كشفت مصادر دبلوماسية مصرية، تحدثت لـ"العربي الجديد"، أن وكيل وزارة الخارجية، مساعد الوزير لشؤون مكتب الوزير، السفير هشام سيف الدين، أجرى اتصالات هاتفية بالسفير الإسرائيلي بالقاهرة، كورين هايم، للاعتراض على تصريحات وزير الطاقة الإسرائيلي، والتي قال فيها إن السيسي أغرق أنفاق غزة بالمياه استجابة لطلب الاحتلال الإسرائيلي.
واكتفت المصادر بأن المكالمة جرت اليوم الأحد، رافضة الإفصاح عن تفاصيل أكثر بخصوصها.
بينما قال دبلوماسي مصري سابق، إن المكالمة لم تكن سوى محاولة ذر الرماد في العيون، بعد التصريحات الإسرائيلية، حول استجابة السلطات المصرية، للطلب الإسرائيلي، بإغراق أنفاق غزة بالمياه، وتشديد الحصار على الفلسطينيين في القطاع.
وكان الوزير الإسرائيلي، يوفال شطاينتس، قد دعا إلى الاحتذاء بـ "النموذج المصري" والتوجّه نحو إغراق الحدود مع قطاع غزة بالمياه للكشف عن الأنفاق الأرضية وتدميرها.
وقال خلال مشاركته في فعالية ثقافية بمدينة بئر السبع، جنوب فلسطين المحتلة، أمس السبت، "توجد تهديدات نتعامل معها بجدية ولدينا الحلول، ونحن نعلم أن حماس ستحفر المزيد والمزيد من الأنفاق".
وأشار إلى أن "الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي نفّذ هذه الفكرة في وقت سابق، بناء على طلب من إسرائيل".
وأشاد الوزير الإسرائيلي بعلاقات التنسيق الأمني بين تل أبيب والقاهرة، موضحاً أنها "تعيش أفضل حالاتها"، قائلاً: "التنسيق الأمني مع مصر أفضل من أي وقت مضى".
اقرأ أيضاً: اعتراف إسرائيلي: السيسي أغرق أنفاق غزة بناء على طلبنا
يأتي هذا في الوقت الذي وصف فيه إعلاميون ما قاله الوزير الإسرائيلي بـ"زلة اللسان"، وقال الإعلامي الإسرائيلي أفيعاد كيسوس خلاله برنامجه ذائع الصيت في إسرائيل "الصباح" على إحدى الإذاعات "إن تصريحات شطاينتس "كشفت السيسي ووضعته في أزمة حقيقية وأظهرته أمام شعبه كما لو أنه جندي إسرائيلي في دولة كمصر تعاني من غياب الاستقرار"، بحسب تعبيره.
وأضاف كيسوس أن أسوأ ما يمكن أن يحدث لحاكم عربي هو اتهامه بـ"العمالة" لصالح إسرائيل في المجال الأمني، موجهاً حديثه للوزير الإسرائيلي بقوله "قضيت على الرجل"، وذلك وفقاً لما نشرته صحيفة "معاريف" الإسرائيلية.
من جهته، قال الباحث المصري، محمد عصمت سيف الدولة، إن تصريحات الوزير الصهيوني، والتي أكد خلالها أن قرار الرئيس المصري بإغراق الحدود مع قطاع غزة بالمياه لهدم الأنفاق جاء بطلب إسرائيلي، ما هي إلا سلسلة في إطار عدد من الوقائع التي تؤكد أن العلاقة المصرية الإسرائيلية تعيش عصرها الذهبي.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد": "في الوقت الذي رفض فيه الرئيس المخلوع حسني مبارك، والذي كان الإسرائيليون يعتبرونه كنزاً استراتيجياً، ومن بعده المشير حسين طنطاوي، مطالب إسرائيلية بإقامة منطقة عازلة بين مصر وغزة، جاء السيسي ليوافق عليها بدون أي غضاضة، وكذلك الأنفاق التي رفض مبارك هدمها وتركها كمتنفس لسكان القطاع جاء هو وهدمها".
وأوضح أن السبب في ذلك هو استخدام السيسي لإسرائيل كبوابة للحصول على الاعتراف الأميركي، والغربي به، وهو ما تجلّى في طلب تل أبيب من اللوبي الصهيوني في واشنطن الضغط على إدارة الرئيس باراك أوباما للإفراج عن المساعدات العسكرية لمصر.
وأشار إلى أن الجديد هذه المرة ليس التصريحات في حد ذاتها، ولكن الهجوم الذي تعرض له الوزير الإسرائيلي عقب التصريحات من جانب وزراء وإعلاميين إسرائيليين، بدعوى أن تصريحاته تحرج السيسي وتضعف موقفه أمام معارضيه، وتجعل خصومه يشككون في وطنيته، وهو ما يقلل قدرة إسرائيل على الاستفادة القصوى من العلاقات معه.
وأبدى سيف الدولة تعجبه من صمت المفكرين والقوميين المصريين، والذين طالما اعتبروا أنفسهم مدافعين عن القضية الفلسطينية، قائلاً "هذا الصمت والتواطؤ أمام تلك المواقف المخزية يكشف أنهم وطنيون زائفون".