تشكيك في تزايد المعمّرين الروس

02 سبتمبر 2019
النسبة الكبرى للمعمّرين هي من النساء (فلاديمير سميرنوف/ Getty)
+ الخط -
أظهرت أرقام هيئة الإحصاء الروسية "روس ستات" أنّ عدد المعمّرين في روسيا سجّل رقماً قياسياً جديداً، مشيرة إلى أنّ عدد السكان الذين تخطّوا المائة من عمرهم تجاوز عتبة 20 ألف شخص، لكنّ ذلك يأتي وسط تشكيك خبراء في الديموغرافيا (علم السكان) في دقّة هذا الرقم المرتفع. وبحسب الإحصاءات التي أوردتها صحيفة "إزفيستيا" الروسية في شهر أغسطس/ آب المنصرم، فإنّ عدد المعمّرين الروس بلغ 20 ألفاً و582 معمّراً بحلول الأوّل من يناير/ كانون الثاني 2019، الأمر الذي يعني زيادة نسبتها 17 في المائة بالمقارنة بيانات عام 2017.

وفق البيانات الإحصائية، فإنّ النسبة الكبرى هي للنساء، إذ إنّ نسبتهنّ من بين مجموع المعمّرين تجاوزت 70 في المائة في مقابل أقلّ من 30 في المائة من الرجال. وهو ما يعكس الفجوة بين أعمار الذكور (68 عاماً) والإناث (78 عاماً) في روسيا، والتي تُعَدّ من الفجوات العمرية الكبرى بين الجنسَين في أوروبا. يُذكر أنّه وفي حين ظلّ عدد المعمّرين يختلف ما بين ارتفاع وانخفاض حتى عام 2011، كان توجّه نحو الصعود مع زيادة تُقدَّر بثلاثة أضعاف تقريباً في خلال سبعة أعوام فقط.



من جهته، يشكك الباحث المستقل في الديموغرافيا، أليكسي راكشا، في دقّة أرقام زيادة عدد المعمّرين في روسيا وسط الاختلاف ما بين البيانات الواردة في نتائج آخر تعداد سكاني أُعِدّ في عام 2010 وبين سجّلات الوفيات الصادرة عن إدارة الأحوال المدنية. ويقول راكشا في حديث لـ"العربي الجديد" إنّ "تعداد السكان يعتمد على الإجابات الشفهية، بخلاف الاعتماد على بيانات وثائق الهوية عند تسجيل الوفيات. وبحسب التعليمات، فإنّ الأولوية لبيانات تعداد السكان. لكنّ مسنّين كثيرين، لا سيّما من الرجال، يبالغون في أعمارهم بسبب خرف الشيخوخة".

وحول تداعيات ذلك على البيانات الإحصائية، يوضح راكشا: "إذا قال المسنّ في أثناء تعداد عام 2010 إنّ عمره 96 عاماً بدلاً من 89، فسوف تضيف الإحصاءات عاماً واحداً إلى عمره سنوياً ليبلغ 101 عام بدلاً من 94 عاماً بحلول عام 2015. وفي حال وفاته في عام 2015، سوف تسجّل الأحوال المدنية الوفاة وفق بيانات وثائق الهوية، أي 94 عاماً، بينما يظل المعمّر الافتراضي البالغ من العمر 101 عام على قيد الحياة. ولمّا كان تعداد السكان سريّاً، فإنّه يتعذّر رصد من توفي تحديداً بعد إجرائه، بسبب الحظر الذي يفرضه قانون حماية البيانات الشخصية".



ويتابع راكشا في السياق نفسه أنّ "ثمّة قاعدة ديموغرافية ثابتة تقول إنّ احتمال الوفاة يزداد مع التقدّم في السنّ. لذلك، فإنّ عدد الشيوخ البالغين من العمر 94 عاماً أكبر من عدد الذين يبلغون 101 عام بعشرات الأضعاف دائماً. ولمّا كانت الوفاة عن 94 عاماً غير مؤثّرة على المشهد العام، فإنّ كلّ معمّر تخطّى 100 عام ملحوظ. ونتيجة ذلك، تُسجَّل مبالغة في عدد المعمّرين عاماً بعد عام، وهذه المشكلة ليست قائمة في روسيا فحسب إنّما كذلك في اليابان حيث تراجع عدد المعمّرين من 65 ألفاً إلى 47 ألفاً بعد إجراء تعداد السكان". على الرغم من ذلك، يقرّ راكشا بأنّ "عدد المعمّرين في روسيا تزايد بفضل زيادة الأعمار المتوقّعة للسكان"، مرجّحاً في الوقت نفسه أن "يسفر تعداد السكان المقرّر إجراؤه في عام 2020 عن تدارك المبالغة في
عدد المعمّرين".

من بين مناطق روسيا التي تشتهر بعدد معمّريها الكبير، منطقة شمال القوقاز. يُذكر أنّ المعمّرة نانو شاوفا التي تعود أصولها إلى جمهورية قبردينو - بلقاريا توفيت في يناير/ كانون الثاني الماضي عن 128 عاماً، بعدما دخلت موسوعة "غينيس" العالمية للأرقام القياسية كأكبر معمّرة روسيّة. تجدر الإشارة إلى أنّه منذ الحقبة السوفييتية، عُرفت الجمهوريات ذات الأغلبية المسلمة في القوقاز، وفي مقدّمتها داغستان (القرى الجبلية فيها)، بتفوّق متوسّط الأعمار المتوقّعة على باقي أنحاء البلاد، وفق موسوعة "الرقص القوقازي" الإلكترونية. وعلى الرغم من عدم فكّ لغز إطالة أعمار سكان شمالي القوقاز حتى الآن، فإنّ الموسوعة نفسها تذكر عوامل عدّة لذلك، بما فيها الهواء الجبلي النقي والمواد الغذائية النظيفة بيئياً وتقاليد احترام الكبار ومنع تناول الكحول في الإسلام.