تسعير الحبوب يربك مزارعي تونس

04 يونيو 2016
تونس تستهلك 2.5 مليون طن من القمح سنوياً(فرانس برس)
+ الخط -


يخشى مزارعو تونس مع دخول موسم تجميع محاصيل الحبوب، من المراجعة الحكومية لأسعار المحاصيل بعد تقييم النوعية، وتواصل منظمة المزارعين (اتحاد الفلاحة والصيد البحري) الضغط على الحكومة للمحافظة على الأسعار المعتمدة العام الماضي حتى في حالة التراجع النسبي لنوعية الحبوب تفادياً لخسائر إضافية للمزارعين.
ويخوض المزارعون كل عام المعركة ذاتها من أجل تقييم إيجابي لسعر الحبوب، بما يسمح لهم بتغطية التكاليف المرتفعة وتحقيق أرباح جيدة.
وتتم عملية تقييم نوعية الحبوب التي يتقدم بها المزارعون إلى مراكز التجميع الحكومية أو الخاصة على أساس نوعية الحبة في المختبرات، ثم يحدد السعر حسب جودة المنتج.

وغالبا ما يتهم المزارعون مختبرات التقييم بغياب الشفافية وعدم وجود مقاييس مضبوطة، ما يفتح باب التأويلات على المشرفين على هذه المراكز مع اتهامهم بابتزاز المزارعين وإرغامهم على دفع العمولات من أجل الحصول على تقييم جيد لمحاصيلهم.
في المقابل، يعتبر مدير عام المعهد الوطني للزراعات الكبرى، أسامة الخريجي، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن مخاوف المزارعين من عملية التقييم لا مبرر لها، لافتا إلى أن جودة الحبوب لهذا الموسم ستكون مرضية من حيث درجة النقاء والوزن الصافي وتقليص نسب الشوائب.
وأشار الخريجي إلى أن المعهد يقدم الإحاطة اللازمة لمزارعي الحبوب لمساعدتهم على جمع محاصيلهم في ظروف طيبة، لا سيما من حيث تعديل آلات الحصاد، للحد من نسبة الهدر التي تقدّر بمعدل 6%، فضلا عن تمكينهم من وسائل تتعلق بالحماية والوقاية من الحرائق والإجراءات الواجب اتخاذها لحماية الحقول وتأمينها من الحرائق.



ووفق الأرقام الأولية التي كشفت عنها وزارة الزراعة، ينتظر أن تصل حصيلة الحبوب لموسم 2015/ 2016، إلى نحو 14 مليون قنطار، مقابل 13 مليون قنطار للموسم الماضي.
وقالت الوزارة إن الأرقام الأولية تم تحديدها إثر التقييم الأولي الذي أجري في شهر إبريل/ نيسان الماضي بناءً على العوامل المناخية.
ومن المنتظر أن تنطلق عمليات الحصاد على أقصى تقدير في الأسبوع الأول من يونيو/ حزيران الجاري، حيث يرغب المزارعون هذا العام في إنهاء الحصاد مبكرا، حيث إن ذروة جني المحصول ستتزامن مع شهر رمضان، وهو ما من شأنه أن يضعف من مردودية العمال الذين سيواجهون العطش وحرارة الشمس صباحاً.

ويعتبر المسؤول بمنظمة المزارعين عمر الباهي، عملية تقييم جودة الحبوب التي تتم في المختبرات الحكومية من أصعب المشاكل التي تواجه المزارعين، مشيرا إلى أن هذه المشاكل تتكرر سنويا.
وأضاف الباهي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن التقييم أو ما يُعرف باسم "التعيير" في تونس، يبقى في كل الحالات نسبياً ومن الصعب، وفق قوله، أن يقتنع المزارع الذي بذل مجهودات كبيرة على امتداد الموسم الزراعي بالنتيجة التي يحددها المختبر.
وأكد عضو منظمة المزارعين على أن الحبوب التونسية تبقى من أجود أنواع الحبوب في العالم، مؤكدا على أن نسبة الإقبال عليها في السوق العالمية كبيرة، ما يستدعي إجراء مراجعات كبيرة في التقييم والتسعير لتحفيز المزارعين على الرفع من الإنتاج ومساعدتهم على تحقيق أرباح تضمن استمرارية القطاع وعصرنته، على حد قوله.

وشدد عمر الباهي على أن تواصل إحساس المزارعين "بالظلم" في تقييم محاصيلهم يهدد بمفاقمة ظاهرة تهريب الحبوب عبر الحدود التي توسعت في السنوات الماضية، معتبرا أن خسارة الدولة ستكون كبيرة في حال توسع السوق السوداء للحبوب.
ولاحظ عضو منظمة المزارعين أن ارتفاع أسعار الحبوب والبقول خلال السنوات الماضية وازَن بين مصاريف الفلاحين ومداخيلهم، وذلك أن قرر الحكومة رفع سعر القنطار الواحد من القمح الصلب إلى 60 دينارا تونسيا، أي نحو 30 دولارا، بعد أن ظل لسنوات دون حد الـ30 ديناراً، أي نحو 15 دولاراً، غير أن التقييم السلبي للحبوب في المختبرات يمكن أن ينزل بالسعر إلى ما دون 50 ديناراً.

ويجمع مزارعو الحبوب على أن رفع أسعار الحبوب فرضته الأسعار العالمية، إلا أن هذا الارتفاع، في حقيقة الأمر، لم ينعكس بصفة كبيرة على وضعية الفلاحين، وذلك نظرا لارتفاع تكاليف الإنتاج وعدم مجاراة المنح التي تقدمها الدولة للمزارعين للتكاليف، ولا سيما ارتفاع سعر المحروقات، حسب محليين.
وتمثل زراعة الحبوب أحد أهم القطاعات الزراعية في تونس، ويتصدّر موسم حصاد الحبوب قائمة الأنشطة الزراعية، الذي يساهم بنسبة تفوق 10% من إجمالي الناتج المحلي، ويستقطب ما يزيد عن 8% من إجمالي الاستثمارات في الاقتصاد الوطني، ويشغّل نحو 16% من الأيدي العاملة النشطة.


المساهمون