في واقعة تكررت خلال الشهر الأخير، أقدم عراقي في محافظة ذي قار جنوبي البلاد، قتل زوجته وأطفاله الثلاثة رميا بالرصاص، قبل أن يسلم نفسه للشرطة، وقبل أيام، قتل رجل ابنته، وقبلها، قتل شاب والده، ثم حاول الانتحار.
ويؤكد خبراء مجتمع وأطباء نفسيون في بغداد، أن تكرار هذا النوع من الجرائم يعد مؤشرا على خطر كبير في المجتمع العراقي، إذ لم يسجل العراق بتاريخه هذا العدد من تلك النوعية من الجرائم.
وأعلنت قيادة شرطة محافظة ذي قار، صباح اليوم الأربعاء، اعتقال رجل قتل أفراد عائلته ببلدة الإصلاح شرق الناصرية، وأوضحت الشرطة في بيان، أن "شرطة المحافظة سجلت فجر اليوم، قيام رب أسرة في العقد الرابع من عمره بقتل زوجته وأبنائه الثلاثة، فتاتين وصبي تتراوح أعمارهم بين 9 و13 سنة".
وأضاف البيان أن "الشرطة ألقت القبض على الجاني، وضبطت السلاح المستخدم في الجريمة"، لافتا إلى أن "التحقيقات لا تزال مستمرة لمعرفة الأسباب والدوافع التي دعته لارتكاب جريمته".
وقال ضابط بشرطة المدينة لـ"العربي الجديد" خلال اتصال هاتفي، إن "الرجل قتل أطفاله وهم نيام فجرا، ثم قتل زوجته، وخرج إلى حديقة المنزل، وجلس بانتظار الشرطة بعد استنفار الجيران بسبب صوت الرصاص، واتصالهم بالشرطة"، مبينا أن "الرجل لا يتكلم، ويبدو كأنه منفصل عن الواقع".
يأتي ذلك بعد أيام قليلة من إعلان الشرطة العراقية في السليمانية، مقتل فتاة على يد والدها وإصابة شقيقها وزوجته بجروح خطيرة، قبل أن يقدم على الانتحار، ثم أعلنت شرطة القادسية مقتل رجل على يد ابنه، خلال الشهر الحالي أيضا.
ووفقا لبيانات وزارة الداخلية العراقية، فإن معدل الجرائم العائلية ارتفع بشكل مسبوق في البلاد، وبلغ منذ مطلع 2018 أكثر من 100 جريمة قتل، عدا عن تسجيل 58 حالة انتحار في البلاد، أكثر من نصفها في جنوب العراق وإقليم كردستان.
وقال الأستاذ في جامعة بغداد عباس العطواني لـ"العربي الجديد"، إن "الأبحاث تشير إلى أن ضغوط الحياة اليومية الهائلة، وانعدام الأمل بالوضع العراقي، وانتشار المخدرات والمسكرات، واتساع الشروخ داخل المنظومة الأسرية والقيمية بعد الاحتلال، كلها أسباب واضحة ومباشرة لانتشار هذه الجرائم".
وأضاف: "لم يعد الشارع العراقي هادئا كما كان خلال السنوات الماضية، والمشاكل العائلية سرعان ما تتطور، وأغلبها مشاكل ناجمة عن الفقر أو الخيانة أو تعاطي المواد المخدرة، وخاصة الإيرانية، التي تجعل متعاطيها أقل إدراكا لما يفعل".
وأوضح الباحث في مركز بغداد للدراسات والأبحاث العراقية، فراس الجنابي لـ"العربي الجديد"، أن "هناك عدة أبحاث لرصد تلك الظاهرة الخطيرة داخل المجتمع العراقي. عمليا يمكن القول إن أكثر ما مر به العراق من سنوات عنف وإرهاب وفقر سبب مباشر لاتساع رقعة المصابين بالأمراض النفسية، ويضاف لها ملف المخدرات، فأكثر من 40 في المئة ممن أقدموا على تلك الجرائم كانوا إما مخمورين أو متعاطين لمواد مخدرة مختلفة".