لم تهدأ بعد العاصفة التي أثارتها تسمية شوارع وأزقة بمدينة أغادير السياحية جنوب المغرب بأسماء فلسطينية، بسبب رفض نشطاء أمازيغ هذه المبادرة، الذي وصل إلى حد خروجهم أمس واليوم إلى شوارع أغادير من أجل الاحتجاج.
ودعا المحتجون، السلطات المحلية لمدينة أغادير، التي يشرف على تسييرها حزب العدالة والتنمية ذو المرجعية الإسلامية، إلى التراجع عن تسمية شوارع المدينة بأسماء فلسطينية، باعتبار أن ذلك يعد مسّاً بالهوية الأمازيغية المحضة لأغادير منذ نشأتها، وبأنهم مستعدون للتصدي لهذا القرار.
بالمقابل، أثنى نشطاء ومنظمات محلية على قرار سلطات أغادير تسمية بعض شوارع المدينة بـ43 تسمية فلسطينية، من قبيل "المسجد الأقصى وقبة الصخرة والخليل وعكا وأريحا وبيت لحم وحيفا"، باعتبار أنها مبادرة تعكس مدى ارتباط المغاربة بالقضية الفلسطينية.
وأكدت خولة أجنان نائبة عمدة أغادير، ضمن تصريحات صحافية، أن المبادرة جاءت تفاعلا مع جمعيات الحيّ لتأكيد رمزية ومركزية القضية الفلسطينية العادلة في الضمير المغربي".
بدوره اعتبر المرصد المغربي لمناهضة التطبيع، أن خطوة تسمية أزقة بأغادير بأسماء فلسطينية لا يخرج عن العلاقة الوطيدة بين المغرب وفلسطين، وبأنها ذات دلالات قوية حيال ما تتعرض له فلسطين المحتلة من تهويد وهجوم صهيوني أميركي.
من جهتها، انتقدت الهيئة الديمقراطية للمواطنة وحقوق الإنسان ما اعتبرته "إصرارا على تعريب المنطقة وإزالة الطابع المغربي للأسماء"، مقترحة أن يتم التراجع عن هذه الخطوة وتسمية أزقة المدينة بأسماء لها طابع مغربي أصيل".
الناشط والباحث الأمازيغي لحسن أمقران، سجل بدوره أنه منذ استقلال المملكة عاشت "الطوبونيميا المغربية" مسخا" كبيرا طاول أسماء المدن والقرى المغربية بشكل مهول وجنوني، فسياسة التعريب العابر للأقطار انتعشت كثيرا بداية من الستينيات القرن الماضي.
وأفاد أمقران بأن "تسمية بعض شوارع وأزقة مدينة أغادير بأسماء فلسطينية يجب النظر إليها بوجهين متكاملين، أولا أن التسمية في أي بلاد لا يجب أن تقتصر على ما هو محلي أو حتى وطني، بل إن إدماج تسميات - أعلام أو مدن- أجنبية من باب المستحب لأنه يعكس الانفتاح والتفاعل الحضاريين".
وزاد موضحا أنه "لا حرج أن نجد شارع "باتريس لومومبا" أو "هوتشي منه" أو "ياسر عرفات" وما إلى ذلك في مدينة من مدن المغرب أو غيره"، غير أنه لا يعقل ولا يستقيم بتاتا أن تتم "فلسطنة" أو "فرنسة" أو "سنغفرة" حي بأكمله في مدينة من المدن أيا كانت الذرائع".
واستطرد المتحدث أن "مدينة أغادير ومنطقة سوس عموما غنيتان بأعلامهما وشخصياتهما التي طبعت التاريخ الوطني في كل المجالات الأدبية والعلمية والفقهية والرياضية والتاريخية وغير ذلك، وكان على المجلس المعني أن يؤتي هؤلاء حصة الأسد حفظا لهوية و"طوبونيمية" المدينة، مع التطعيم بأعلام من هنا وهناك بما في ذلك الأعلام الفلسطينية".
ونبه أمقران إلى أن الذين أشرفوا على هذه الخطوة يخلقون عداوة بين فلسطين وفئات من الشعب المغربي"، مردفا أن استصدار عريضة من نسيج جمعوي تحت الطلب لتصفية حسابات أيديولوجية ولطمس رأسمال خصوم مزعومين أمر مرفوض ومردود، وعلينا أن نعلم ونتعلم أن نكون أوفياء للهوية المغربية (تامغربيت)، ونترفع عن الصراعات المجانية، لأنه مهما اختلفنا في أفكارنا يجب أن ندبر اختلافنا بعيدا من توظيف القضايا العادلة".