أثارت تصريحات أطلقها نائب أمين سر اللجنة المركزية لحركة "فتح"، جبريل الرجوب في مقابلة مع قناة "أون تي في" المصرية، وبثها تلفزيون فلسطين الرسمي قبل أيام، تتعلق بالمسيحيين الفلسطينيين جدلاً واستياء واسعين، في صفوف الفلسطينيين والتنظيمات.
وقال الرجوب قي تصريحاته إن "حماس حينما فازت بالانتخابات المرة الماضية حتى إخوانّا جماعة ميري كريسمس (في إشارة للمسيحيين في فلسطين) جزء منهم صوتوا لحماس، أما اليوم لا أحد يصوّت، فماذا قدموا وما النموذج والسلوك الذي قدّموه، هم لم يقدّموا إلا الدمار ولم يقدّموا إلا وسائل لا تليق بالشعب الفلسطيني، أنا مقتنع أن حماس لم تقدّم لا في الضفة ولا في غزة".
واعتبر أن "نسبة المسيحيين 17% في فلسطين، فماذا نفعل بهم؟ هل نقوم بتدفيعهم الجزية؟ نريد دولة يتم فيها فصل الدين عن السياسة. إن أسلمة المجتمع الفلسطيني هي مصلحة إسرائيلية، والوطنية الفلسطينية هي البوصلة وليس الإسلام والمسيحية ولا الماركسية، وأنا مقتنع أن الإسلام السياسي لن يفوز في فلسطين".
وأضاف "لن نسمح بأسلمة المجتمع الفلسطيني، فتح تريد دولة للشعب الفلسطيني، ولن تقوم دولة فلسطينية بأي منطق خارج الدولة المدنية".
بدوره، علّق أمين سر حركة فتح في بيت لحم، محمد المصري، لـ"العربي الجديد"، على تصريحات الرجوب، بالقول "نحن ننظر لإخواننا المسيحيين، وتحديداً في بيت لحم والتي تحتوي على النسبة الأكبر من مسيحيي فلسطين، بأننا عائلة واحدة، وننظر لهذا التصريح بغض النظر إذا كان زلة لسان، أو شيئاً غير مقصود، أنه كان في غير مكانه، ويعتبر إساءة للإخوة المسيحيين".
وأضاف "عليه نحن اعتذرنا في حركة فتح للمسيحيين، هؤلاء هم أهلنا، وهم من حملونا في كل هذه السنين، وهم من حملوا راية الفكر القومي العربي، والفكرة الوطنية".
كما أشار إلى أن المسيحيين "بالنسبة لنا إحصائياً ووطنياً وكل ما يمكن وصفه، هؤلاء هم ذخيرة هذه الأرض، وهم ملح الأرض، حالتنا الاجتماعية نحن وهم متمددة ولن تنتهي بجملة هنا أو هناك".
وشدد على مطالبة "فتح" في بيت لحم بموقف من اللجنة المركزية لحركة فتح، ومطالبة الرجوب بموقف للاعتذار عن تصريحاته، والتي فهم منها الشيء السلبي وليس الشيء الإيجابي.
إلى ذلك، أكد المصري أنه " في ظل الفهم المغلوط، وبعد أن أخذ التصريح سير المناكفة السياسية، فإنه وجب التوضيح بعيداً عن كل ما يمكن أن يقال في السياسة، كونه هناك فهم خاطئ، فيجب على الجميع الاعتذار وإصدار توضيح"، لافتاً إلى تواصل فتح مع المسيحيين، وإصدارها بياناً وجد استحساناً للموقف.
بدورها، حمّلت "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" في بيان لها، جبريل الرجوب، المسؤولية عما وصفته بـ"تصريحاته المشينة على إحدى الفضائيات ضد أهلنا في الطوائف المسيحية"، مؤكدّة أن هذه التصريحات تمثل إساءة للشعب الفلسطيني بأكمله.
ورأت أنّه "لا يكفي الاعتذار للشعب الفلسطيني من الرجوب للتكفير عن هذه التصريحات الخارجة عن ثقافة وقيم الشعب الفلسطيني، بل يجب أن تخضع للمحاسبة الفورية، ووقوف الشعب الفلسطيني وقواه بحزم أمام هذه التصريحات لمنع تكرارها".
وأكدت أن هذه التصريحات بحق جزء أصيل من الشعب الفلسطيني، ليست هفوة من قيادي سبق له أن شغل مواقع رسمية وغير بعيد في مسؤولياته الراهنة عن مظلة السلطة، وإنما تعكس نهج السلطة المتفرد، والذي أنتج قيادات استعلائية لا ترى بوحدة الشعب الفلسطيني وثقافته وهويته إلّا تهديداً لمصالحها ولنفوذها ولتطبيعها مع الاحتلال.
واعتبرت الجبهة أن هذه التصريحات لا تختلف إطلاقاً عن التصريحات من بعض شيوخ الفتنة التكفيريين بحق الطائفة المسيحية، والتحريض ضدهم، وتكفيرهم.
وفي ذات السياق، قال حزب الشعب الفلسطيني في بيان له، تعقيباً على تصريحات الرجوب، إن "هذه التصريحات مضرة ولا تعكس واقع الدور والمكانة الخاصة للمسيحيين الفلسطينيين، الذين لعبوا دوراً محورياً وما زالوا في الدفاع عن حقوق وقيم الشعب الفلسطيني وتطوير هويته الوطنية والقومية، وبوصفهم جزءاً لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي والكياني للشعب الفلسطيني".
وأكد الحزب أن هذه التصريحات الضارة والمرفوضة، تستوجب اعتذاراً صريحاً وواضحاً ودون تردد كي لا تصبح ذريعة للتطاول والاستخدام في إذكاء عناصر الفرقة بين الشعب الواحد، وكي لا تصبح مدخلاً تتسلل منه قوى الظلام والإفساد والاحتلال.