية بين الطرفين راح ضحيتها قتلى وجرحى. هذه التطورات زادت الضغوط على قادة الإقليم، وهو ما بدا من خلال عقد الحزب "الديمقراطي الكردستاني" اجتماعاً مغلقاً ضم قياداته البارزين، وجرى خلاله بحث تنحي رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني عن رئاسة الإقليم، وبقائه في منصبه السياسي الحالي وهو رئيس الحزب "الديمقراطي".
ودفعت بغداد ثلاث وحدات عسكرية جديدة وسرباً من المروحيات القتالية صوب مناطق مخمور وزمار وربيعة ضمن منطقة سهل نينوى الحدودية مع أربيل ودهوك، والتي شهدت أمس معارك عنيفة هي الأوسع من نوعها منذ سيطرة القوات العراقية على كركوك، وأدت إلى سقوط ما لا يقل عن 60 قتيلاً وجريحاً من القوات العراقية، إثر تصدي البشمركة لتحركات القوات العراقية الهادفة للوصول إلى معبر فيشخابور مع تركيا واستعادة السيطرة عليه.
وقال مسؤولون في الجيش العراقي إن القوات العراقية تعرضت لهجوم مضاد من قبل البشمركة، استخدمت خلاله الأخيرة أسلحة وصواريخ كانت دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة قد جهزتها بها ضمن الحرب على تنظيم "داعش"، وأسفر ذلك عن سقوط العديد من القتلى والجرحى في صفوف الجيش العراقي في مناطق زمار ومخمور وربيعة ضمن سهل نينوى، وهو ما دفع بغداد إلى إرسال مزيد من التعزيزات العسكرية إلى المنطقة.
وأوضح العقيد الركن ماجد حسين، من قيادة الفرقة 16 في الجيش العراقي، لـ"العربي الجديد"، أن "القوات العراقية ردت بالمثل على مصادر النيران وكبّدت البشمركة خسائر كبيرة"، لافتاً إلى أن "الحديث عن أن البشمركة تتخذ موقفاً دفاعياً غير صحيح، إذ تعرضت قطعات عسكرية برية لنا (أمس الخميس) إلى هجمات منظّمة أوقعت خسائر في صفوف قواتنا". وكشف عن تعزيز القوات المتواجدة هناك بوحدات جديدة لإنهاء المهمة الحالية وهي "التقدّم وصولاً إلى منطقة فيشخابور مع تركيا حتى لو تطلّب ذلك استخدام سلاح الجو ضد الانفصاليين".
وحول المهلة التي تم تحديدها في وقت سابق لتسليم أربيل منفذ فيشخابور، قال حسين إن "أربيل لم تستجب للمهلة وعززت قواتها هناك، ولدينا أوامر بالعمل على استعادته بأقل الخسائر، ولا نريد أن نستخدم قوة مفرطة لكن حكومة كردستان قد تجبرنا على ذلك في الساعات المقبلة".
أما القيادي في التحالف الحاكم والمقرب من رئيس الوزراء، جاسم محمد جعفر، فأوضح تعليقاً على التطورات العسكرية أمس، أن "الجيش ينفذ أوامر الحكومة ضمن الدستور في فرض السلطة والقانون في المناطق الشمالية، ويمكن اعتبار أي اعتراض أو إعاقة لتقدّمه جريمة سيحاسب عليها من ارتكبها"، مضيفاً في حديث مع "العربي الجديد" أن "القوات العراقية ستصل بشكل أو بآخر للمناطق التي تريد وصولها ويجب أن يفهم قادة الإقليم ذلك".
وحول هذا الموضوع، قال المتحدث باسم التحالف الدولي، الكولونيل ريان ديلون، لوكالة "أسوشييتد برس" أمس، إن القتال بين الحكومة العراقية وقوات البشمركة الكردية، "أثّر سلباً على جهود التحالف لهزيمة تنظيم داعش، خصوصاً عدم القدرة على نقل معدات وإمدادات عسكرية لشركائنا في العراق وسورية".
جاء ذلك في ما كان رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، قد أعلن من إيران صباح أمس عبر بيان أصدره مكتبه، رفضه اقتراح سلطات أربيل تجميد استفتاء الانفصال، معلناً أنه "لن يقبل بأقل من إلغائه والحوار ضمن الدستور"، وهي خطوة اعتُبرت تضييقاً جديداً على رئيس الإقليم، مسعود البارزاني، ودفعه إلى تقديم استقالته ضمن مطالب تتماشى مع رغبة كتل سياسية كردية داخل الإقليم.
