تثير إجراءات التضييق من الحكومة الليبية على تدفق السلع غير النظامية (المهربة) عبر الحدود، نحو جارتها الشمالية تونس، المخاوف من تصاعد التوتر الاجتماعي في مدن الجنوب التونسي، التي يعيش سكانها على هذا النوع من التجارة.
وتشهد المعابر الحدودية بين البلدين ولا سيما معبر رأس الجدير، تضييقات على السلع الموردة من ليبيا مقابل انسياب عادي لشاحنات الصادرات التونسية في الاتجاه المعاكس، بحسب تصريحات لرئيس المجلس البلدي في مدينة بن قردان، فتحي العبعاب لـ"العربي الجديد"، الذي قال إن التوريد غير النظامي من ليبيا شبه متوقف، ما تسبب في نقص فادح في معروض السلع بسوق المدينة الحدودية، التي تمثل مقصداً مهماً للتجّار التونسيين من مختلف محافظات البلاد.
وأكد العبعاب توتر الوضع الاجتماعي في المحافظات الحدودية، مشيراً إلى أن تجار المنطقة باتوا شبه عاطلين من العمل، نتيجة التضييقات الكبيرة التي تفرضها السلطات الليبية على السلع التي تعبر نحو تونس.
وأضاف العبعاب أن النزول الحادّ في سعر الدينار الليبي تسبب أيضاً في مفاقمة أزمة التجار غير النظاميين، بعدما شهدت جلّ الموادّ الموردة زيادة في أسعارها، ما يقلص من هامش ربح المتاجرين بها، مشدداً على صعوبة الوضع الاجتماعي في المدن الحدودية، التي يمثل النشاط التجاري غير النظامي مصدراً رئيسياً لأغلب الأسر القاطنة فيها.
اقــرأ أيضاً
وفي شهري يوليو/ تموز وأغطس/ آب الماضيين، شهدت المعابر الحدودية بين تونس وليبيا توتراً كبيراً بسبب اشتباكات بين تجّار تونسيين والسلطات المحلية الليبية، ما تسبب في غلق معبري رأس الجدير والذهيبة وازن لأكثر من 8 أسابيع.
وعملت السلطات المحلية خلال تلك الفترة، في مدينتي بن قردان التونسية ووازن الليبية، على تشكيل لجنة مشتركة يعهد لها فضّ النزاعات بين الطرفين، وتسهر على وضع قواعد عرفية تلزم التجار بنوعية وكميات السلع الموردة من ليبيا نحو التراب التونسي.
وأكد العبعاب، وهو عضو اللجنة التونسية الليبية المشتركة، أن هذه اللجنة لم تنعقد منذ تشكيلها في أغسطس/ آب الماضي، مشيراً إلى أن انتهاء ولاية المجلس البلدي بمدينة زواره، وعدم انتخاب مجلس بلدي جديد، حال دون تفعيل هذه اللجنة.
وأضاف أن صعوبات الحكم المحلي في ليبيا تلقي بظلالها على المدن الحدودية التونسية، متوقعاً مزيداً من الصعوبات في حال استمرار الوضع على ما هو عليه الآن، لافتاً إلى أن عبور السلع التونسية في اتجاه ليبيا يسير بشكل عادي وسلس.
وعلى مدار العام، يشهد معبر "رأس جدير" الحدودي توترات واحتجاجات من الجانب التونسي، كثيراً ما تؤدي إلى إغلاقه، كما جرى في الصيف الماضي وسط شكاوى التجّار التونسيين، من تضييق ليبي يؤثر على مصدر رزقهم.
ويقع المعبر في مدينة بنقردان الحدودية بمحافظة مدنين، جنوب شرقي تونس، ويبعد نحو 30 كلم عن مركز المدينة، وقرابة 180 كلم عن العاصمة الليبية طرابلس.
وتفرض السلطات الليبية قوانين صارمة لمنع نقل السلع إلى تونس، بدعوى أنها تهدد اقتصاد البلاد، لأن الكثير منها مدعوم من السلطة الليبية.
