لم تمر سوى أيام قليلة على واقعة اعتداء تلميذ على أستاذه في إحدى ثانويات مدينة وارزازات، جنوب المغرب، وضربه وسحله قبل أن يتم اعتقاله من طرف مصالح الأمن، حتى طفت حالات اعتداء جديدة أبطالها تلاميذ وضحاياها أساتذتهم في كل من مدينتي الرباط والقنيطرة، اليوم الثلاثاء.
وفي مدينة الرباط، أقدم تلميذ يبلغ من العمر 18 عاماً، ويدرس بثانوية ابن بطوطة، على الاعتداء جسدياً على أستاذ يعمل في المؤسسة التعليمية نفسها، ما دفع الإدارة إلى إبلاغ مصالح الأمن التي سارعت إلى فتح تحقيق قضائي تحت إشراف النيابة العامة المختصة، مع التلميذ المعتدي.
وأفاد بلاغ لمديرية الأمن بأن مصالح الأمن قامت، فور إعلامها بواقعة التعنيف صباح اليوم الثلاثاء، بمجموعة من الأبحاث والتحريات التي مكنت من توقيف التلميذ المخالف، كما تواصل حالياً إجراءات الاستماع للأستاذ الضحية وكذا الشهود الذين عاينوا الواقعة، وأنه سيتم تقديم التلميذ المعتدي أمام أنظار العدالة.
وفي مدينة القنيطرة، أوقف رجال الأمن، اليوم الثلاثاء، تلميذا يدرس في المعهد العالي للتكنولوجيا التطبيقية، بسبب قيامه بالاعتداء الجسدي على أستاذ بالمؤسسة التعليمية نفسها، من خلال لكمه على مستوى فمه وجبهته، ما تسبب برضوض وكدمات للأستاذ.
وفي هذا السياق، عقد مجلس المستشارين (الغرفة الثانية للبرلمان)، اليوم، جلسة للأسئلة الشفوية، اهتمت في بدايتها بموضوع تعنيف الأساتذة في المؤسسات التعليمية بالبلاد، وقال برلمانيون إن ما حدث لهؤلاء المعلمين المعتدى عليهم ينم عن مدى انحدار القيم في المؤسسات التعليمية.
وأجمع مستشارون برلمانيون على أن تعنيف وضرب الأساتذة بالمؤسسات التعليمية إعلان صريح وصارخ عن فشل المنظومة التربوية، فضلا عن فشل السياسات المتبعة من طرف الحكومات المتعاقبة في مجال التعليم، كما يوجب مساءلة صناع القرار التعليمي التربوي، ومدى نجاعة الرفع من قيمة المدرسة العمومية والعاملين فيها من معلمين وتربويين.
وعزا البرلمانيون ظاهرة الاعتداء على الأساتذة من طرف تلامذتهم وطلبتهم إلى ما سموه تراجع السلوك المدني داخل المدرسة، وتردي علاقتها مع محيطها المتعدد، قبل أن يؤكدوا على أنه لا يمكن القبول بتعنيف الأساتذة وتفشي حالات الاعتداءات حتى تحول البيت الشعري "قف للمعلم وفّه التبجيلا" إلى "اضرب المعلم ووفه التقتيلا"، وفق تعبير مستشارة برلمانية.
وتساءل آخرون "هل يتعلق الأمر بمجرد اعتداء تلميذ على أستاذ يليه اعتقال وينتهي الأمر؟ أم أن الأمر أكبر من ذلك بكثير، باعتبار أن الموضوع يتعلق بالعلاقة بين المؤسسة التعليمية والتلميذ"، فيما دعا برلمانيون مختلف المتدخلين في قطاع التعليم إلى احتضان المدرسة العمومية وإرساء حوار وطني حولها لمعرفة الاختلالات ومحاولة إيجاد الحلول التي تجعل منها فضاء تربوياً لا فضاء يفرخ العنف والاعتداءات.