انتهت، يوم الأربعاء، عملية تشريح جثمان الفتى، نديم صيام نوارة، الذي استشهد في ذكرى النكبة الفلسطينية برصاص قناص إسرائيلي، الشهر الماضي، بمشاركة أطباء دوليين، وفلسطينيين وإسرائيليين، في معهد الطب العدلي في ضاحية أبو ديس في القدس المحتلة.
وأكدت مصادر مطلعة، لـ"العربي الجديد"، بأن الجثمان الذي أخرج من القبر، لم يكن متحللاً، بعد مرور أربعة أسابيع على استشهاده.
وقالت المصادر: إن الأطباء استطاعوا رصد مكان دخول الرصاصة القاتلة من صدر الشهيد وخروجها من ظهره. وأوضحت أن "الأطباء أخذوا صوراً فوتوغرافية، وصور أشعة، وسائلاً من دم الشهيد، لاستكمال إجراءات التحقيق".
وعلم "العربي الجديد" "أنه تم استخراج الجثمان خلال بروتوكول عسكري سري، وبحضور الدفاع المدني وسيارة إسعاف، وتم إرجاعه من المشرحة إلى مقبرة الشهداء بالبرتوكول ذاته".
ورفض والد الشهيد، صيام نوارة، الإدلاء بأي معلومات عن سير عملية التشريح، التي لم يكن موجوداً فيها، إذ انتدب شقيقه وعمه للحضور بدلاً منه. وقال: الجهة الوحيدة التي تستطيع التصريح هي النائب العام الفلسطيني.
ومن المتوقع أن يعقد النائب العام، الأسبوع المقبل، مؤتمراً صحافياً لاطلاع الرأي العام على نتائج التحقيق في استشهاد الطفل نوارة، الذي استشهد مع فتى آخر هو محمد محمود الظاهر (16 عاماً)، خلال المواجهات التي اندلعت أمام حاجز "عوفر" العسكري قرب رام الله، ضمن فعاليات إحياء ذكرى النكبة.
وتقود "مؤسسة الحق" الفلسطينية، تحقيقاً في مقتل الفتيين، تشارك فيه مجموعة من المؤسسات الحقوقية. واستدعت هذه المؤسسات أطباء تشريح دوليين من الدنمارك والولايات المتحدة الأميركية.
وأكدت مصادر مشاركة أطباء إسرائيليين في عملية التشريح، معتبرةً أن هذا أمر مهم، كونهم شاركوا بأنفسهم في التحقيق، ولم يكتفوا بالمراقبة.
واجتمع الأطباء الدوليون بأهالي نوارة والظاهر، وسمعوا منهم شرحاً مستفيضاً حول اللحظات التي سبقت وتلت استشهادهما. وشاهدوا معهم التسجيل المصور، الذي حصلت عليه الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، من كاميرا محل تجاري قرب المكان الذي استشهد فيه الطفلان، والتسجيل الآخر الذي بثته قناة "سي أن أن" الأميركية.
وقدم والد نوارة، للفريق الطبي الرصاصة القاتلة التي وجدها في حقيبة ابنه بعد خمسة أيام على استشهاده، وكانت الدماء ما تزال على الرصاصة التي احتفظ بها بعناية في وعاء بلاستيكي، قبل أن تسلّم الرصاصة لاحقاً للنائب العام الفلسطيني، عبد الغني العويوي.
من جهته، امتنع والد الشهيد محمد الظاهر، عن مشاهدة أي من التسجيلات المصورة والمواد المصورة التي بُثت أمام الاطباء، مكتفياً بوضع يديه على رأسه. وكانت عائلة الظاهر، قد رفضت تشريح ابنها، الذي أصيب أيضاً برصاصة قاتلة في الصدر.
وانتقد الأب أداء "مجمع فلسطين الطبي"، قائلاً: لقد أعطيت المستشفى إذناً بتشريح ابني بعد ساعات من استشهاده لكنهم لم يفعلوا، رغم أنهم كانوا يملكون الوقت الكافي لذلك. وتابع: "ترفض أمه وأشقاؤه بشكل قاطع تشريحه بعد دفنه.
بدوره، أكد المسؤول في "مؤسسة حقوق الإنسان الإسرائيلية ـ بيتسلم"، كريم جبران، على أن "عملية التشريح ستضيف مادة للتحقيق الجاري، وهذا مهم على صعيد استنفاد الإجراءات الداخلية في التحقيق، كخطوة إجبارية لمحاسبة اسرائيل دولياً".
وقال في تصريحات لـ"العربي الجديد"، "سنتابع هذا الملف حتى نهايته، رغم عدم ثقتنا في أجهزة التحقيق الإسرائيلية، لكن في هذه القضية تحديداً هناك الكثير من الأدلة التي تشير إلى استهداف مباشر للأطفال، إضافة إلى وجود رأي عام ضاغط على إسرائيل في هذه القضية، ما يجعل هناك فرصة تختلف في هذه القضية عن سابقاتها على صعيد إدانة إسرائيل".
وأشار إلى "أن هناك تحقيقاً جارياً في إسرائيل حالياً، ونتابعه بصفة حقوقية، وحتى الآن لم يحسم من أطلق النار على الأطفال، هل هم الجنود أم حرس الحدود الإسرائيلي"؟
وعن الجدوى من التحقيق والتشريح في ظل عدم وجود توقعات عالية، رد جبران: استكمال الملف كاملاً وعملية التشريح، يساهمان في إحراج الطرف الإسرائيلي وجهاز التحقيق العسكري، لأننا على مدى سنوات نقدم شكاوى ضد المنتهكين، ومعظم الأحيان يتم إغلاقها من دون تقديم لوائح اتهام الجنود أوتقديمهم الى المحكمة".
وخلص إلى القول: عبر التحقيق والتشريح اللذين شاركت فيهما طواقم طبية مختلفة، سيكون لدينا فرصة كبيرة للعمل على إدانة الجنود الذين أطلقوا النار، والمستوى الأعلى الذي أعطى التوجيهات بإطلاق النار.