ولاقى العبادي دعماً من تركيا، التي أكد رئيس حكومتها بن علي يلدريم أنّ عرض إدارة الإقليم تجميد نتائج الاستفتاء، لن يصلح ما تمّ تخريبه. وأوضح يلدريم في مؤتمر صحافي في أنقرة أمس، أنه "من الآن فصاعداً ستتعاون تركيا مع العراق وإيران بشكل مكثف لمكافحة الإرهاب ونشر الأمن في المنطقة". وأعلن أن حكومته تعمل مع العراق على تسليم إدارة المعابر الحدودية البرية بين الدولتين، إلى الحكومة المركزية في بغداد، مشيراً إلى أنه بحث مع العبادي قبل بضعة أيام مسألة فتح معبر جديد يصل بين البلدين.
من جهته، شدد وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، على ضرورة إلغاء الاستفتاء، قائلاً في مؤتمر صحافي أمس إن "تراجع إقليم شمال العراق عن الاستفتاء خطوة مهمة لكنها غير كافية ويجب إلغاؤه". وأشار إلى أن البارزاني "ظنّ أنه سيتمتع بموقف قوي على الطاولة في حال إجرائه الاستفتاء، لكن الجميع يرى أنه بات في وضع أضعف في الوقت الراهن".
كما لقي العبادي دعماً من المسؤولين في طهران التي زارها أمس، إذ وصف نائب الرئيس الإيراني، اسحاق جهانغيري، الذي التقى رئيس الحكومة العراقية، استفتاء كردستان بـ"المؤامرة والفتنة، ويستهدف دولاً ثانية أيضاً غير العراق"، وأشاد بدور الحكومة في بغداد وقدرتها على التعامل مع هذا الملف.
اقــرأ أيضاً
لكن في المقابل، اعتبر المتحدث باسم حكومة إقليم كردستان، سفين دزي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن المطالبة بإلغاء الاستفتاء مطلب تعجيزي ولا يمكن القبول به. وأضاف دزي أن "الإقليم قدّم مبادرة مهمة وباباً للحوار ولوقف التصعيد العسكري، لكن بغداد مصرة على خيار العنف، ونحن نرى حشودها العسكرية على حدود محافظات إقليم كردستان"، مشدداً على أن "خيار إلغاء الاستفتاء غير مطروح لدينا، وإذا أرادت بغداد أن تقبل الحوار، فنحن نرحب به لوقف الأزمة ومنع التصعيد".
من جهته، قال رئيس كتلة الحزب "الديمقراطي الكردستاني" في البرلمان العراقي، عرفات أكرم، لـ"العربي الجديد" إن "المعارك التي اندلعت بين البشمركة والقوات الاتحادية مؤسفة"، مضيفاً: "من المؤسف أيضاً أن بغداد مصرة على المضي بالقتال العسكري مع أن الأمم المتحدة والولايات المتحدة وفرنسا رحبت بالمبادرة الكردية". واعتبر أن "استمرار القتال سيعقّد المشكلة"، متمنياً على بغداد "وقف إطلاق النار، فكلما اشتدت الحرب، زادت الأمور سوءاً، ويجب بدء الحوار وقبول بغداد به لوقف الحرب المتصاعدة".
وأكد أكرم أن "وضع البشمركة ليس هجومياً بل هو دفاع عن النفس، وأطلقنا سراح الجنود وعناصر الحشد الذين تم أسرهم خلال المعارك، بأمر من البارزاني، لكن الطرف الآخر وهو بغداد، مصر على الحل العسكري، وعليها أن تعلم جيداً أنها لا يمكن أن تكسر إرادة كردستان"، مشيراً إلى أن "الغرض من معارك (أمس) هو إبعاد القوات المتحركة عن حدود الإقليم".
وفي موازاة محاولة مسؤولي الإقليم التشديد على رفض إلغاء الاستفتاء، كشف مسؤول كردي رفيع في السليمانية لـ"العربي الجديد"، عن أن الحزب "الديمقراطي الكردستاني" عقد اجتماعاً مغلقاً لأول مرة، ضم قيادات الحزب البارزين في مصيف صلاح الدين في مدينة أربيل، جرى خلاله بحث تنحي البارزاني عن سدة الحكم في رئاسة الإقليم وبقائه في منصبه السياسي الحالي، وهو رئيس الحزب "الديمقراطي".