وبعد إعادة افتتاح معبر راس جدير الحدودي مع تونس من الجانب الليبي، أعلنت وزارة الداخلية في حكومة الوفاق الوطني في طرابلس أن الحركة ستكون مفتوحة وفق الضوابط والقوانين الليبية، وخاصة في ما يتعلق بحركة البضائع والمسافرين في كلا البلدين.
وتمثّل التجارة بين تونس وليبيا مصدر رزق رئيسياً لآلاف العائلات في الجنوب التونسي، فضلاً عن العلاقات الاجتماعية القائمة بين المواطنين في الجارتين.
وأفاد الناشط في المجتمع المدني بالجنوب التونسي أشرف الشيباني، بأن تراجع سعر الدينار الليبي وارتفاع أسعار العديد من الموادّ التي كانت تدخل ضمن سلّة الواردات غير النظامية أثّرا على عمل التجار، مؤكداً أنّ سعر الصرف حالياً يتداول الـ100 دينار تونسي بـ40 ديناراً ليبياً.
ولفت الشيباني في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى صعوبات يواجهها تجّار الجنوب التونسي، نتيجة نقص السلع في الأسواق وتضييق السلطات الليبية على التوريد، مشيراً إلى أن أغلب نقاط بيع البنزين التي كانت تمتد على طول الطرق الرابطة بين مدن الجنوب أقفلت.
وقال إن السلطات التونسية يجب أن تبحث عن حلول تنموية حقيقة لهذه المدن، مشيراً إلى أن التجارة البينية غير النظامية مهما تنتعش تبقَ حلولاً ظرفية لا يمكنها توفير القوت لمتساكني الجنوب، الذين يعانون من ضعف مستويات التنمية في جهاتهم وانحسار فرص العمل.
واعتبر أن التهريب يجد حاضنة شعبية في الجنوب التونسي، ليس من باب تجاوز القوانين بل لغياب فرص كسب القوت، ما يجعل من الأنشطة غير النظامية مقبولة ومشروعة مجتمعياً.
وحسب تقرير أصدره مؤخراً معهد رؤساء المؤسسات التونسي (مستقل)، أن محافظات الجنوب التونسي (مدنين وتطاوين وقبلي) تتذيل قائمة المحافظات الجالبة للاستثمارات، ما يقلل من إمكانية احتواء ظواهر التهريب والتجارة الموازية في هذه المدن التي تعدّ مصدر الرزق الأساسي للأهالي.
وحسب تقرير حديث للبنك الدولي، فإن الاقتصاد التونسي يتكبد سنوياً خسائر بقيمة 500 مليون دولار بسبب التجارة غير الرسمية، أو تهريب السلع مع الجارتين ليبيا والجزائر.
وذكر البنك أن التهريب والتجارة غير الرسمية يمثلان أكثر من نصف المبادلات التجارية مع ليبيا، وأن 328 ألف طن من السلع المهربة تمرّ سنوياً عبر رأس الجدير في بن قردان الحدودية مع ليبيا.
وتشمل عمليات التهريب، حسب مصادر الجمارك التونسية، كل أنواع السلع الغذائية والمحروقات والموادّ الكيميائية الخاصة بالزراعية والأسلحة والمخدرات والكحول.
وحسب تقارير رسمية، تستورد ليبيا من تونس السلع الغذائية بجميع أنواعها، إضافة إلى موادّ البناء والمنظفات، إذ تُعدّ ليبيا وجهة التسويق الأقرب لمعظم المصانع في تونس، فيما يورد التجّار التونسيون من ليبيا بطرق "غير نظامية" موادّ بترولية، وأجهزة إلكترونية ومفروشات وعجلات مطاطية، إضافة إلى موادّ غذائية غير ليبية المنشأ.
وتعتبر ليبيا من أهم شركاء تونس اقتصادياً، وكانت أول شريك على الصعيد المغاربي والعربي، والخامسة على المستوى الدولي (بعد فرنسا وإيطاليا وألمانيا وإسبانيا).
ويندرج التبادل التجاري بين البلدين في إطار اتفاقية منطقة التبادل الحرّ الموقعة بينهما عام 2001، التي دخلت حيّز التنفيذ عام 2002، وهي تمنح العديد من الامتيازات.
