بدأت السلطات التركية، بشكل رسمي الجمعة، إجراءات منح الجنسية التركية بشكل استثنائي لعدد من اللاجئين السوريين في عدة مدن تركية، بعد فترة طويلة من الانتظار والترقب، تخللها انتشار العديد من الشائعات، بينها تراجع تركيا عن تجنيس السوريين.
وذكرت وسائل إعلامية تركية، الجمعة، أن تركيا وافقت على منح الجنسية لنحو 7 آلاف سوري بشكل استثنائي، ضمن خطة تركية لتجنيس سوريين من ذوي الكفاءات العلمية والمهنية.
بدوره، أكد الشاب السوري محمد أبو حسين (32 سنة) تلقيه رسائل على بريده الإلكتروني، تؤكد اجتيازه المراحل الست، وأنه قريباً سيتم استدعاؤه وغيره من السوريين لمنحهم الجنسية والهوية الشخصية التركية، ليعامل بعدها معاملة المواطنين الأتراك.
وعن مراحل تقديم طلب الجنسية، قال أبو حسين، لـ"العربي الجديد": "أنا أعمل محاسبا تجاريا، وزوجتي معلمة، أرسلوا لي ظرفا عبر الـ(بي تي تي) يتضمن استدعاء إلى المركز الأمني المختص، وإحضار الأوراق المطلوبة، للحصول على الجنسية التركية. وأجربت لنا مقابلة أولية، تخللتها أسئلة عن كيفية دخولنا لتركيا وعملنا ودخلنا، بعد ذلك بدأت مرحلة الدراسة الأمنية، أطول المراحل، تم خلالها التقصي عنا في الحي ومكان العمل. بعدها، أرسل لنا عبر الإيميل طلب مقابلة الوالي، وخلال المقابلة كانت هناك لجنة ممثلة لمعظم المعنيين بتركيا، من جهات أمنية وغيرها، بينهم والي المدينة".
وأشار إلى أن "مقابلة الوالي واللجنة تعني الموافقة وتخطي المراحل الأهم، من قبول وتحقق والوصول لاتخاذ القرار. وبالأمس وصلت رسائل على الإيميل، تداولها من قابلوا الوالي، تتضمن أن إدارة النفوس بالمدينة بدأت باستقبال أولى معاملات المواطنين، الذين تم اختيارهم، للحصول على الهوية الإلكترونية الجديدة، ومن المحتمل أن تنتهي الدولة التركية من كافة معاملات المواطنين الذين وصلوا إلى المرحلة السادسة خلال هذا الأسبوع، والمقدر عددهم بـ7 آلاف شخص في كل المناطق كدفعة أولى".
وبدأ، منذ الجمعة 4 أغسطس/ آب، تغيير حالة الاستعلام عن الجنسية التركية لبعض السوريين الواصلين لمرحلة إدراج أسمائهم إلى لائحة قرار منح الجنسية، وتفيد الرسالة الظاهرة على الموقع الإلكتروني لوزارة الداخلية- مديرية النفوس والمواطنة، أنه و"بعد التأكد من تحقيقك الشروط المطلوبة للجنسية، وفق القانون، تم الإقرار بمنحك الجنسية التركية. وفي إطار وعيك بحقوقك وواجباتك تجاه الدولة التركية نبارك لك، ونتمنى أن تكون مواطناً محترماً لحقوق الإنسان وحريته، وسيتم تبليغك بما يلزم من طرف الجهة المختصة".
ويعتبر السوريون الذين حصلوا على الجنسية، الجمعة، ضمن واحدة من الدفعات التي تشمل سوريين آخرين، حيث نشرت صحف تركية، الشهر الماضي، أن 7000 طلب جنسية استثنائية أصبح جاهزاً وقيد التصديق والتوقيع من قبل مجلس الوزارء التركي. كما أن دفعة جديدة من رسائل الجنسية الاستثنائية وردت إلى بعض السوريين أصحاب الشهادات وأذونات العمل قبل أسبوعين، من قبل إدارة هجرة عنتاب.
ومن المتوقع بعد إقرار منح الجنسية للدفعة الأولى تغيير حالة من هم في مرحلة البحث والتدقيق إلى مرحلة إدراج أسمائهم إلى لائحة إصدار القرار، ولا سيما أن البعض صار لهم في هذه المرحلة أكثر من 6 أشهر.
