ترك شهادته الجامعية بحثاً عن لقمة العيش: بائع الفاكهة

16 فبراير 2015
الكثير من الشباب لجأوا لبيع الفاكهة لمواجهة أزمة البطالة(أرشيف/AFP)
+ الخط -


لم يمنع الطقس شديد البرودة في مصر هذه الأيام أو الشهادة الجامعية، بائع الخضروات والفاكهة المتجول، عبد العاطي عبد النبي شحاتة، أن يفترش الأرض بالقرب من ميدان الجيزة بالقاهرة كعادته كل يوم ليعرض ما لديه من أنواع الفواكه على الزبائن.

وقال شحاتة، لـ"العربي الجديد"، إن لقمة العيش أصبحت صعبة على الجميع، ما اضطره إلى

اللجوء إلى هذا العمل بعد رحلة تعليمية لمدة 16 سنة، كانت لديه فيها أحلام.

وتلقى شحاتة مراحل تعليمه الأولى في إحدى قرى مركز ملوي بمحافظة المنيا (جنوب)، ثم انتقل إلى محافظة أسيوط، ليحصل على بكالوريوس الخدمة الاجتماعية، ثم انتقل للعيش في العاصمة للبحث عن فرصة عمل في ظل تفاقم البطالة في الصعيد (جنوب مصر).

وحسب إحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، تبلغ نسبة البطالة في مصر 13.3% من إجمالي قوة العمل البالغة 26 مليون عامل، كما تبلغ نسبة الفقر 26% تزداد في الصعيد، جنوب البلاد، إلى 49%، حسب الإحصائيات الرسمية.

وبائع الفاكهة لديه خمسة أبناء، (4 بنات وصبي)، كلهم يتلقون التعليم، لكنه يتخوف على وضعهم بعد انتهاء دراستهم المكلفة بدون جدوى، قائلاً: "لقد تعلمت ودخلت الجامعة، فأصبح مصيري بائع فاكهة".

ولا يخشى شحاتة على مستقبله، فقد بات مقتنعاً بأن تجارة الفاكهة هي الأنسب له، إلا أن هذا العمل لا يوفر له الأمان، فإذا تعرّض للمرض لا يجد مَن يساعده في تجارته فيخسر جزءاً كبيراً من تجارته المحدودة.

وقال شحاتة إن متوسط دخله اليومي يبلغ 50 جنيهاً، (الدولار = 7.63 جنيهات)، وهي لا تكفي لاحتياجات أسرته اليومية في ظل ارتفاع الأسعار الذي أصاب جميع السلع والخدمات، ومنها الوقود والغاز والتعليم والصحة.

يشتري شحاتة بضاعته من تجار الجملة خارج القاهرة ويضيف للكلغ متوسط من جنيه إلى 1.5 جنيه كهامش ربح، أما بعض السلع سريعة التلف، مثل الطماطم، فيضاف إليها نصف جنيه أو خمسة وسبعون قرشاً فقط، حتى يستطيع تصريفها بسرعة.

وأشار شحاته إلى تكاليف إضافية تجعل تجار التجزئة والباعة المتجولين يزيدون هامش الربح، ومنها سرعة فساد الفاكهة والنقل وكلفة التخزين بعد زيادة أسعار الكهرباء.

ووفقاً لآخر تقرير للغرف التجارية "شهدت أسعار الخضروات والفاكهة ارتفاعات متفاوتة، خلال الشهر الجاري، حيث ارتفع سعر كلغ البطاطس من 4 إلى 5 جنيهات، والليمون البلدي من 3 إلى 5 جنيهات، والخيار من 4 إلى 5 جنيهات، والكوسى من 4 إلى 6 جنيهات، والطماطم من 3 إلى 4.5 جنيهات".

بينما ارتفعت أسعار الفاكهة، حيث تراوح كلغ الموز من 5 إلى 7 جنيهات، والمانجو السكري من 6 إلى 8 جنيهات، والتفاح الأخضر من 9 إلى 11 جنيهاً، والكمثرى البلدية من 5 إلى 6.5 جنيهات، حسب تقارير الغرف التجارية.

وأضاف: "كلما تكون الفاكهة والخضروات رخيصة يكون البيع أكثر، وأول شخص يتضرر من ارتفاع الاسعار هو البائع، في ظل تراجع القدرة الشرائية للمستهلكين الذين يقللون من الكميات التي يستهلكونها، وبالتالي انخفاض حجم البيع وتراجع الأرباح".

واكد شحاتة أنه بدأ مشواره برأسمال نحو 1400 جنيه، زاد إلى 4 آلاف جنيه أخيراً، وأنه يحصل على بعض البضاعة بـ"الأجل" في الأوقات التي لا تتوافر معه السيولة النقدية.

لا يطلب بائع الفاكهة من الحياة الكثير، فقط يريد أن يكمل أبنائه تعليمهم، وتتحمل الحكومة مصاريفهم، قائلاً: "تراودني هواجس بعدم إكمال دراستهم، لأن مصاريفهم أصبحت مرتفعة جداً".

وأشار بائع الفاكهة إلى معاناة الباعة المتجولين، من مضايقات موظفي الإدارة المحلية الذين

يطلبون منهم تراخيصاً وضرائباً ورسوماً مكلفة رغم عدم امتلاكهم متاجر والاكتفاء بالبيع على الأرصفة.

وأكد شحاتة أن زوجته لا تعمل، رغم أنها حاصلة على الثانوية التجارية (مؤهل تعليمي متوسط)، في ظل تفاقم البطالة والنظرة الاجتماعية المتدنية لعمل المرأة.

وحول رأيه في التطورات السياسية، ومدى استفادته منها، قال إن "الجميع تفاءل بعد ثورة 25 يناير عام 2011، حيث كنا ننتظر حل مشاكل البطالة وارتفاع الأسعار وأزمة الإسكان، ولكن بعد مرور أربع سنوات على الثورة أصبح الوضع أسوأ من الأول، حيث عاد الفساد بشكل أكبر وتأزمت كل المجالات، ولم يجد الفقراء أية استجابة من الحكومات المتعاقبة، بل بالعكس زادت الأعباء عليهم بعد الإلغاء التدريجي للدعم وارتفاع الأسعار وتفاقم الأزمات المعيشية وتدهور الخدمات".

المساهمون