ومنذ سنة 2016 ينتظر الأهالي تقدم الأعمال في المنطقة التجارية الحرّة، التي تتطلع الحكومة إلى إحداثها بتكلفة تصل إلى 44 مليون دولار.
ويتسبب التأخر في إصلاح العلاقات الاقتصادية المتبادلة بين تونس وليبيا، في توسع السوق الموازية وأنشطة التهريب، إذ تشير بيانات رسمية إلى أن أكثر من 60% من النشاط التجاري بينهما ابتلعه التهريب، ما يعدّ خسارة فادحة لاقتصاد البلدين.
وأكد العبعاب توتر الوضع الاجتماعي في المحافظات الحدودية، مشيراً إلى أن تجار المنطقة باتوا شبه عاطلين من العمل، نتيجة التضييقات الكبيرة التي تفرضها السلطات الليبية على السلع التي تعبر نحو تونس.
وأضاف العبعاب أن النزول الحادّ في سعر الدينار الليبي تسبب أيضاً في مفاقمة أزمة التجار غير النظاميين، بعدما شهدت جلّ الموادّ الموردة زيادة في أسعارها، ما يقلص من هامش ربح المتاجرين بها، مشدداً على صعوبة الوضع الاجتماعي في المدن الحدودية، التي يمثل النشاط التجاري غير النظامي مصدراً رئيسياً لأغلب الأسر القاطنة فيها.
وفي شهري يوليو/ تموز وأغطس/ آب الماضيين، شهدت المعابر الحدودية بين تونس وليبيا توتراً كبيراً بسبب اشتباكات بين تجّار تونسيين والسلطات المحلية الليبية، ما تسبب في غلق معبري رأس الجدير والذهيبة وازن لأكثر من 8 أسابيع.
وعملت السلطات المحلية خلال تلك الفترة، في مدينتي بن قردان التونسية ووازن الليبية، على تشكيل لجنة مشتركة يعهد لها فضّ النزاعات بين الطرفين، وتسهر على وضع قواعد عرفية تلزم التجار بنوعية وكميات السلع الموردة من ليبيا نحو التراب التونسي.
وأكد العبعاب، وهو عضو اللجنة التونسية الليبية المشتركة، أن هذه اللجنة لم تنعقد منذ تشكيلها في أغسطس/ آب الماضي، مشيراً إلى أن انتهاء ولاية المجلس البلدي بمدينة زواره، وعدم انتخاب مجلس بلدي جديد، حال دون تفعيل هذه اللجنة.
وأضاف أن صعوبات الحكم المحلي في ليبيا تلقي بظلالها على المدن الحدودية التونسية، متوقعاً مزيداً من الصعوبات في حال استمرار الوضع على ما هو عليه الآن، لافتاً إلى أن عبور السلع التونسية في اتجاه ليبيا يسير بشكل عادي وسلس.
وعلى مدار العام، يشهد معبر "رأس جدير" الحدودي توترات واحتجاجات من الجانب التونسي، كثيراً ما تؤدي إلى إغلاقه، كما جرى في الصيف الماضي وسط شكاوى التجّار التونسيين، من تضييق ليبي يؤثر على مصدر رزقهم.
ويقع المعبر في مدينة بنقردان الحدودية بمحافظة مدنين، جنوب شرقي تونس، ويبعد نحو 30 كلم عن مركز المدينة، وقرابة 180 كلم عن العاصمة الليبية طرابلس.
وتفرض السلطات الليبية قوانين صارمة لمنع نقل السلع إلى تونس، بدعوى أنها تهدد اقتصاد البلاد، لأن الكثير منها مدعوم من السلطة الليبية.
وبعد إعادة افتتاح معبر راس جدير الحدودي مع تونس من الجانب الليبي، أعلنت وزارة الداخلية في حكومة الوفاق الوطني في طرابلس أن الحركة ستكون مفتوحة وفق الضوابط والقوانين الليبية، وخاصة في ما يتعلق بحركة البضائع والمسافرين في كلا البلدين.
وتمثّل التجارة بين تونس وليبيا مصدر رزق رئيسياً لآلاف العائلات في الجنوب التونسي، فضلاً عن العلاقات الاجتماعية القائمة بين المواطنين في الجارتين.