ويرى القانوني السوري، غزوان قرنفل، أن "هذا الإجراء يتّسق مع ما تملكه مؤسسة الحكم من صلاحيات بهذا الإطار، بهدف الاستفادة من الكفاءات العلمية والمهنية للسوريين، ومنحهم فرصة العيش بكامل الحقوق في تركيا، واعتبارهم مواطنين أتراكاً".
وأوضح لـ"العربي الجديد"، أن "هذا الاجراء سيرتب التزامات على السوريين المجنسين، كأداء خدمة العلم بالنسبة للأولاد، وسيلغي ما يتحصّل عليه السوريون المجنسون الذين كانوا تحت قانون الحماية المؤقتة ( من دعم مالي وخدمات مجانية)، أي سيعاملون كما المواطنين الأتراك".
ويصف قرنفل إجراء تجنيس السوريين بـ"الخطوة الإيجابية"، مبيناً أن "فيها فائدة مزدوجة للسوريين والأتراك، وهي عملية انتقائية تمت على دراسة الملفات، والأخص الملف الأمني، ويمكن أن يلحقها تجنيس آخرين، ليتجاوز العدد النهائي 300 ألف، بواقع 10% من السوريين الموجودين على الأراضي التركية".
وكانت السلطات التركية قد بدأت، منذ العام الماضي، بناء على المعلومات المتوفرة لديها، بالتواصل مع عدد من اللاجئين السوريين من حملة الشهادات (أطباء– مهندسين– مدرسين)، في ولايات مرسين وأضنة وهاتاي وقيصري، للاستفسار عن رغبتهم في الحصول على الجنسية التركية.
وتفيد مصادر مطلعة بأن السلطات التركية قامت، بناء على المعلومات المتوفرة لديها (تسجيل في دائرة حكومية – استخراج إقامة – استخراج كيمليك.. ) حول أصحاب الكفاءات والشهادات من السوريين، بالتواصل هاتفياً مع عدد منهم، وإخبارهم بإمكانية حصولهم على الجنسية إن كانوا يرغبون في ذلك.
وبعد الاتصال الهاتفي، الذي يتحول إلى زيارة للمنزل في حال تعذره، تطلب السلطات من السوري الموافق على نيل الجنسية تزويدها بنسخ عن شهادته الجامعية وثبوتياته.
أما الخطوة التالية، فتتمثل بمقابلة السلطات للشخص المراد منحه الجنسية، مع عائلته إن وجدت، علماً بأن المنح سيستفيد منه الزوج والزوجة والأطفال دون سن 18 عاماً.
وتعتبر عملية منح الجنسية للسوريين استثنائية، لأن القانون التركي يشترط الإقامة لمدة خمس سنوات وإجادة اللغة وشروطا أخرى، إلا أن السوريين بتركيا لا يطاولهم قانون منح الجنسية، لأنهم يندرجون تحت مسمى "الحماية المؤقتة" وليس اللاجئين، ما يعني عدم أحقيتهم بالحصول على الجنسية ولو وصلت إقامتهم في تركيا لأكثر من 5 سنوات وأجادوا اللغة وأقاموا استثمارات.
يشار إلى أن الجنسية لن تمنح لكل لاجئ سوري، فهناك معايير معينة للجنسية، وعادة ما تستهدف أصحاب الرساميل والشهادات العلمية العليا.
ويوجد في تركيا مليونان و750 ألف سوري مسجل، وهم يعيشون حاليا في مختلف المدن التركية.
وبإضافة غير المسجلين، يرتفع العدد الإجمالي إلى نحو أربعة ملايين، يقيمون في تركيا وفق قانون الحماية المؤقتة، الذي يتيح لهم الاستفادة من البرامج الاجتماعية والعمل في تركيا.
وفي السياق ذاته، قالت الأمم المتحدة، مساء الخميس، إن أكثر من 850 ألف لاجئ سوري في تركيا يحصلون على معونة شهرية، بمعدل 120 ليرة تركية، أي نحو 33 دولارا للشخص الواحد.
وأشار بيان صادر عن المكتب الإعلامي للأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، إلى أن برنامج المعونة الشهرية المذكورة بدأ أواخر عام 2016، بتمويل من الاتحاد الأوروبي، لافتا إلى أن تنفيذ البرنامج يتم بتعاون بين برنامج الأغذية العالمي والهلال الأحمر التركي، وأن عدد المستفيدين يشهد زيادة مستمرة مع إقبال كبير على التسجيل.
وتسببت الحرب في سورية، منذ عام 2011، بنزوح ولجوء الملايين، وتستضيف تركيا أكبر عدد من اللاجئين السوريين.