وكشف المسؤول ذاته عن أن إعلان برلمان الإقليم، أمس الخميس، تأجيل جلسته المقررة بحسب بيانه السابق الأسبوع الماضي، كان بطلب من الحزب "الديمقراطي" بهدف منح قيادة الحزب في أربيل الوقت للاتفاق على مسألة مصير البارزاني، والمرشح البديل، وملف توزيع صلاحياته بين البرلمان ومجلس القضاء والحكومة. واعتبر أن "السيناريو الحالي المطروح سيحفظ ماء وجه البارزاني ويجنّبه الاستقالة أو الإقالة، من خلال إعلان البرلمان في جلسته المقبلة تفكيك هيئة رئاسة الإقليم وتوزيع صلاحياتها على الرئاسات الثلاث، الحكومة والبرلمان ومجلس القضاء".
اقــرأ أيضاً
ودفعت بغداد ثلاث وحدات عسكرية جديدة وسرباً من المروحيات القتالية صوب مناطق مخمور وزمار وربيعة ضمن منطقة سهل نينوى الحدودية مع أربيل ودهوك، والتي شهدت أمس معارك عنيفة هي الأوسع من نوعها منذ سيطرة القوات العراقية على كركوك، وأدت إلى سقوط ما لا يقل عن 60 قتيلاً وجريحاً من القوات العراقية، إثر تصدي البشمركة لتحركات القوات العراقية الهادفة للوصول إلى معبر فيشخابور مع تركيا واستعادة السيطرة عليه.
وقال مسؤولون في الجيش العراقي إن القوات العراقية تعرضت لهجوم مضاد من قبل البشمركة، استخدمت خلاله الأخيرة أسلحة وصواريخ كانت دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة قد جهزتها بها ضمن الحرب على تنظيم "داعش"، وأسفر ذلك عن سقوط العديد من القتلى والجرحى في صفوف الجيش العراقي في مناطق زمار ومخمور وربيعة ضمن سهل نينوى، وهو ما دفع بغداد إلى إرسال مزيد من التعزيزات العسكرية إلى المنطقة.
وحول المهلة التي تم تحديدها في وقت سابق لتسليم أربيل منفذ فيشخابور، قال حسين إن "أربيل لم تستجب للمهلة وعززت قواتها هناك، ولدينا أوامر بالعمل على استعادته بأقل الخسائر، ولا نريد أن نستخدم قوة مفرطة لكن حكومة كردستان قد تجبرنا على ذلك في الساعات المقبلة".
أما القيادي في التحالف الحاكم والمقرب من رئيس الوزراء، جاسم محمد جعفر، فأوضح تعليقاً على التطورات العسكرية أمس، أن "الجيش ينفذ أوامر الحكومة ضمن الدستور في فرض السلطة والقانون في المناطق الشمالية، ويمكن اعتبار أي اعتراض أو إعاقة لتقدّمه جريمة سيحاسب عليها من ارتكبها"، مضيفاً في حديث مع "العربي الجديد" أن "القوات العراقية ستصل بشكل أو بآخر للمناطق التي تريد وصولها ويجب أن يفهم قادة الإقليم ذلك".
وحول هذا الموضوع، قال المتحدث باسم التحالف الدولي، الكولونيل ريان ديلون، لوكالة "أسوشييتد برس" أمس، إن القتال بين الحكومة العراقية وقوات البشمركة الكردية، "أثّر سلباً على جهود التحالف لهزيمة تنظيم داعش، خصوصاً عدم القدرة على نقل معدات وإمدادات عسكرية لشركائنا في العراق وسورية".
جاء ذلك في ما كان رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، قد أعلن من إيران صباح أمس عبر بيان أصدره مكتبه، رفضه اقتراح سلطات أربيل تجميد استفتاء الانفصال، معلناً أنه "لن يقبل بأقل من إلغائه والحوار ضمن الدستور"، وهي خطوة اعتُبرت تضييقاً جديداً على رئيس الإقليم، مسعود البارزاني، ودفعه إلى تقديم استقالته ضمن مطالب تتماشى مع رغبة كتل سياسية كردية داخل الإقليم.
