تصاعد الخلاف في المغرب حول تشغيل الأطفال

19 مايو 2016
مطالب بحماية الأطفال من العمل بالمنازل (Getty)
+ الخط -
ينتظر أن يحسم مجلس النواب (الغرفة الأولى من البرلمان المغربي) في الأسبوع المقبل قانون العمال المنزليين، الذي يثير سجالا كبيراً، احتدم في الأيام الأخيرة، بسبب الخلاف حول عمالة الأطفال والسن القانونية للتشغيل في المنازل.
وكانت الغرفة الثانية بالبرلمان المغربي، صوتت على القانون الجديد، حيث كرست سن السادسة عشرة، كسن قانونية للتشغيل، بينما تطالب أحزاب سياسية وجمعيات المجتمع المدني بتبني سن الثامنة عشرة.
وفي الغرفة الأولى بالبرلمان، تبنت لجنة القطاعات الاجتماعية، سن السادسة عشرة، قبل أن يحال مشروع القانون على الجلسة العمومية من أجل التصويت عليه، كي يدخل حيز التطبيق بعد نشره في الجريدة الرسمية.
غير أنه قبل شروع الغرفة الأولى في النظر في مشروع القانون والتصويت عليه في جلسة عمومية، ثارت العديد من رود الأفعال المستهجنة من قبل الأحزاب السياسية وجمعيات المجتمع المدني والعديد من الشخصيات الحقوقية.
وذهب مصدر من وزارة التشغيل والشؤون الاجتماعية، فضل عدم ذكر اسمه، لـ "العربي الجديد"، إلى أنه قد يجري إدخال تعديلات على مشروع القانون في الجلسة العمومية المزمع عقدها في الأسبوع المقبل من أجل التصويت النهائي، وذلك بالنظر لحجم ردود الأفعال الحالية.
ولم تخف جمعيات المجتمع المدني خيبة أملها من تصويت الغرفة الثانية من البرلمان المغربي على قانون العمال المنزليين، وهو ما دفع العديد من الجمعيات إلى إطلاق عريضة من أجل إقناع نواب الغرفة الأولى كي يقولوا "لا لشرعنة عمل الفتيات اعتبارا من سن 16 عاما".
ودعت الجمعيات في العريضة نواب الأمة إلى التصويت خلال الجلسة العمومية للغرفة الأولى بتحمل مسؤولياتهم، واتخاذ قرار ينسجم مع مبادئ الدستور المغربي والاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها المملكة.
وذهبت القيادية بالجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، سعيدة الإدريسي، في تصريح لـ "العربي الجديد"، إلى أن القانون الجديد يتعارض مع الدستور المغربي والمواثيق الدولية، التي تحرص على حماية الطفولة.
وتستغرب الإدريسي عدم التفات الحكومة والبرلمانيين للبعد الحقوقي عند تبني السن الأدنى لتشغيل العمال المنزليين، مشددة على أن الجمعيات الحقوقية والمدافعة عن الطفولة، قدمت في الأعوام الأخيرة، العديد من المذكرات وقامت بمئات المرافعات من أجل إقناع الحكومة والبرلمانيين بعدم سن قانون يجير تشغيل القاصرين.

وسعى وزير التشغيل والشؤون الاجتماعية، عبد السلام الصديقي، إلى الدفاع عن القانون الجديد، إذ رغم السجال حول سن التشغيل، اعتبر أنه يمثل تقدماً يحترم المعايير الدولية.
الوزير يعتبر أن المغرب، هو البلد الوحيد في العالم العربي، الذي سيتوفر على قانون يعالج قطاع تطور خارج القانون على مدى عقود، مستغرباً تركيز المنتقدين على سن العمل دون الجوانب الأخرى التي أتى بها القانون.
وتعتبر الحكومة أن القانون الجديد يتميز بسن حد أدنى للأجر لأول مرة، في حدود 160 دولارا في الشهر للعمال المنزليين، وفرض عقود عمل موقفة من المشغل والعامل المنزلي.
ويفرض القانون عطلة أسبوعية للعمال المنزليين وخلال الأعياد، وأخرى سنوية مدتها ثمانية عشر يوما، كما أن القانون يحصر مدة العمل في 48 ساعة في الأسبوع للبالغين سن الرشد و40 ساعة لمن تقل أعمارهم عن 18 عاما، ناهيك عن إجبارية التصريح بالعمال المنزليين لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
ويربط القانون السماح بعمل القاصرين من 16 إلى 18 عاما، بترخيص مسبق من ولي الأمر أو الوصي، كما يمنع ممارسة القاصرين لأعمال خطيرة، تهدد سلامتهم الجسدية وصحتهم العقلية.
ورغم تشديد الحكومة على الإيجابيات التي يتضمنها هذا القانون، إلا أنه لقي معارضة شديدة من قبل الجمعيات الحقوقية والجمعيات المدافعة عن الطفولة، حيث ترفض تشغيل القاصرين، خاصة الخادمات الصغيرات.
وكان المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، أوصيا بتحديد السن الأدنى للعمال المنزليين في 18 عاماً، حيث جرى التنديد بتشغيل القاصرين، علماً أن عدد الخادمات الصغيرات يقدر بالمغرب بما بين 60 و80 ألفا.
ويتجلى أن سعي الحكومة لتكريس مشروع القانون في صيغته الحالية، يواجه برفض المنظمات الحقوقية، غير أن أحزابا في المعارضة شرعت في انتقاد الحكومة، معتبرة أن ذلك المشروع يكرس السخرة والعبودية، في وقت يدافع حزب مثل العدالة والتنمية عن المشروع، مشيراً إلى أن العديد من المواقف الرافضة لا تخلو من مزايدة سياسية.

المساهمون