تشبيح قوات النظام السوري في حماة: الابتزاز بالخطف

08 يناير 2015
عمليات الخطف تتم بإشراف الاستخبارات الجوية (فرانس برس)
+ الخط -

تتزايد حالات الخطف للنساء والأطفال في حماة، وسط سورية، مع سدّ قوات النظام السوري جميع المنافذ في المدينة، وفرضها طوقاً أمنياً مكثّفاً ممثلاً بأكثر من مئتين وأربعين حاجزاً.

وفي غياب الرادع العسكري، انصرفت الاستخبارات السورية والعناصر التابعة لها، إلى ابتزاز الأهالي بأطفالهم ونسائهم من خلال طلب مبالغ مالية ضخمة، أو التهديد بقتل ذويهم. وبينما لم تتمكن المعارضة العسكرية من الحد من ذلك، إلا أنها عمدت إلى قطع المياه والكهرباء عن القرى الموالية للنظام السوري، من أجل الإفراج عن المعتقلات والمعتقلين، وتنفيذ بعض الوعود من خلال تدمير المحطات الكهربائية وخطوط المياه المغذية لتلك المناطق.

ويكشف مدير "حماة الإعلامي"، يزن شهداوي، لـ"العربي الجديد"، أن قوات النظام أقامت قبل أيام حاجزاً مفاجئاً في شارع أبي الفداء أمام مؤسسة أبي الفداء الاستهلاكية، وسط المدينة، حيث اعترضت "ميكروباصاً" يعمل على طريق الدباغة ـ طريق حلب، وأنزلت الركاب الذكور من الشباب والأطفال، ومن ثم استولت على "الميكروباص" ومَن بقي فيه من النساء والفتيات الصغار في وضح النهار.

وتقول الناشطة روز محمد، لـ"العربي الجديد"، إن "هذه الحادثة لم تكن الأولى من نوعها في هذا الأسبوع، فقد قام شبيحة النظام أيضاً منذ عدّة أيام بخطف فتاتين بعمر 14 عاماً من العوائل النازحة والمقيمة في مدينة حماة في حي غرب المشتل، وكذلك اختُطف طفل آخر في حي البرناوي"، مشيرةً إلى أن "هذه العمليات تتم بإشراف الاستخبارات الجوية في مطار حماة العسكري".

الابتزاز من أجل المال

وتُجمع المصادر التي تواصلت معها "العربي الجديد"، على أن جميع حالات الخطف التي تتم هي بهدف الحصول على المال، إذ يتم طلب مبالغ مالية ضخمة، خصوصاً أن المخطوفين هم من الأطفال والنساء، إلا أن بعض الحالات لا يُكتب لها النجاح وتنتهي بالموت، وهو ما حصل مع امرأة كانت عائدة من لبنان، إذ تم اختطافها مع سائقها على طريق ريف حماة الواصل بالمدينة، وبعد عدة أيام وُجدت جثتا المرأة والسائق في مستشفى حماة العسكري، وقد قُتلا برصاصتين في الرأس، مع أن أهالي المرأة كانوا يفاوضون من أجل دفع فدية.

ويقول شهداوي إن المركز الإعلامي "أحصى أكثر من خمس حالات خطف خلال سبعة أيام، مقابل فدية مالية عن كل مخطوف تزيد عن ثلاثة ملايين ليرة سورية، وقد وصل بعضها إلى ستين مليون ليرة سورية، بهدف ابتزاز أهالي المدينة والحصول على الأموال"، فيما أضاف المركز بأن "معظم المخطوفين من الأطفال والفتيات من كافة أحياء المدينة"، لافتاً إلى أن "خطف النساء يأتي لاستخدامهن كوسيلة ضغط على أهالي المخطوفين لدفع الأموال وتحقيق المطالب".

