استيقظ المصريون، صباح الاثنين الماضي، على نبأ انتحار جديد، أضيف إلى قائمة المنتحرين الطويلة خلال شهر سبتمبر/أيلول الماضي. فقد أقدم مجنّد في القوات المسلحة، على الانتحار شنقاً، في محافظة الأقصر، بسبب أزمة نفسية، بحسب التقارير.
وسبق هذه الحالة، انتحار سائق مصري شنقاً، على لوحة إعلانات على طريق القاهرة- الإسماعيلية لضائقة مالية.
فيما شهد سبتمبر 11 حالة انتحار. وكان من بين المنتحرين 3 سيدات وطفلة. ويعود الانتحار الى سوء الأوضاع المعيشية، وغيرها من المشاكل الاجتماعية. فيما كان الأسبوع الأخير من سبتمبر هو الأسوأ طوال الشهر، بعد أن شهد 6 حالات انتحار.
وتفيد دراسة صدرت عام 2013، للباحث المصري، ياسر ثابت، في كتاب بعنوان "شهقة اليائسين"، أنّ حالات الانتحار في مصر زادت بنسبة 12 في المائة عام 2011، عن العام الذي سبقه. كما قال إنّ نحو 18 ألف حالة انتحار وصلت إلى مركز السموم خلال عام 2011، أغلبها رجال. وتشهد مصر سنويّاً نحو 3 آلاف حالة انتحار، لمن هم في عمر أقل من 40 سنة. فيما تقول تقارير أخرى، إنّ 5 أشخاص من بين كل ألف شخص يحاولون الانتحار بغية التخلص من مشاكلهم.
وبحسب الدراسة، فإنّ عام 2009 وحده، شهد 104 آلاف محاولة انتحار في مصر، نجح 5 آلاف منهم في إنهاء حياتهم.
وجاء الفصل الأخير من الكتاب بعنوان "أسبوع الانتحار"، وتحدث عن حالات الانتحار في مصر خلال الأسبوع الذي أعقب الثورة التونسية وسبق الثورة المصرية. وقال، إنّ النظام المصري السابق وظّف كل طاقاته لمواجهة من هدّدوا وجوده بإزهاق أرواحهم، على طريقة محمد البوعزيزي الذي أحرق نفسه، وأشعل الثورة التونسية. وأكد الباحث أنّ حالات الانتحار المستمرة بعد يناير/كانون الثاني 2011، تمثل أكبر دليل على أن هذه الثورة ما زالت مستمرة، من جهة، كما أنّ أسباب اليأس في المجتمع المصري لم تنضب بعد، من جهة أخرى.
من جانبه، يؤكد الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أنّ "جريمة الانتحار في مصر أصبحت ظاهرة خطيرة تتصاعد يوماً بعد يوم".
أرقام خطيرة ودوافع
وبحسب التقرير الصادر عن منظمة الصحة العالمية عام 2010، فإنّ هناك مليون شخص يلقون حتفهم سنويّاً جراء الانتحار في العالم. كما أوضحت المنظمة أنّ كلّ حالة انتحار تسبقها 20 محاولة فاشلة.
وأكد تقرير المنظمة أن معدلات الانتحار زادت خلال الـسنوات الخمس والأربعين الماضية بمعدل 60 في المائة. فيما من المتوقع أن ترتفع تلك المعدلات بحلول عام 2020 بنسبة 50 في المائة. لتصل أعداد المنتحرين إلى مليون ونصف مليون سنويّاً.
من جهتها تتطرق مجلة "سايكولوجي توداي" المتخصصة في علم النفس إلى أسباب الانتحار. وتقول المجلة في تقريرها، إنّ الدوافع المشتركة للانتحار حول العالم تتلخص في 6 نقاط رئيسة.
ويأتي الإحباط في طليعة الدوافع. والإحباط له الكثير من البواعث أهمها الاجتماعي. المحبط يشعر أنّ كلّ الناس سيكونون أفضل حالاً من دونه. وهو ما يشعره بتفاهة حياته، ويؤدي به في النهاية إلى الانتحار.
وفي المرتبة الثانية هنالك الذهان. وهو المرض العقلي الذي يسبب للمصاب به، ضعفاً في القدرة على التفكير المنطقي. ويأتي الانفصام في الشخصية من ضمن المرض، وهي الحالة التي تصيب 1 في المائة من البشر.
أما في المرتبة الثالثة فيأتي التسرّع. والتسرّع هنا حالة نفسية تؤدي بالشخص إلى اتخاذ قرارات من دون التفكير فيها مطولاً، وغالباً ما تكون سلبية. ومن أسبابها تعاطي المخدرات والكحول.
في المرتبة الرابعة هنالك الاتكال على الآخرين. ويعرّف نفسيّاً بأنّه عدم القدرة على القيام بأيّ شيء في استقلالية. فالمتكل يتباكى من أجل الحصول على الشيء، وعندما يعجز عن ذلك، أو يجد أبواباً مسدودة في وجهه، يلجأ إلى تناول عقاقير قد لا يظنّ أنّها ستؤدي إلى موته لكنّها تقتله. وهو في هذه الحالة يحاول يائساً، استدرار العطف من الآخر.
وتأتي في المرتبة الخامسة الرغبة الفلسفية في الموت. وهنا تنتج الرغبة في الانتحار عن باعث منطقي. غالباً ما يكون دافعه مرض مؤلم لا رجاء منه. وهي حالات تشبه إلى حدّ بعيد "الموت الرحيم"، لكن مع الإقدام عليها ذاتيّاً.
أما المرتبة السادسة، والأخيرة، في أهم دوافع الانتحار، فهو الانتحار عن طريق الخطأ. مرتكب هذا النوع لا ينوي الانتحار لكنّه يهيّئ كلّ الأجواء له. وكمثال على ذلك يمكن التحدث عن حالات الجرعات الزائدة من المخدرات.