تسريبات العتيبة فصل بمسلسل التحريض ضدّ المركز العربي: منع ومصادرة كتب واعتداء

04 نوفمبر 2017
التحريض والمنع يتخدان أشكالاً عديدة (العربي الجديد)
+ الخط -

كشفت تسريبات السفير الإماراتي في واشنطن، يوسف العتيبة، الأخيرة، والرسائل المتبادلة مع المبعوث الأميركي السابق إلى الشرق الأوسط، دينس روس، رأس جبل الجليد الظاهر في التحريض ضد "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، الذي يرأسه المفكر العربي، عزمي بشارة.

تحريض العتيبة

التحريض الذي مارسه العتيبة وروس في رسائلهما المتبادلة حول مؤتمر المركز العربي الذي جرى تنظيمه في مدينة الحمامات في تونس، في شهر أغسطس/آب 2016، عن مقاطعة إسرائيل بعنوان: "استراتيجية المقاطعة في النضال ضدّ الاحتلال ونظام الأبارتهايد الإسرائيلي: الواقع والطموح"، الذي كشفه موقع "ميدل إيست مونيتور" البريطاني، ليس إلا فصلا من مسلسل طويل تناول محاولات عديدة، لعرقلة سعي المركز إلى نشر ثقافة الديمقراطية والحرية، عبر منع مشاركته ومصادرة الكتب التي يصدرها في معارض الكتاب التي أقيمت خلال الأعوام الماضية في الإمارات والسعودية.

معرض أبوظبي للكتاب

التضييق الإماراتي ضدّ منشورات "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، بدأ مع "معرض أبوظبي للكتاب"، في مايو/أيار 2014، حيث تم إغلاق جناح "الشبكة العربية للأبحاث" المشاركة في المعرض، ومصادرة منشوراتها.

معرض الرياض

الأمر نفسه حصل في "معرض الرياض الدولي للكتاب"، في شهر مارس/آذار 2015، حيث أصدرت "الشبكة العربية للأبحاث" حينها بياناً دانت فيه إغلاق جناحها ومصادرة كتبها، وقالت: "إن ما يحدث يعدّ تناقضاً فاضحاً مع ما تدّعيه إدارة المعرض من حرص على أن يكون المعرض مرضياً لجميع الأطراف بمختلف التوجهات الفكرية والثقافية. كما أنه تكبيلٌ لحرية الرأي والتعبير". وقال وزير الإعلام السعودي، عبد العزيز الخوجة، آنذاك "إن جناح الدار يحوي كتباً تمسّ بأمن المملكة ونظام الحكم".

معرض جدّة

المصادرة والمنع لإصدارات "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، استمرا مع "معرض جدة للكتاب"، في شهر ديسمبر/كانون الأول 2015، الذي شارك فيه المركز. كسائر كل الأجنحة المشاركة في "معرض جدة الدولي للكتاب"، افتُتح جناح "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" مع الافتتاح الرسمي يوم الجمعة 11 كانون الأول/ديسمبر، إلا أنّ زوّار المعرض فوجئوا، في صباح اليوم التالي، بقيام مسؤولين في إدارته بالدخول إلى جناح "المركز" والطلب من مندوبه المشرف عليه مغادرته، ومنعه من أن يكون داخله أو بالقرب منه. بعد ذلك، وُضعت حواجز خشبية حول الجناح ليصبح عبارة عن مربع مسمط، كأنه لم يكن.

وكتب الشاعر والكاتب السعودي مفرج بن شويه، حينئذ، تغريدة على "تويتر" قال فيها "وزارة الثقافة تقفل جناح المركز العربي القطري، في معرض جدة الدولي للكتاب، والذي يديره عزمي بشارة، وتمنعه من المشاركة. وكان المركز العربي قد استوفى جميع الإجراءات القانونية والرسمية اللازمة للمشاركة في هذا المعرض، وحصل على موافقات الجهات المشرفة على تنظيمه".

معرض الشارقة

تواصل مسلسل المنع لمصادرة كتب المركز العربي، في معرض الشارقة للكتاب، الذي عقد في شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2016، وإن كان بطريقة مختلفة هذه المرة، إذ تمّت مصادرة كتب المفكّر العربي عزمي بشارة من جناح "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، عن طريق "شرائها" دفعة واحدة من قبل الإدارة وجهات أمنية، وبفرض نسبة الحسم الذي تريده على إدارة الجناح.