وأفاد الناشط في المجتمع المدني بالجنوب التونسي أشرف الشيباني، بأن تراجع سعر الدينار الليبي وارتفاع أسعار العديد من الموادّ التي كانت تدخل ضمن سلّة الواردات غير النظامية أثّرا على عمل التجار، مؤكداً أنّ سعر الصرف حالياً يتداول الـ100 دينار تونسي بـ40 ديناراً ليبياً.
ولفت الشيباني في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى صعوبات يواجهها تجّار الجنوب التونسي، نتيجة نقص السلع في الأسواق وتضييق السلطات الليبية على التوريد، مشيراً إلى أن أغلب نقاط بيع البنزين التي كانت تمتد على طول الطرق الرابطة بين مدن الجنوب أقفلت.
وقال إن السلطات التونسية يجب أن تبحث عن حلول تنموية حقيقة لهذه المدن، مشيراً إلى أن التجارة البينية غير النظامية مهما تنتعش تبقَ حلولاً ظرفية لا يمكنها توفير القوت لمتساكني الجنوب، الذين يعانون من ضعف مستويات التنمية في جهاتهم وانحسار فرص العمل.
واعتبر أن التهريب يجد حاضنة شعبية في الجنوب التونسي، ليس من باب تجاوز القوانين بل لغياب فرص كسب القوت، ما يجعل من الأنشطة غير النظامية مقبولة ومشروعة مجتمعياً.
وحسب تقرير أصدره مؤخراً معهد رؤساء المؤسسات التونسي (مستقل)، أن محافظات الجنوب التونسي (مدنين وتطاوين وقبلي) تتذيل قائمة المحافظات الجالبة للاستثمارات، ما يقلل من إمكانية احتواء ظواهر التهريب والتجارة الموازية في هذه المدن التي تعدّ مصدر الرزق الأساسي للأهالي.
وحسب تقرير حديث للبنك الدولي، فإن الاقتصاد التونسي يتكبد سنوياً خسائر بقيمة 500 مليون دولار بسبب التجارة غير الرسمية، أو تهريب السلع مع الجارتين ليبيا والجزائر.
وذكر البنك أن التهريب والتجارة غير الرسمية يمثلان أكثر من نصف المبادلات التجارية مع ليبيا، وأن 328 ألف طن من السلع المهربة تمرّ سنوياً عبر رأس الجدير في بن قردان الحدودية مع ليبيا.
وتشمل عمليات التهريب، حسب مصادر الجمارك التونسية، كل أنواع السلع الغذائية والمحروقات والموادّ الكيميائية الخاصة بالزراعية والأسلحة والمخدرات والكحول.
وحسب تقارير رسمية، تستورد ليبيا من تونس السلع الغذائية بجميع أنواعها، إضافة إلى موادّ البناء والمنظفات، إذ تُعدّ ليبيا وجهة التسويق الأقرب لمعظم المصانع في تونس، فيما يورد التجّار التونسيون من ليبيا بطرق "غير نظامية" موادّ بترولية، وأجهزة إلكترونية ومفروشات وعجلات مطاطية، إضافة إلى موادّ غذائية غير ليبية المنشأ.
وتعتبر ليبيا من أهم شركاء تونس اقتصادياً، وكانت أول شريك على الصعيد المغاربي والعربي، والخامسة على المستوى الدولي (بعد فرنسا وإيطاليا وألمانيا وإسبانيا).
ويندرج التبادل التجاري بين البلدين في إطار اتفاقية منطقة التبادل الحرّ الموقعة بينهما عام 2001، التي دخلت حيّز التنفيذ عام 2002، وهي تمنح العديد من الامتيازات.
ومنذ سنة 2016 ينتظر الأهالي تقدم الأعمال في المنطقة التجارية الحرّة، التي تتطلع الحكومة إلى إحداثها بتكلفة تصل إلى 44 مليون دولار.
ويتسبب التأخر في إصلاح العلاقات الاقتصادية المتبادلة بين تونس وليبيا، في توسع السوق الموازية وأنشطة التهريب، إذ تشير بيانات رسمية إلى أن أكثر من 60% من النشاط التجاري بينهما ابتلعه التهريب، ما يعدّ خسارة فادحة لاقتصاد البلدين.