ويؤكد مدير تحرير صحيفة "حماة اليوم" المحلية، زيد العمر، لـ"العربي الجديد"، أن "قوات النظام وشبيحته بدعم من القيادات الأمنية في حماة، عادت بشكل كبير لسياسة الخطف وخصوصاً الأطفال في مدينة حماة، بعد توقّف نسبي عرفته المدينة لعدّة أسابيع"، لافتاً إلى أن قوات النظام المنتشرة في أرجاء المدينة تقوم بهذه العمليات للحصول على أكبر قدر من المال من أهالي المخطوفين.

غياب الردع

تعتمد العناصر التابعة للنظام السوري على سياسة خطف الفتيات تحت سن الثلاثين، والأطفال ممّن هم دون سن الثانية عشرة، كوسيلة أساسية لابتزاز الأهالي في مدينة حماة في الآونة الأخيرة، إذ سُجّلت أكثر من عشر حالات خطف لفتيات وأطفال خلال أقل من ثلاثين يوماً على أيدي شبيحة القرى الموالية للنظام في ريف حماة، في عمليات خطف ضمن شوارع المدينة في وضح النهار.

وقامت عدّة عناصر من "جيش الدفاع الوطني" التابع للنظام منذ عدّة أيام بخطف امرأة من منزلها في حي القصور في حماة تبلغ من العمر ثلاثين عاماً، وعلى مرأى من حواجز جيش النظام، وقد طالب الخاطفون بفدية بلغت أكثر من مليون ليرة سورية لإعادتها.

ويعزو ناشطو المدينة سياسة الخطف هذه إلى "غياب الرادع العسكري لقوات النظام داخل المدينة، مما أدى إلى تمرّد شبيحة النظام وعناصره بشكل كبير داخل أرجاء المدينة ليتسلّط النظام على المدنيين حسب راحتهم، فكل شيء بات مباحاً لشبيحة النظام داخل المدينة، وليس هناك مَن يكفّ أيديهم عن القيام بالتشبيح وإذلال الأهالي".

وسائل المعارضة البديلة

على الرغم من محاولات المعارضة المسلّحة العديدة السابقة للتوسّع في المناطق القريبة من مدينة حماة تمهيداً لاقتحامها، إلا أنها لم تفلح، وشهدت الأسابيع الأخيرة تفوقاً للنظام السوري في ريف حماة، ولهذا عمدت المعارضة إلى اتخاذ تدابير بديلة من أجل الضغط على النظام للإفراج عن المعتقلات في سجونه، خصوصاً في معتقل دير شميل.

وبعد سلسلة من التهديدات التي أطلقها لواء "عمر" بقطع الكهرباء والمياه عن القرى الموالية للنظام في ريف حماة، إذا لم يطلق سراح جميع المعتقلات في سجونه وفروعه الأمنية في المحافظة، دمّر اللواء خطوط تغذية التوتر العالي المغذية لتلك القرى، وقطع الكهرباء بشكل فعلي عن قرى النظام الموالية في سهل الغاب من خلال تدمير محطات توليد الطاقة الكهربائية المغذية لتلك المناطق.

كذلك قطع خطوط المياه المغذية عن قرى العزيزية والرصيف المواليتين للنظام، كما دمر في الشهر الماضي خطوط التوتر العالي المغذي للمستشفى وحاجز النحل في مدينة السقيلبية.

وكان نائب رئيس هيئة الأركان في "الجيش السوري الحر"، العميد أحمد بري، قد بارك هذه الخطوة في حديث لـ"العربي الجديد"، والتي وصفها بـ"الجيدة"، معلناً أنه "يشجع هذه الخطط، كون النظام لا يخضع إلا بالقوة"، خصوصاً بعد أن نجحت هذه الوسائل في ريف إدلب ودمشق.

يشار إلى أن مدينة حماة كانت من أكبر المدن التي خرج أبناؤها بتظاهرات سلمية في بداية الثورة السورية، إلى أن اجتاحتها دبابات النظام في شهر أغسطس/ آب، وقامت القوات السورية باقتراف مجزرة بحق أبناء المدينة فقتلت زهاء 100 شخص في الساعات الأولى من اجتياحها.