ولاقى العبادي دعماً من تركيا، التي أكد رئيس حكومتها بن علي يلدريم أنّ عرض إدارة الإقليم تجميد نتائج الاستفتاء، لن يصلح ما تمّ تخريبه. وأوضح يلدريم في مؤتمر صحافي في أنقرة أمس، أنه "من الآن فصاعداً ستتعاون تركيا مع العراق وإيران بشكل مكثف لمكافحة الإرهاب ونشر الأمن في المنطقة". وأعلن أن حكومته تعمل مع العراق على تسليم إدارة المعابر الحدودية البرية بين الدولتين، إلى الحكومة المركزية في بغداد، مشيراً إلى أنه بحث مع العبادي قبل بضعة أيام مسألة فتح معبر جديد يصل بين البلدين.
من جهته، شدد وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، على ضرورة إلغاء الاستفتاء، قائلاً في مؤتمر صحافي أمس إن "تراجع إقليم شمال العراق عن الاستفتاء خطوة مهمة لكنها غير كافية ويجب إلغاؤه". وأشار إلى أن البارزاني "ظنّ أنه سيتمتع بموقف قوي على الطاولة في حال إجرائه الاستفتاء، لكن الجميع يرى أنه بات في وضع أضعف في الوقت الراهن".
كما لقي العبادي دعماً من المسؤولين في طهران التي زارها أمس، إذ وصف نائب الرئيس الإيراني، اسحاق جهانغيري، الذي التقى رئيس الحكومة العراقية، استفتاء كردستان بـ"المؤامرة والفتنة، ويستهدف دولاً ثانية أيضاً غير العراق"، وأشاد بدور الحكومة في بغداد وقدرتها على التعامل مع هذا الملف.
لكن في المقابل، اعتبر المتحدث باسم حكومة إقليم كردستان، سفين دزي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن المطالبة بإلغاء الاستفتاء مطلب تعجيزي ولا يمكن القبول به. وأضاف دزي أن "الإقليم قدّم مبادرة مهمة وباباً للحوار ولوقف التصعيد العسكري، لكن بغداد مصرة على خيار العنف، ونحن نرى حشودها العسكرية على حدود محافظات إقليم كردستان"، مشدداً على أن "خيار إلغاء الاستفتاء غير مطروح لدينا، وإذا أرادت بغداد أن تقبل الحوار، فنحن نرحب به لوقف الأزمة ومنع التصعيد".
من جهته، قال رئيس كتلة الحزب "الديمقراطي الكردستاني" في البرلمان العراقي، عرفات أكرم، لـ"العربي الجديد" إن "المعارك التي اندلعت بين البشمركة والقوات الاتحادية مؤسفة"، مضيفاً: "من المؤسف أيضاً أن بغداد مصرة على المضي بالقتال العسكري مع أن الأمم المتحدة والولايات المتحدة وفرنسا رحبت بالمبادرة الكردية". واعتبر أن "استمرار القتال سيعقّد المشكلة"، متمنياً على بغداد "وقف إطلاق النار، فكلما اشتدت الحرب، زادت الأمور سوءاً، ويجب بدء الحوار وقبول بغداد به لوقف الحرب المتصاعدة".
وأكد أكرم أن "وضع البشمركة ليس هجومياً بل هو دفاع عن النفس، وأطلقنا سراح الجنود وعناصر الحشد الذين تم أسرهم خلال المعارك، بأمر من البارزاني، لكن الطرف الآخر وهو بغداد، مصر على الحل العسكري، وعليها أن تعلم جيداً أنها لا يمكن أن تكسر إرادة كردستان"، مشيراً إلى أن "الغرض من معارك (أمس) هو إبعاد القوات المتحركة عن حدود الإقليم".
وكشف المسؤول ذاته عن أن إعلان برلمان الإقليم، أمس الخميس، تأجيل جلسته المقررة بحسب بيانه السابق الأسبوع الماضي، كان بطلب من الحزب "الديمقراطي" بهدف منح قيادة الحزب في أربيل الوقت للاتفاق على مسألة مصير البارزاني، والمرشح البديل، وملف توزيع صلاحياته بين البرلمان ومجلس القضاء والحكومة. واعتبر أن "السيناريو الحالي المطروح سيحفظ ماء وجه البارزاني ويجنّبه الاستقالة أو الإقالة، من خلال إعلان البرلمان في جلسته المقبلة تفكيك هيئة رئاسة الإقليم وتوزيع صلاحياتها على الرئاسات الثلاث، الحكومة والبرلمان ومجلس القضاء".