وتتالت التسريبات من داخل المعرض عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن نفاد جميع كتب صاحب "في الثورة والقابلية للثورة" (2012)، بعد أن توجّهت إدارة المعرض ومعها جهة أمنية إلى جناح "المركز العربي" وطلبت من مندوبه جميع أعمال بشارة لتشتريها بنصف الثمن. وحين ردّ بأنه لا يُمكنه إجراء حسم بأكثر من 30 في المائة، قاموا بتحذيره من مصادرة كامل الكتب المعروضة في حال رفضه الأمر، ما اضطره إلى الاستجابة لهم، إلا أن إدارة معرض الشارقة للكتاب أعادت، في اليوم التالي، كتب المفكّر العربي عزمي بشارة إلى جناح "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، وجرى عرضها للجمهور من جديد، وقد علّلت إدارة المعرض ذلك بأن الهدف كان شراءها فقط وليس مصادرتها.

شبيحة نظام الأسد يعتدون على مؤتمر مقاومة التطبيع

وكان التطور الأبرز في الهجوم على "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، في شهر أغسطس/آب 2016، حين هاجم شبيحة نظام بشار الأسد في تونس مؤتمرا عن مقاومة التطبيع، حيث حاولت مجموعةٌ من أنصار الأسد، ومجموعة شبيحة تطلق على نفسها "عاشقي معمر القذافي"، تعطيل جلسة من أعمال المؤتمر الأكاديمي في يومه الثاني، الذي كان يبحث "استراتيجيات مقاومة التطبيع وتعزيز حملة المقاطعة العالمية ضد نظام الأبارتهايد الإسرائيلي".

وأوضح "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، في بيان أصدره حينها، "أن محاولة شبيحة الأسد تعطيل إحدى جلساته في تونس باءت بالفشل"، وأشار إلى أن محاولة تعطيل الجلسة "تعكس بالضرورة أنّ شبيحة نظام الأسد يتعاملون مع القضية الفلسطينية كأداةٍ لخدمة الاستبداد وقتل المواطنين".

وأكد المركز أنه سيستمر "في عقد المؤتمرات الأكاديمية بشأن القضية الفلسطينية، وأنه ليس في حاجة إلى إذنٍ من أي جهةٍ تدّعي احتكار القضية أو وسائلها في النضال". وأضاف في بيان "يعبر المركز عن انحيازه الكامل لقضايا حقوق الإنسان والديمقراطية ورفض الاستبداد، ومناصرة تطلعات الشعوب العربية تجاه الحياة بكرامة وحرية. ويؤمن المركز بأنّ هدف العلوم الاجتماعية الارتقاء بالمواطن وإسعاده، وليست الشعوب العربية استثناءً في هذا المجال".



تحريض "تليغراف"

ووصلت حملة التحريض ضدّ المؤتمر الأكاديمي الذي نظمه "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، إلى صحيفة "ديلي تليغراف" البريطانية، المعروفة بكونها مقربة سياسياً من اليمين المحافظ في بريطانيا، المقرب بدوره من إسرائيل. ففي مقال للكاتب كون كوغلين، نقل فيه عن "مسؤول حكومي إسرائيلي رفيع المستوى" قوله إن "حركة المقاطعة تحاول شيطنة إسرائيل منذ عقود، وبعدما بات هذا الفريق يتلقى الدعم من دولة قطر (مستشهداً بتنظيم مؤتمر المركز العربي في تونس)، فمن الواضح أنهم سيجددون جهودهم لتنظيم حملة مقاطعة ضد إسرائيل". وكتبت الصحيفة البريطانية أن "قطر هي الممول الرئيسي للمؤتمر".

يذكر أن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، هو مركز أبحاث أكاديمي يسعى إلى تعزيز العلوم الاجتماعية والإنسانية في العالم العربي، ومنشورات المركز ذات طبيعة أكاديمية، وتتضمن دراسات في الفكر والعلوم السياسية وترجمات لأبحاث جديدة في العلوم الاجتماعية، بجودة عالية في التأليف والترجمة والتحرير.