ألقى الفساد المستشري في المنظومة الكروية الجزائرية مجدداً بظلاله على الدوري الجزائري، ليؤزم الوضع أكثر داخل منظمة ترزح أصلاً تحت مشاكل لا حصر لها على غرار المنشطات والمخدرات وعنف الملاعب، وجاءت التصريحات الجديدة التي أدلى بها عدد من رؤساء ومسؤولي الأندية لتضع مسؤولي الاتحاد الجزائري لكرة القدم ورابطة الدوري في ورطة جديدة، تضاف إلى سلسلة من الأزمات التي تلاحقها.
وكانت آخر الأزمات، قيام الشرطة الفرنسية الأسبوع الماضي باعتقال 7 أشخاص يشتبه بتورطهم في "مراهنات مشبوهة" تخصّ إحدى مباريات الدوري الجزائري، وتسبب ذلك في تدخل اتحاد الكرة الدولي "فيفا"، الذي قام اتحاد الكرة الجزائري بالتعاون معه قصد وضع حد للتلاعب بنتائج المباريات والحفاظ على نزاهة اللعبة الأكثر شعبية، مثلما كشف عنه بيان للاتحاد الجزائري أخيراً.
وأدلى كمال دمرجي، نائب رئيس فريق أولمبي المدية الناشط في بطولة الدرجة الأولى المحترفة، الذي يصارع لتفادي السقوط إلى الدرجة الثانية، بتصريحات خطيرة بعد خسارة فريقه أمام شباب أهلي البرج بهدف دون رد، في الجولة الـ29 ما قبل الأخيرة من الدوري، حيث اتهم مباشرة اتحاد الكرة الجزائري ورئيسه خير الدين زطشي في "الفساد" المستشري في الدوري، كما وصف اتحاد الكرة بـ"غير الشرعي"، كما توجه ذات المتحدث بطلب "غريب" لقائد أركان الجيش الوطني الشعبي أحمد قايد صالح، قصد التدخل إزاء الوضع الذي تعيشه الكرة الجزائرية. وقال دمرجي في تصريحات للصحافيين: "كنا نعرف يومين قبل المباراة أن حكم اللقاء تم شراء ذمّته، نحن نعرف كل ما يجري في الدوري"، مضيفاً: "اتحاد كرة القدم غير شرعي، كيف يعقل أن يقوم رئيس فريق بتسيير الاتحاد والكرة، هذا الأمر غير مسبوق وغير معقول تماماً"، وتابع: "كل من يشارك في الدوري يشتري ويبيع، وكلهم تحالفوا ضد فريقي أولمبي المدية كي يدفعوا به إلى السقوط، ولديّ الأدلة".
وواصل ذات المتحدث: "حسبنا الله ونعم الوكيل، وأطلب من هذا المنبر لقائد أركان الجيش الوطني الشعبي أحمد قايد صالح أن يتدخل، لمحاربة الفساد في كرة القدم واتحاد الكرة مثلما يفعله في مجالي السياسة والاقتصاد، ما يحدث عيب وعار في (البطولة المنحرفة)، لقد تعمدوا وضع روزنامة تخدم مصالحهم وستتسبب في الإطاحة بفريقنا إلى القسم الأدنى، نحن نعرف من يكونون جيداً لأن لديهم خلفية ضدنا وبصدد تصفية حسابات معنا".
وفي سياق متصل، أطلق رئيس فريق اتحاد الشاوية عبد المجيد ياحي، تصريحات أكثر خطورة من سابقه حول الفساد الذي تعيشه الكرة الجزائرية، واتهم بصريح العبارة النظام الحاكم السابق في ما يحدث من فساد، إذ قال في تصريحات لموقع "ستاد نيوز" الرياضي الجزائري: "العصابة (النظام الحاكم السابق) سبب فساد كرة القدم الجزائرية، وهي التي لم يكفها أنها عاثت فساداً في السياسة"، مضيفاً: "حكام الكرة الجزائريون يملكون تسعيرات خاصة كي يتفاوضوا حول المباريات"، وتابع: "السلطات المحلية من ولاة ورؤساء بلديات أصبحوا الراعي الرسمي لبيع وشراء المباريات، وأصبح الأمر لا يقتصر على رؤساء الأندية فقط"، وختم قائلاً: "رؤساء الكثير من الأندية يتعاقدون مع مدربين معينين محترفين في الكولسة والتلاعب بنتائج المباريات".
وليست هي المرة الأولى التي يتم فيها إطلاق مثل هذه التصريحات، دون أن يتم وضع حد لمثل هذه التصرفات؛ إما بكشف المفسدين وإما متابعة من يطلق تصريحات مثل هذه دون تقديم أدلة، لدى العدالة. وسبق لرئيس فريق اتحاد عنابة الناشط في الدرجة الثانية، أن صرّح خلال برنامج تلفزيوني في شهر إبريل/ نيسان الماضي، بأنه قام بشراء ما قيمته 7 ملايين سنتيم (نحو 700 ألف دولار أميركي) لبعض المباريات، كي يتمكن فريقه من الصعود إلى الدرجة الثانية في الموسم الماضي، لكن هذه التصريحات مرت مرور الكرام بسبب غياب آليات قانونية للردع، ومعاقبة المتورطين في الفساد، بالموازاة مع تراخي الهيئات الرياضية والقضائية إزاء هذه القضايا الحساسة.